الأوَّل: أنَّ الحرفَ في اللِّسانِ العربيّ له دلالة على المعنى في نفسه، لا يُشاركُهُ غيرهُ في الدَّلالة عليه، فإذا انضَّم إليه حرفُ آخر دلَّ على معنًى جديدٍ بعلّةِ الضّميمَةِ، خلافًا لما هو معروفٌ في الصِّناعةِ النَّحويَّة، أي: أنَّ الصَّناعة النّحويَّة تُجيزُ أن يكون لفظ (الإلِه) مشتقًّا من الأصل (وَلِه) وأنَّ الواو قد أُبْدِلَتْ همزةً فصار اللَّفظ (إَلِهَ)، لكنَّ الصِّناعة الصَّوتيَّة واللِّسانيَّة تأبى ذلك؛ لأنَّ الهمزة حرفٌ مستقلُّ يدلُّ على معنى في نفسه لا يمكن لحرف الواو أن يدلَّ عليه والعكسُ صحيحٌ.
الثَّاني: استقراء مفهوم (الجمالِ) في القرآن الكريم نفسه، ودراستُهُ دراسةً لِسانيَّةً، معتمدين في ذلك على منهج تفسير القرآن بالقُرآنِ، أي: فهمُ النَّصِّ القُرآني من داخل النَّصِّ نفسه، وعدمُ إقحام معنىً من خارج النَّصِّ.
الثَّالث: التنبُّهُ للتطوُّر الدَّلالي الذي طرأ على اللفظ العربيّ في مراحلِهِ التَّاريخيَّة، فأصبح يتضمَّن معنى جديدًا مغايرًا للمعنى الذي دلَّ عليه في استعمالِهِ الأوَّل، وهو أمر في غايةِ الأهميَّة لما له من تَبعاتٍ في تحميل النَّصِّ القُرآني دلالاتٍ لا يُشير إليها اللَّفظُ، ولا يُفضي إليها السِّياق، على نحو استعمالهم للفظ (اللُّغةِ العربيَّة)، والصَّحيح (اللِّسانِ العربيّ)، فُحمِّل لفظ (اللُّغة) المشتق من (لَغَو) معنى (اللِّسان) المشتق من (لَسَنَ) وغير ذلك كثيرٌ.
ويظهرُ الاستقراءُ اللِّسانيُّ للنَّصِّ القُرآني أنَّ اللَّفظَ المشتقَّ من الجيم والميم واللام قد وردَ في أحد عشرَ موضعًا، أمَّا لفظ (جَمالٌ) فلم يرد بهذه الصِّيغة إلا في موضع واحدٍ فقط، وهو قوله تعالى: وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ[النحل: 6]، والسَّياقُ يدلُّ دلالَةً لا يتطرَّقُ إليها الاحتمال أنَّ المراد بالجمال الخير وما يتعلَّق به، ولا يُراد الزِّينة بحالٍ، إذ لو كان معنى الزِّينة اللافتة لعَيْنِ النَّاظرِ مرادًا بعينه لعبَّر عن ذلك بلفظه الصَّريح الذي استعملَه النَّصُّ القرآني في مواضع أخرى، كقوله تعالى: إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ [الصافات: 6].
أمَّا لفظ (جَميل) على مِثالٍ (فَعيلٍ) فقد ورد بهذه الصِّيغة في سبعة مواضع، وهي قوله تعالى: قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ [يوسف: 18]، وقوله تعالى: قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ [يوسف: 83]، وقوله تعالى: وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ [الحجر: 85]، وقوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا[الأحزاب: 28]، وقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا [الأحزاب: 49]، وقوله تعالى: فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا[المعارج: 5]، وأخيرًا قوله تعالى: وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا [المزمل: 10].
ولاشكَّ أنَّ الدِّراسةَ اللِّسانيَّة والسِّياقيَّة لهذه المواضع السَّبعة لا تُشيرُ إلى دلالةٍ محسوسةٍ مجرَّدة، أي: الجمال بالمفهوم الشَّائع؛ وإنَّما تدلُّ دلالة واضحةً على معنى نفسيٍّ مرتبِطٍ بالصَّبْرِ والصَّفح وغيرِهِما، وهو نقيضُ القُبْحِ، لأنَّ القُبْحَ من الصِّفاتِ الخُلُقيَّةِ والنَّفسيَّة المرتبطة بالأفعال؛ أي: الفعلُ الشَّنيع المستهجنُ والمستكره، ولا علاقة له بالصِّفات الخَلْقيَّةِ، ومنه قوله تعالى: وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُم مِّنَ الْمَقْبُوحِينَ [القصص: 42].
وتجدرُ الإشارَةُ إلى أنَّ لفظ (جَميل) قد ورد في موضعين من المواضع السَّبعة في سورة يوسف نفسها، ولم يُقْصَدُ منهما المعنى المحسوسُ المُجرّد كما أسلفْتُ، فمن أين جاء وصفُ يوسفَ عليه السَّلام بالجمالِ الخارِقِ الذي لا نظيرَ لَهُ؟! وكيف أُلصقَ هذا الوصفُ به دون غيرِهِ؟ وما هو الشَّيءُ أو الفِعْلُ الذي اشتهرَ بِهِ -كما نصَّ القُرآن الكريم نفسه على ذلك-، وأدَّى إلى مراودَةِ امرأةِ العزيز ونسوة المدينة له؟!
بل إنَّ الاعتماد على تَرتيل الآيات ذات الموضوع الواحد في القرآن الكريم تُبرْهِنُ على خلاف المفهوم التُراثيّ المزيَّف المُدعي لاشتهار يوسف عليه السلام بالجَمالِ، فقد قال تعالى: وَجَاء إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُواْ عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ [يوسف: 58]، فكيف يُعقَلُ أن يشتهر بجمال خارِقٍ مميَّزٍ يشيع وصفُهُ في الآفاق، ويغيبُ هذا عن أخوتِهِ الذين دخلوا عليه ولم يعرفوه؟!
والحقيقة المغيَّبةُ التي أكَّدَها النَّصُّ القُرآني نفسُهُ هي اشتهار يوسفَ عليه السَّلام بشيءٍ خصَّه الله بِهِ دون غيره من الأنبياء، وهو (تأويل الأحاديث)، ولا يُقصَدُ بالتَّأويل الشَّرْحُ أو التَّفسير على ما هو مشهور، وإنَّما المقصود: معرفة مُنتهى الأمر ومآلِهُ؛ لذلك طُلِبَ منه معرفَةُ مآلِ الرُّؤيا في الموضعين:
الأوَّل في قوله تعالى: وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَاْ أُنَبِّئُكُم بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَّعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ [يوسف: 45-46].
والثَّاني في قوله تعالى: قَالَ لاَ يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَن يَأْتِيكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي [يوسف: 37]، وأكَّدَ يوسفُ عليه السَّلامُ نفسُهُ مُصَرِّحًا بغاية الأمر ومنتهاه لِمَا جرى معه في مرحلة الطَّفولة إذ قال: وَقَالَ يَا أَبَتِ هَـذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا [يوسف: 100].
وقد نصَّ القُرآنُ الكريم على ميزةِ (تأويل الأحاديث) واختصاص يوسف عليه السَّلام بها في ثلاثة مواضع من السُّورة نفسها، ولم تردِ في غيرها في القرآن الكريم، وقد رافقته مراحل حياتِهِ كُلِّها، والتي يُمكن تقسيمها إلى ثلاثة مراحل: مرحلةِ الطُّفولَةِ، ومرحلة العُبوديَّة، ومرحلةِ السِّيادَةِ والرِّئاسة، فأمَّا مرحلة الطَّفولة فقال تعالى في شأنها: وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [يوسف: 6]، وقال في مرحلة العبوديَّة: وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ [يوسف: 21]، وقال في مرحلة الرِّئاسة: رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ [يوسف: 101]، مع التَّنبيه على الصِّيغة التي وردَت في اللَّفظ في المرحلة الثَّالثة، وهي: ﴿علَّمْتَنِي﴾ بخلاف المرحلتين السَّابقتين إذ قال: ﴿يُعَلِّمُكَ﴾ و﴿نُعَلِّمِهُ﴾؛ إشارةً إلى أنَّ التَّعليم قد اكتملَ وانتهى في المرحلة الأخيرة.
وهذه الميزة هي في الحقيقة التي جعلت امرأةَ العزيز ونسوة المدينة يراودْنه عن نفسه، لتستأثر كلُّ واحدِةٍ منهنَّ به وتستخلصه لنفسها؛ لذلك لما سمعَتِ امرأة العزيز بمكرِهِنَّ قالت له: ﴿اُخْرُجْ عَلَيهِنَّ﴾، ولم يقل النصُّ (اخرج إليهنَّ)، قال تعالى: فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ [يوسف: 31]، والفرق بين تأكيد النَّصِّ القُرآني قوله تعالى: ﴿عَلَيهِنَّ﴾ والفهم الشائع (إليهنّ) كبير جدًّا، مردُّه -من وجهة نظري- إلى محاولَةِ إقحام معنى (الجمال) الخُلُقي وإلصاقه بيوسفَ عليه السَّلام، الأمرُ الذي ينفيه النصُّ نفسُهُ، ويأباه السِّياقُ القرآنيّ.
وكما غُيِّبَ اشتهارُهُ بتأويل الأحاديث الذي نصَّ عليه القرآن الكريم كذلك غُيِّبَ فعلُ المراوَدَةِ الحاصلة من مجموعة النِّساء اللواتي خرج عليهنَّ، واقتصرَ المفهوم التُّراثي على مراودة امرأة العزيز دون غيرها، وهو ما يردُّه النصُّ القرآني نفسه فقال تعالى: قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ [يوسف: 51]، ففعلُ المراودة حاصلٌ من مجموع النِّساء وليس من امرأة واحدةٍ فحسب؛ واعتمادًا على ترتيل النصِّ القرآني يُبيِنُ لنا ماهيَّة فعل المراودة وهو (تقطيع اليد) الوارد في قوله تعالى: فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا هَـذَا بَشَرًا إِنْ هَـذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ [يوسف: 31]، ولا يرادُ من قطع اليد هنا البَتْرُ أو الفصل كما هو مشهورٌ أيضًا، وإنَّما المنازعة والمساومة للاستئثار بيوسف عليه السلام، كلُّ واحدَةٍ بحسب قوَّتها ومنزلتها؛ لأنَّ (اليدَ) لا يُقصَدُ منها العضو المعروف من الجسم كما يبدو لأوَّل وهلَةٍ، وإنَّما المقصود القوَّة، لذلك سُمي العضو في الجسم بذلك؛ لأنَّه موضع القوَّة فيه، وقد ورد لفظ (اليد) بمعنى القوَّة في مواضع أخرى من القرآن الكريم، كقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ [الفتح: 10]، ولا يختلف اثنان على أنَّ المراد من اليد في هذا الموضع معنى القوَّة؛ لأنَّ الله جلَّ وعلا منزَّه عن التَّشبيه والتَّمثيل، ونظيره قوله تعالى: وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ [الذاريات: 4].
وإن كان لابدَّ من وصفِ يوسف عليه السَّلام -إضافة إلى ما اشتهر به من تأويل الأحاديث-بوصف آخر، فالصواب أن يُوصف بالإحسان لا بالجمال، إذ نصَّ القُرآن على ذلك في عدَّة مواضع من السُّورة نفسها، فقال تعالى: وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ [يوسف: 22]، وقال: وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانَ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِين [يوسف: 36]، وقال: وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاء نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاء وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ [يوسف: 56]، وقال: قَالُواْ يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ [يوسف: 78]، وقال: قَالُواْ أَإِنَّكَ لَأَنتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَاْ يُوسُفُ وَهَـذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ [يوسف: 90].