ناقشَ سامر إسلامبولي، الباحث والمفكر السوري، خلال لقائه د.باسم الجمل، عبر برنامج "مفاهيم" مجموعة من المفاهيم القرآنية والمسميات في النص القرآني وَفق قاعدة أو آلية اللسان العربي المبين، مثل لفظة "إسرائيل"، ولفظة "يهود"، ولفظة "نصارى"، ولفظة "مؤمنين"، و"مشركين"، و"كافرين"، و"مجوس"، وأن هذه الألفاظ فُهم في المدى الذي تطور فيه الفقه الإسلامي؛ أنها عبارة عن مجموعات عرقية أي "يهود"؛ مع أنه يهود فيه مجموعة من الناس عندهم عرق اسمه يهودي ونصارى أو دين، وأن بني إسرائيل نفس العملية، وأن المشركين والكافرين.. كلها عبارة عن مجموعات بشرية محددة وبعضها أخذ بُعداً عرقياً جينياً؛ لكن أي متدبر للنص القرآني سيجد أن هذه عبارة عن ألفاظ وصفية، ألفاظ وصف سلوكي لحالات محددة؛ لحالات فهم فكري أو فهم أيديولوجي لنمط ما من الحياة.
بنو إسرائيل واليهود والنصارى.. وَفق آلية اللسان العربي
وأجاب سامر إسلامبولي عن سؤال "لو بِدنا نطبق آلية اللسان العربي على هامش هذه الألفاظ، ما النتيجة التي قد نحصل عليها عند قراءتها.. لنفترض مثلاً بني إسرائيل، اليهود، النصارى، المجوس، المؤمنين، الكافرين، المشركين.. هل هذه التسميات حقيقةً مسميات لمجموعات بشرية ذات خصوصيات محددة أم لمجموعات بشرية ذات سلوك محدد؟"، قائلاً: "تعامل المسلمين مع القرآن كان تعاملاً تاريخياً؛ فهذا شيء طبيعي، كل مجتمع يتعامل مع القرآن ويسقط المفاهيم على أحداثه؛ لكن المشكلة أن هذه الإسقاطات تم انتقالها إلى المجتمع اللاحق، فأخذ الإسقاطات وترك التفاعل مع النص القرآني، فالذي حصل أن جمدَ النص القرآني واستمرت الإسقاطات التاريخية؛ فارتبطت هذه الإسقاطات بهذه المفاهيم، سواء بني إسرائيل أو اليهود أو النصارى، حسب ما فهمهم المجتمع السابق، وظنوا أنه فعلاً هذا هو تدبر النص القرآني.. إذا ندخل نحن على النص القرآني نتعامل معه بمعزل عن التاريخ، التاريخ ليس مصدراً دينياً إطلاقاً؛ التاريخ دليله جزئي ونسبي وظني، والقرآن قطعي الثبوت، القرآن كلام الله، القرآن نزل بلسان عربي مبين؛ فله منهجية وله مفاتيح موجودة في داخله، فلنتعامل معه مباشرةً دون أي وسيط بيننا وبينه، فإذا دخلنا من هذا المدخل إلى النص القرآني نجد من إحدى القواعد اللسانية أن القرآن يستخدم الكلمات المركبة مع بعضها؛ يسمونها نحتاً، ينحت كلمة من عدة كلمات، ويعرضها بكلمة واحدة، وهذا الآن مستخدم في معظم المجتمعات؛ وقت مثلاً اسم منظمة يكون طويلاً، أربع أو خمس كلمات، يختصرونه عندما يختارون أول حرف من أول كلمة، يضعون هذا الرمز، بس طبعاً استخدام اعتباطي، والقرآن لا، فعندما يتم نحت الكلمة يكون نحتاً علمياً منطقياً؛ منها كلمة إسرائيل".
" إسرائيل" كلمة مؤلفة من "إسراء" و"إيل"
وأضاف الباحث والمفكر السوري: "إسرائيل ليست كلمة واحدة، وإنما هي كلمة مؤلفة من كلمتَين؛ بتحليلها يعني هل توجد كلمات مركبة في النص القرآني، من أكثر من كلمة؟ نعم يوجد، وعند دراستها لا تدرس على وضعها الراهن؛ لا بد من تحليلها، وأُرجع كل كلمة إلى جذرها وضبط المفهوم، ثم نرجع إلى الكلمة وندرسها.. (إسرائيل) كلمة مؤلفة من (إسراء) و(إيل)، مقطعَين؛ (إسراء) من فعل (سرى) الجذر الثلاثي (سرى)، (سرى) تعني الحركة الحرة المكررة بامتداد زمكاني (سرى)، ولا يشترط لهذا الفعل أن يحصل في الليل كما هو شائع؛ أن (سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً)؛ فظنوا أن كلمة (ليلاً) هي شرط لازم لفعل الإسراء. لا؛ لأنه لو كان الإسراء يشترط له في الليل لما كان ينبغي ذكر كلمة الليل في النص (سبحان الذي أسرى بعبده) دون ذكر كلمة الليل.. حركة الإسراء أو السرى يحصل في الليل ويحصل في النهار، ليست مشترطة في الزمن، هذه الإسرائيل (إيل) من (آل) بالأصل، صارت إيل/ آل، هو رجوع الشيء إلى أصله، إلى أوله من آلة، اجتمع اشتقاق (إيل) كاسم لله باللسان العربي البدائي، ويعنون بها أن الله هو المرجع وكل شيء يرجع إليه، فهو القوة العظمى المطلقة الذي يرجع إليه كل شيء من (آل/ إيل)، تطورت إلى أن صارت الله، صارت، فصار إسراء/ إيل، فإذن سرى هي حركة بحثية (إيل) الله، فصار الباحث عن الله إسرائيل، مفهوم كلمة إسرائيل الباحث عن الله".
إسرائيل.. الباحث عن الله وعن الحق والحقيقة
وتابع سامر إسلامبولي رداً على "يعني على غرار كلمة (عبد الله) مثلاً؟": "كلمة (عبد الله) مضافة؛ إنما لا تعني البحث، هذه كلمتان منفصلتان من بعض، بس مضافة لبعض، لما هي كلمة واحدة مركبة؛ إسرائيل الباحث عن الله، الله هو الحق، من أسمائه الباحث عن الحق؛ كلمات كلها صواب، الباحث عن الحقيقة، صواب.. تساهلوا أكثر، فقالوا إسرائيل يعني عبد الله، أما هي فلا تعني عبد الله، هي الباحث عن الله، الباحث عن الحق، الباحث عن الحقيقة؛ هذا إسرائيل. إسرائيل ليس اسم علم لشخص، إنما هو وصف له؛ ليس الشخص، اسم إسرائيل صفة تحققت بهذا الشخص".
وجَعَلْناهُ هُدًى لِبَنِي إسْرائِيلَ.. المقصود ببني إسرائيل
وأجاب الباحث والمفكر السوري عن سؤال "عند العودة للآية في سورة الإسراء؛ التي كانت تسمونها سورة بني إسرائيل (وآتَيْنا مُوسى الكِتابَ وجَعَلْناهُ هُدًى لِبَنِي إسْرائِيلَ ألّا تَتَّخِذُوا مِن دُونِي وكِيلًا ذُرِّيَّةَ مَن حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ إنَّهُ كانَ عَبْدًا شَكُورًا)، ما المقصود هنا ببني إسرائيل؟"، قائلاً: "(إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا) راجع للنبي مُوسى، وليس لِإسرائيل.. ولا يكون الرجوع للأقرب؛ فليست قاعدة ترجع للأقرب، الأصل في رجوع الضمير إلى ما يناسبه، ففي هذا السياق النبي موسى هو أفضل من إسرائيل، وهو النبي، وهو المعني بالحوار، وهو محور خطاب السياق كله.. (إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا) عن النبي مُوسى، ليس عن إسرائيل.. إسرائيل لم يُوحَ إليه بشيء، وليس نبياً الذي وصف بإسرائيل. طبعاً إسرائيل هو قبل النبي موسى كزمن.. النص القرآني مَن يدرسه يرى أن إسرائيل دائماً يُذكر بعد النبي إبراهيم أو معه؛ فلذلك ترجح لي أن إسرائيل كان معاصراً للنبي إبراهيم وليس مع النبي نوح".
مَن هم ذرية مَن حملنا مع نوح؟
وأضاف الباحث والمفكر السوري رداً على: "مَن هم ذرية مَن حملنا مع نوح؛ هل ذرية مَن حملنا مع نوح الأب مثلاً، هو الذي حمل مع نوح؟: "لا؛ هنا الذي أشكل عندهم أنهم قد شعروا أن إسرائيل كان مع النبي نوح ومزامنه.. الموضوع هنا أن هذا الشخص الذي خرجت ذرية منه في ما بعد هو نفسه من ذرية مَن حملنا مع نوح. إسرائيل ليس من ذرية النبي نوح، النبي نوح وقت ركَّب السفينة، ركَّب عدة ذريات؛ ركب ذريته، وركب ذرية من آدم، وركب الذرية الثالثة، اللي هي ليست من آدم أصلاً، ليسوا من آدم المصطفى، اللي صارت ذرية إسرائيل، إسرائيل جاء منها؛ لأن آدم ليس واحداً".
لماذا لا يكون إسرائيل من الذين حُملوا مع نوح؟
وأجاب سامر إسلامبولي عن سؤال "لماذا لا يكون إسرائيل من الذين حُملوا مع نوح، وتم استحداث ذرية؟"، قائلاً: "وَفق النص هنا أن إسرائيل هو معاصر للنبي إبراهيم ومتأخر في وجوده اللي موصوف بإسرائيل. أما ذرية مَن حملنا فيشير هنا النص القرآني إلى أنه إسرائيل، وذريته ليسوا من ذرية النبي إبراهيم، وليسوا من ذرية النبي نوح، ليسوا من ذرية آدم المصطفى".
لا يوجد نبي من بني إسرائيل
وتابع سامر إسلامبولي رداً على "يعني هل بنو إسرائيل عرق آخر؟": "سمِّه عرقاً؛ من آدم غير المصطفى، آدم ثانٍ. بس طبعاً بشر وإنسان؛ بس من ذرية ثانية، الذريات كلها متداخلة مع بعضها؛ لذلك إذا تابعنا في القرآن نجد أن الرب حصر النبوة بذرية النبي نوح أو إبراهيم فقط، ما فيه نبي من بني إسرائيل.. ما فيه بنو إسرائيل، لا يوجد، وجعلنا فيهم، ثم بعث النبيين سواء من ذرية النبي نوح أو إبراهيم أو من تداخل ذريتَين مع بعض في بني إسرائيل. أما ما فيه إنسان من بني إسرائيل صار نبياً".
واستكمل الباحث والمفكر السوري رداً على "وجعلنا في ذريته النبوة": "(وجعلنا في ذريته النبوة)؛ كان الأنبياء يبعثون في بني إسرائيل، وبالتالي هنا النبي موسى مش من بني إسرائيل.. هو ليس من بني إسرائيل؛ لكن النبي موسى بالذات لأنه في النقطة هنا الذرية/ النبوة، إما أن تكون ذرية النبي نوح وإما النبي إبراهيم وإما من تداخل الذريتَين.. يا هذا، يا هذا، يا من تداخل الذريتَين. لا يوجد نبي إلا يا من ذرية نوح أو من ذرية إبراهيم، يا من تداخل الذريتَين، يا من طرف أحد والدَيه من ذرية أحد النبيين. فالنبي موسى من هذا الموضوع".
وقال سامر إسلامبولي رداً على: "الشائع في الناس أنه الأنبياء غالبيتهم من بني إسرائيل؟": "لأنه بعث الأنبياء في بني إسرائيل.. ولا توجد آيات تدل على ذلك".
النبوة في النبي نوح أو النبي إبراهيم فقط
وناقش إسلامبولي قوله تعالى " وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ"، قائلاً: "فيهم هنا غير منهم؛ النص اللي جاي هو وجعلنا النبوة في النبي نوح أو النبي إبراهيم فقط، وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب. اللي هو النبي نوح والنبي ابراهيم فقط. فإذن هذا هو إسرائيل؛ شخص كان معاصراً للنبي إبراهيم، ليس هو النبي يعقوب، كما هو شائع، النبي يعقوب هو حفيد للنبي إبراهيم. يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم. إسرائيل قبل النبي يعقوب، ابن النبي إسحاق. وإذن يُقال إنه مثلاً كان إسرائيل راكباً مع سفينة نوح. فأكيد ليس هو النبي يعقوب أيضاً. لمَن يقول إنه أيضاً، على الحالتَين هو ليس النبي يعقوب. يعني هذه الفكرة لازم نثبتها؛ سواء أكنا بذلك أم بذلك، إذن إسرائيل ليس النبي يعقوب. هنا الفكرة المهمة.. فلذلك المعروضة بالتراث سواء عند أهل الكتاب أو عند المسلمين؛ أنه النبي يعقوب صارع الرب وغلبه، ومن ثمَّ أنه ما بتركك لحتى تباركني، فباركه، فسمي إسرائيل وسموها من الأسر وليس من سرى، ده الخطأ اللساني، من الأسر؛ أسره".
وأضاف الباحث والمفكر السوري رداً على "في الترجمة العربي للأسفار اليهودية، عبد الله في أسره، فيه عبد الله": "أسر، أسره؛ فالنبي يعقوب هو عبد الله، وهو أسر الرب فباركه. فسموه إسرائيل؛ أسر الرب".
إسرائيل صارع الرب.. باطل جملة وتفصيلاً
وتابع إسلامبولي رداً على "صارع الرب؟": "هذا الكلام غير صواب. وباطل جملة وتفصيلاً، يعني موضوعياً.. فإذن النبي يعقوب ليس إسرائيل، وإسرائيل ليس النبي يعقوب؛ شخصان منفردان مع بعض، مختلفان تماماً؛ إسرائيل قبل النبي يعقوب، وليس جداً للنبي يعقوب إطلاقاً. ذرية إسرائيل وذرية النبي إبراهيم وذرية نوح؛ ثلاث ذريات تكاثرت في هذه المنطقة. اللي يسمونهم العرب؛ فعملياً الأورومو للعرب هنا، الذريات الثلاث الأساسية؛ ذرية إسرائيل وذرية إبراهيم وذرية نوح".
خطأ شائع.. تسمية اصطلاحية جديدة
وأجاب الباحث والمفكر السوري عن سؤال "لماذا سُميت تلك الذراري بالعرب؟ على أي أساس؟"، قائلاً: "هذا خطأ شائع، تسمية اصطلاحية جديدة، ليست قديمة. سابقاً كان كل قوم باسم جدهم الأعلى أو باسم منطقة؛ مثل العبرانيين مثلاً لأنهم عبروا، أو الكنعانيين أو العدنانيين؛ فكان الاسم ينسب إما إلى الجد الأعلى أو إلى حدث، أما كلمتا عرب وأعراب فكان يستخدمهما العرب. يعني خطأ شائع عَم نستخدمه دائماً نحن؛ كانوا يستخدمونها صفات، ما يستخدمونها قوميات".
العرب ليست قومية بل صفة.. كيف سُمي العرب عرباً؟
وأضاف الباحث والمفكر السوري رداً على "هل يمكن إطلاق مثلاً أنه سُمي العرب عرباً لأنهم نطقوا باللسان العربي المبين مثلاً؟": "هذا سموه من قِبل غيرهم؛ اللي يُسمي أهل المنطقة هو سكانها. وقت كانوا عَم يتكلمون باللسان العربي، وساكنين بالمنطقة العربية؛ فسموهم سكان المنطقة العربية، ومع الزمن تم اختصار (العرب). أما ما فيه قوم اسمهم العرب؛ لأن العرب ليست قومية، هي صفة، العرب صفة بنيوية سلوكية، والعربي هو الشيء الذي يقوم على أصله وَفق خلقه، وَفق النظام الذي خلق به على أصالته وطهارته، اسمه عربي. لذلك يستعملون سمناً عربياً، حصاناً عربياً، ما فيه قوميات. الأعرابي من خرج عن عربيته؛ لذلك مثلاً بلسان العرب لابن منظور، يقول إنه إذا قيل للبدوي القادم للمدينة، إذا قيل له (يا أعرابي)، يشخط ويزبد ويرعد ويغضب. وإذا قيل له (يا عربي) يهش ويبش؛ لأن العربي مدح، والأعرابي ذنب".
لماذا نقول قالت الأعراب؟
وأجاب سامر إسلامبولي عن سؤال "إذن لماذا نقول قالت الأعراب؟"، قائلاً: "طبعاً بالقرآن ذنب ليس قال العرب، ولا قال الناس الأعراب.. عَم يحكي عن قوم معينين لهم صفات خاصة اكتسبوها. ليست هي خلقية جينية أو قومية. فإذن كلمة عرب ليست قومية إطلاقاً. بنو إسرائيل ليس مصطلحاً دينياً ولا فكرياً؛ وإنما هو مصطلح قومي. هؤلاء أبناء هاد؛ مثل كل العدنانيين، إسرائيليين، ذرية فقط. لا تدل على دين إطلاقاً، وليست ذنبَ إسرائيل".
هل بنو آدم مجرد ذرية فقط؟
وأجاب إسلامبولي أيضاً عن سؤال "هل بنو آدم مجرد ذرية فقط؟"، قائلاً: "بنو آدم طبعاً من البناء"، مضيفاً رداً على "لماذا لم يستخدم القرآن ذرية أو لا ذرية آدم موجود في النص؛ هل فيه تعبير ذرية آدم؟": "ما مرتبط؛ بس ما فيه مشكلة تكون فيه ذرية؛ لأنه في أكثر من آدم. فبنو آدم. آدم طبعاً بالقرآن كلمة عامة كبيرة. ممكن يطلق فيها على الشخص وممكن يطلق على أصل الخلق اللي هو آدم الأرض. يا بني آدم؛ ممكن أنت تقول يعني يا بني التراب، يا بني الطين؛ لأنه آدم، هذا آدم الأول. فكله صواب؛ آدم ليس نبياً طبعاً، يعني خلاف ما يُشاع أنه الله، آدم نبي. لا؛ آدم ليس نبياً؛ لأنه هو اسم شخص معين بالأصل مجموعة".
تفسير معنى آدم لسانياً
وقال الباحث والمفكر السوري: " (آدم) يقولون أديم الأرض؛ فعملياً أن هذا الكائن تم خلقه من مجموعة العناصر الموجودة في التربة. ليس أنه تراب هو اسم عنصر، اسم مجموعة كبيرة من العناصر أسهمت ضمن فاعلية معينة؛ فلذلك سُمي هذا المخلوق (آدم)، ليس اسم علم لفلان من الناس"، مضيفاً رداً على "لا لا، آدم هو اسم عملية تصنيع يعني؟": "نعم؛ بشكل توصيفه له، فسمي اسماً بس ليس شخصاً هو، فصار المجموعة. فهذه المفاهيم كلها محتملة يعني مقبولة؛ لأنه كلها عَم تلتقي مع بعضها".
عودة لبني إسرائيل
وتابع سامر إسلامبولي: "لا يوجد ولا نبي من بني إسرائيل إطلاقاً؛ كون إسرائيل معاصرةً للنبي إبراهيم يعني فيه من ذرية إسرائيل مَن اتبع إبراهيم، ومن اتبع إسماعيل ومَن اتبع إسحاق ومن اتبع يعقوب ومن اتبع المسيح. مع الزمن. مَن اتبع النبي محمد. فإذن إسرائيلي لا تعني أنه هو تابع لنبي معين؛ لا، لأن إسرائيل هي حالة قومية، صارت ذرية.. ممكن يتبع النبي إبراهيم، ممكن يتبع النبي إسماعيل، ممكن يتبع الأنبياء كل في ما بعد اللي جاءت، ممكن يتبع النبي محمد، عادي، ممكن يكفر. فإذن لا توجد علاقة ما بين مفهوم إسرائيل أو بني إسرائيل والدين اللي يتبعه الإنسان".
بنو إسرائيل.. معلومات القرآن التاريخية قطعية الثبوت
وأضاف الباحث والمفكر السوري رداً على "لماذا في القرآن كل التركيز أو الكثير من التركيز على أن (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ)؟": "وهذا من أحد الأدلة القرآنية، وهو خبر تاريخي ثابت في القرآن، والقرآن من مصدر تاريخي بهذه الأمور التي ذكرها، ثابتة، بخلاف مصدر التاريخ الإنساني، ظني. بينما المعلومات التاريخية التي ذكرها القرآن قطعية الثبوت؛ كونه نؤمن نحن بأن القرآن من عند الله. هذا يعني أن النبي محمد بُعث في بني إسرائيل أيضاً؛ يعني القبائل الموجودة في شبه الجزيرة العربية معظمها من ذرية بني إسرائيل، معظمها. النبي محمد بُعث فيها. كما بُعث النبي مثلاً إسحاق ويعقوب وكل الأنبياء؛ لذلك كان بنو إسرائيل أنه وقتلهم الأنبياء؛ لأن الأنبياء بُعثوا فيهم وليس منهم، فإذن النبي محمد بُعث لبني إسرائيل، نعم، وبُعث للناس جميعاً، نعم".
النبي محمد رسالته عالمية.. واليمن أصفى ذريات العالم
وتابع سامر إسلامبولي: "وبُعث في بني إسرائيل لا يعني أن هؤلاء ليس مُبعوث لهم، يعني ذرية النبي إبراهيم، ذرية النبي نوح اللي عايشين في المنطقة؛ لا يعني أن النبي محمد ما بُعث لهم أيضاً، لأن رسالته عالمية في الأصل. بس أهم ذرية موجودة في هذه المنطقة وأكثرها عدداً وتكاثروا، هم بنو إسرائيل. لذلك يقولون بني إسرائيل هم أرومو ما يُسمى سكان العرب بمنطقة شبه الجزيرة العربية، هم الأصل، لا ينفي وجود غيرهم. بس هم الأصل والذين تكاثروا وملكوا هذه الأرض. ما باحكي عن اليهود، إسرائيل فقط. فمَن هم إسرائيل؟ هم سكان المنطقة نفسهم؛ اللي بنسميهم عرباً حالياً، معظمهم من بني إسرائيل. بجانب فيه من ذرية النبي إبراهيم وإسماعيل. هذا غير هذا؛ بس هذه الذرية موجودة بقلب الذرية، لذلك صار فيه تداخل بالذرية، تمازج التداخل. التداخل في الذريات مع الزمن والتداخل والامتزاج صار صعباً جداً أن تميِّز الذريات عن بعضها؛ لأنه كمان انتهت مهمتها كتمييز. سابقاً كان فيه تمييز وتصنيف؛ يعني مثلاً اليمن يقال إنه الدولة الوحيدة في العالم اللي ما زالت محافظة على أنسابها، ما فيها اختلاط؛ لعدم وجود الهجرات إليها. الهجرات كانت تطلع منها، وما أحد هجر إليها وقعد فيها واختلط مع سكان المنطقة؛ فلذلك نسب وذريات من أصفى الذريات في العالم".
الله لا يلعن ذرية.. إشكالية لعن بني إسرائيل في القرآن
وقال الباحث والمفكر السوري: "ما فيه لعن لبني إسرائيل.. لعن اليهود؛ الله ما بيلعن ذرية، مو ليست محل اللعن، اللعن لعن سلوكي للحالة اليهودية. فإذن بنو إسرائيل هم من سكان المنطقة، نحن بنو إسرائيل، صار في لعب بالتاريخ، صار فيه تزوير في التاريخ، صار فيه دمج مفاهيم، كلمات مع بعضها؛ لتضيع حقائق معينة، لنشر البغضاء والحقد والكراهية بين الذريات. وانتحال بعض الذريات لتاريخ معين. كل هذا أسهم في تشويه هذا الأمر. دخلت نحن ثقافتنا الإسلامية من ثقافة أهل الكتاب. يعني ما أراد أهل الكتاب من مفاهيم ومن تثبيت أحداث تاريخية تم دسها تحت ظلال القرآن باسم التفسير، وانتشرت في الأمة الإسلامية كثقافة".
يا بني آدم/ يا بني إسرائيل
وأجاب إسلامبولي عن سؤال "فيه بالقرآن نداءان فقط محددان ينادي فيهما القرآن (يا بني آدم/ يا بني إسرائيل)؛ هل يعني أنه نحن نتحدث عن مجموعتَين بشريتَين يعني بعرقَين مختلفَين أم ما المقصود بهما؟"، قائلاً: "هل هم كتفعيل حسب المنهج اللي احنا متبنينه ومتفعل. يا بني آدم هو خطابه الجنس، إنساني؛ جميع بني آدم. يا بني إسرائيل، عَم تأخذ دلالتَين؛ للذرية نفسها، يا بني إسرائيل، ومن ثمَّ تفعيل النص يا بني، الباحثين عن الحقيقة. تخصصت، صار.. ليس كل بني آدم باحثاً عن الحقيقة؛ لا فيه منهم باحثون عن الحقيقة، فصار فيه خطاب موجه لهم. دوّن في الأول.. صاروا اتنين سوا".
وأضاف الباحث والمفكر السوري رداً على "نحن قلنا إنه لفظة إسرائيل، إنه إسرائيل ذاته الشخص الذي حمل هذه الصفة، هو الباحث عنها، هل الذرية أيضاً باحثة؟": "ورث هو هذا المنهج لذريته؛ لا يعني طبعاً حملها بشكل فردي واحد، ما الذرية ككل حملته.. والإثبات على ذلك هو الواقع التاريخي؛ معظم الحضارات موجودة في هذه المنطقة، شبه الجزيرة العربية وبلاد الشام، طبعاً نحكي على حالة قديمة جداً".
تسمية الدولة إسرائيل خطأ لإعطاء احترام وتعظيم لهذا الكيان
وتابع إسلامبولي: "ومصر كمان شاملة بني إسرائيل، طبعاً حضارة الأهرامات قديمة جداً. ما استمرت؛ أما الحضارات اللي تعاقبت واستمرت وصار فيه وما انقطعت، نعم، ورفض للحضارة الإنسانية إلى أن وصلنا إلى ما وصلنا إليه، هي من بني إسرائيل. من سكان المنطقة هنا. بلاد الشام، شبه الجزيرة العربية، الرافدين. فيا بني، باحثون عن الحقيقة. أخدت هذا المفهوم التفعيل، بحكم نص قرآني هو. ولم تنفِ أنه يا بني إسرائيل، هذا ذرية، هذا الواقع اللي عايشينه، أما ما لا علاقة بالدين. هذه نقطة مهمة، إسرائيل لا تعني ديناً إطلاقاً، وليست صفة ذم؛ هي مدح، يعني لذلك طبعاً تم تسمية الدولة إسرائيل. أنا برأيي تسمية خطأ؛ لسحب حالة تاريخية، وإعطاء احترام وتعظيم لهذا الكيان".
الإسرائيل واليهود والنصارى.. إشكالية الدمج
قال سامر إسلامبولي: "حصل حالة تاريخية سياسية، الصراع. أما إذا بنيجي للقرآن، (مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)، وليس نفياً عن إبراهيم اليهودية فقط.. نفى عنه النصرانية وإثبات حالة منهجية له؛ فهذا بدِّي يوصل أنه إذن اليهودية موجودة من قبل النبي موسى كيهودية.. هذا بِدِّي يوصل.. إذن اليهودية ليست هي قومية؛ لأنه معروف بالتاريخ أنه النبي موسى جاء بعد النبي إبراهيم. فإذا كانت اليهودية مثلاً قومية ومن يهوذا مثلاً أو من أية جهة أخرى، فما فيه داعي ييجي النص القرآني ينفي أن إبراهيم ما كان يهودياً".
وأضاف الباحث والمفكر السوري: "وهذه النقطة اللي بِدنا نوصلها أنه لو لم يكن اليهودية والنصرانية حالة منهجية وأسلوباً توصيفياً سلوكياً في زمن إبراهيم؛ لما كان فيه داعي نفي عنه صفة اليهودية والنصرانية".
اليهودية حالة وصفية سلوكية
وتابع إسلامبولي رداً على "ما هي الآية بترد على أن ادعاء اليهود والنصارى أنه احنا من جماعة إبراهيم؟": "نعم؛ بس أنا باقصد في رد بالآية هنا على الناس اللي بيقولوا إنه اليهودية تم استحداثها بعد النبي موسى، بيسموهم أتباع النبي موسى؛ هؤلاء اليهود. الآية هي عم بترد عليهم، أن اليهودية ليست هي حالة قومية أو أتباع نبي معين؛ لا هي حالة وصفية سلوكية موجودة أيام النبي إبراهيم. يعني في حياة النبي إبراهيم، الناس اللي عاصروه، فيه ناس من الناحية التوصيفية السلوكية، طريقة منهجية في التفكير، يهود، لذلك نفى الله عن إبراهيم الحالة اليهودية والنصرانية".
الحنيفية.. الطريقة المطلوبة من قِبل الرب
وأضاف الباحث والمفكر السوري: "القرآن سمَّى اليهودية والنصارنية مللاً، (ولن ترضى عنك اليهود والنصارى حتى تتبع ملتهم)، والملة تعني الحالة التجمعية في طريقة استخدام الدين وفهمه ودراسته وطريقة علاقاتك مع المجتمعات والناس، كيف طريقتك، يهودية؟ كيف طريقتك، نصرانية؟ ما الطريقة المثلى التي أمر الرب أن تكون؟ هي الطريقة الحنفية، إمام، النبي إبراهيم.. لذلك تم النفي عن النبي إبراهيم ما كان يهودياً ولا نصرانياً؛ في ملته، في طريق التفكير وتعامله مع الحياة، معروف النبي إبراهيم هو إمام الناس في طريقة تفكيره التجريبية والعلم والبرهان والانتقال والتحديث المستمر والبدء من الشك للوصول إلى اليقين، فإمام الناس، هذه الطريقة هي المطلوبة من قبل الرب، واسمها الحنيفية من (حنف) التي تعني عملية الحركة المؤرجحة بين عدة نقاط، ومن ثم الاتجاه إلى الصواب، مع عدم الثبات، باتجاه الأمام دائماً، فحنفه تعني التحديث المستمر وفق محور الثابت والمتغير".
ثلاث ملل
وأجاب إسلامبولي عن سؤال "هل حالياً يمكن الفهم أن في الإسلام هناك ثلاث ملل؟"، قائلاً: "ليس فقط في الإسلام، في الثقافة الإنسانية كلها، والإسلام منها؛ ثلاث ملل، حنيفية واليهودية وملة نصرانية؛ ملة، يعني الثلاث طرق، ممكن هذه الطرق متمثلة في أتباع الأنبياء كلها؛ يعني في أتباع النبي موسى حنفاء، ممكن فيه يهود، ممكن فيه نصارى، ممكن مسيح؛ نفس الشيء".
لماذا "بنو إسرائيل" أكثر مجموعة بشرية أخذت هذا التخصيص في القرآن؟
وأجاب إسلامبولي عن سؤال "لماذا (بنو إسرائيل) أكثر مجموعة بشرية أخذت هذا التخصيص في الخطاب في القرآن، واتفقنا أن بني إسرائيل هم مجموعة بشرية عربية عاشت في المنطقة العربية؟، قائلاً: "لأن بني إسرائيل هم اللي احتضنوا الحضارة في العالم، وهم الذين أسهموا ورفدوا الحضارة.. بنو إسرائيل من الذين ذكرنا لا علاقة لهم بما يُسمى يهود أو نصارى أو حنفاء، لا هذه صفات سلوكية منهجية، بنو إسرائيل هم سكان هذه المنطقة، وهم اللي صنعوا حضارات شبه الجزيرة العربية، الرافدين إلى مصر، اللي كان اسمه (إي جيبت)؛ بنو إسرائيل متجاوزون هذه المنطقة كلها، وكمان تجاوزوها، فهم أكثر نفيراً في العالم، مو يهود بني إسرائيل".
هل الأنبياء عرب؟
وتابع إسلامبولي رداً على "يعني وَفق هذا الفهم أعتبر أن بني إسرائيل بداية هو عبارة عن صفة لشخص وهذا الشخص له ذرية وهذه الذرية هي الذرية التي انتشرت في المنطقة العربية بشكل عام؛ سواء بلاد الشام، بلاد العراق، مصر، البشر هؤلاء اللي أصبح في بعضهم يسمون عرباً؛ هم نفسهم بنو إسرائيل، وأن غالبية الأنبياء أو كل الأنبياء بُعثوا فيهم؟": "بُعثوا فيهم وليسوا منهم؛ بس ليس خارج هذه المنطقة، يعني هل الأنبياء مثلاً من ناحية الخطأ الشائع، هل الأنبياء عرب؟ نعم بالمعنى الشائع؛ يعني من قبائل هذه المنطقة، لكن ليسوا من ذرية بني إسرائيل، وإنما من ذرية إما النبي نوح وإما من ذرية النبي إبراهيم حصراً، وذرية النبي نوح وذرية النبي إبراهيم مع ذرية بني إسرائيل تداخلوا مع بعضهم؛ شكلوا أرومو هذه المنطقة، فهذه المنطقة ثلاثة ذريات تحكمها".
أَرْسَلْنَا نُوحًا وإبراهيم وَجَعَلْنَا فِي ذُرِيَّتِهِما النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابِ
وناقشَ إسلامبولي آية "وَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وإبراهيم وَجَعَلْنَا فِي ذُرِيَّتِهِما النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابِ"، بأنه لا ذكر لبني إسرائيل في النبوة، قائلاً: "محصورة النبوة والكتاب في النبي نوح والنبي إبراهيم وذريتهما، هذا عملية النص اللي عَم يفيد تم حصر النبوة فيهما، بس هؤلاء الأنبياء كانوا يبعثون في بني إسرائيل، لتداخل الذريات مع بعضهم، يبعثون فيهم، أما ليسوا منهم كل الأنبياء، ما فيه نبي إسرائيلي خالص، ممكن نجد بعض الأنبياء؛ مثل النبي موسى، له طرف من ذرية النبي نوح، الطرف الثاني إسرائيلي؛ لأنه كلمة قوم كل إنسان يعيش ضمن تجمع بشري، هم قومه؛ لأن كلمة القوم تعني ما أقوم به أنا، فأنا أقوم بهذا التجمع، وهو يرفدني بالقوة والمنعة والحصانة، فهم قومي، لا تعني القومية حالة نسب إطلاقاً؛ فالنبي موسى الجزء من نسبه للنبي نوح، الجزء الثاني من بني إسرائيل، هذا ممكن؛ لكن ما فيه نبي بني إسرائيل خالص، الوالدين ما فيه أبداً".
أسباب الاصطفاء
وأجاب إسلامبولي عن سؤال "ما السبب في رأيك إن كانت هناك إمكانية للتعليل؟"، قائلاً: "لا فيه اصطفاء وتفضيل للنبي نوح والنبي إبراهيم من قبل الإسرائيل، وجعل فيهم الذرية وحافظ عليها، أما شو الامتيازات، فالله أعلم؛ لكن أكيد الامتيازات يعني ليست حالات اعتباطية ولا محاباة بين الخلق، لأنه عند الله ما فيه محاباة".
وقال الباحث والمفكر السوري رداً على "هل هناك تعارف بأن بني إسرائيل في هذه المنطقة أصبحوا العرب؟ هل المجموعة البشرية التي كانت في كل هذه المنطقة هم بنو إسرائيل، واليهود شيء آخر والنصارى شيء آخر؟": "تدقيق هذا المفهوم وضبطه تاريخياً صعب جداً، أما لو رجعنا قبل النبي محمد، هل هو معروف؟ نعم معروف بالثقافات.. وفي الثقافة العربية كان هناك عرب؛ بس هل موجود وسائد في مجتمع النبوة ومنتشر بينهم؟ ما تم نقل لنا بالتراث أنه فعلاً كان مجتمع الصحابة ومن بعدهم يفرقون ما بين اليهود وبني إسرائيل أو النصارى، أو أن اليهود والنصارى هي ملل وطرق منهجية في الدراسة والتفكير، ما لها علاقة بالدين، ما لها علاقة بالقومية، كلمة اليهودية لا هي تتعلق بالدين ولا هي تتعلق بالعرق؛ أي إنسان ممكن يصير يهودياً، لأنها حالة سلوكية منهجية، أي إنسان يصير نصرانياً، أي إنسان يصير حنيفاً بصرف النظر من ذرية مَن، هو مش بيقدم نفسه كدين، ديني أو لا ديني ملحد، أو غير ملحد، أو مسلم أو اتباع نبي معين؛ لكن يهودي أو نصراني أو حنيف، هل يوجد لا ديني يهودي؟ ممكن، ملحد يهودي؟ ممكن، اليهودية دين؟ لا ليست ديناً هي طريقة تفكير، طريقة سلوكية، فصار في عندنا احنا ملة اليهودية، ملة النصرانية وملة الحنيفية، هؤلاء الثلاث ملل، هي تصنيف وتقسيم لكل طرق التفكير والتعامل للمجتمعات الإنسانية، بصرف النظر عن تسمياتها الجزئية".
"المجوس" وصف سلوكي
وأضاف سامر إسلامبولي رداً على "في الآية التي تقول (إن الذين آمنوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى والمجوس وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا) هنا بيحكي عن كل المتجانس الخمسة، هل المجوس أيضاً طريقة تفكير؟": "المجوس وصف سلوكي حصراً وليس طريقة تفكير؛ وهذا لا يعني أنه صار لدينا أربع ملل، لا؛ المجوس ليس ملة، الملة طريقة تفكير منهجية ودراسية، المجوس صفة سلوكية فقط، صفة سلوكية مثل الأعراب، ذنب؛ صفة سلوكية، والنص في سورة الحج (إن الذين آمنوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى والمجوس وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا" جاء توصيفاً لانتماءات، مو كلهم ملل.. (هل نحن هنا نتحدث عن أعراق بشرية أو عن صفات سلوكية؟)؛ لا، توصيفية، الشرك بالضبط".
وتابع إسلامبولي "إذن النصارى والمجوس واليهود والصابئين والذين آمنوا هي عبارة عن صفات؛ كلها توصيف، يحكم الله بينهم في ما كانوا يختلفون يوم القيامة.. وهي ليست مللاً، الملل حصراً ثلاث، ما في غيرها، (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى)، مقابل ملة اليهود والنصارى فيه ملة إبراهيم؛ هي الملة الحنيفية.. فقط ثلاث ملل ما فيه غيرها، وإذا تم التعريف والضبط لها، بيبين معنا أنه لا توجد ملة رابعة إطلاقاً ولا بأي شكل، إلا ما تندرج أي ملة تقدم نفسها أنها ليست يهودية ولا نصرانية ولا حنيفية، إذا قدم نفسه كمضمون فوراً بينزل تحت أحد هذه الملل الثلاث فوراً".
"المجوس" مثل كلمة "الأعراب" بالضبط
وقال سامر إسلامبولي: "المجوس مثل كلمة الأعراب بالضبط؛ الأعراب ليست ملة، هي حالة سلوكية. قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا.. والأعراب أشد كفراً ونفاقاً، الملة توصيف، أما المضمون فمختلف. الشرك ليس ملة؛ موقف عقدي بس ليس ملة.. ما فيه غير ثلاث ملل حصراً، ما فيه غيرها؛ اليهود والنصارى والحنيفية، فنحن بِدنا أهم نقطة نسبتها أن إسرائيل لا علاقة له باليهود إطلاقاً ولا بأي شكل، وليس هو النبي يعقوب. أما النقطة فراجع للنبي نوح أو النبي إبراهيم، حالة تاريخية، ما فيه مشكلة".
إسرائيل لا علاقة له باليهود إطلاقاً.. العلاقة بين اليهود وبني إسرائيل
وأضاف الباحث والمفكر السوري: "ما فيه شيء اسمه علاقة عضوية ما بين اليهود وبني إسرائيل، لا فيه من بني إسرائيل كفروا، طب شو علاقة الذين كفروا ببني إسرائيل؟ ما فيه علاقة؛ لأن الكفر موقف وبني إسرائيل ذرية".
هل كل يهودي إسرائيلي؟
وأجاب سامر إسلامبولي عن سؤال "يعني من بني إسرائيل هناك مَن آمن؟"، قائلاً: "فيه مَن آمن، وفيه مَن كفر، وشو علاقة المؤمنين وبني إسرائيل؟ ما فيه علاقة، مؤمنون أصلهم من بني إسرائيل، كفار أصلاً من بني إسرائيل، يهود أصلهم من بني إسرائيل. هل كل يهودي إسرائيلي؟ لا . هل كل إسرائيلي يهودي؟ لا؛ ممكن يكون يهودياً وممكن ما يكون يهودياً، والعكس صواب".
العرب سكان المنطقة هم بنو إسرائيل
وقال إسلامبولي رداً على "كيف يمكن مثلاً حالياً اعتماداً على هذا الفهم، فك الارتباط ما بين يعني إعادة الصفة للعرب، أن هم بنو إسرائيل، ومنع الآخرين من الاستئثار بهذه الصفة لمجموعة بشرية محددة؟": "هذا الموضوع بحاجة إلى دراسة قرآنية، وتثبيته من خلال النص القرآني، ومن ثم نشره على الثقافة العربية كخطأ شائع؛ يعني نشره إعلامياً بالأبحاث، نحن بنو إسرائيل أو بنو إسرائيل منا، من هذه المنطقة، وليسوا وافدين من خارج المنطقة، سكان المنطقة هم بنو إسرائيل، اللي اسمهم العرب، بجانب ذرية النبي إبراهيم، بجانب ذرية النبي نوح".
وأجاب إسلامبولي عن سؤال "العرب هم ذرية بني إسرائيل، وجزء منهم ذرية نوح والنبي إبراهيم، هؤلاء الذريات الثلاث هم الذين سموا في ما بعد العرب؛ لأنهم نطقوا باللسان العربي المبين؟"، قائلاً: "نعم، هذا تسمية اصطلاحية صحيح، وساكنون في المنطقة العربية، وهمَّ اللي انتشروا في هذه المنطقة".
بنو إسرائيل.. أهم جذر في المنطقة
ونوَّه إسلامبولي بأن "أهم جذر موجود في المنطقة هو بنو إسرائيل، المكون الأصلي بنو إسرائيل، والكلمة مدح وليست ذماً".
وأضاف الباحث والمفكر السوري رداً على "هل يمكن تحديد الحقب التاريخية اللي صار فيها اعتبار الملة اليهودية كعرق بشري أو اعتبارهم بشراً وهم جزء بشري مختار من رب العالمين مثلاً؟": "متى تم اختيارهم، هذه بالتاريخ حالة ظنية؛ يعني ما في عندنا نحن برهان قطعي بالتاريخ يثبت أنه متى بدأ جعل مفهوم اليهودية حالة عرقية ودينية، متى بدأ بالضبط، حتى في الكتب يرجعون كلمة اليهود إلى عدة أسباب ووسائل؛ منها إلى يهوذا، ويعتبرون يهوذا هو أحد أبناء يعقوب، وهذا كلام كله ليس صحيحاً، ليس ثابتاً تاريخياً. صعب جداً في التاريخ تحط أصبعك على موضوع معين تقول كيف بدأ ومن بدأه، ينتشر ويشيع مثل مرض مثلاً سارٍ في مجتمع، ينتشر العماء ما يستطيعون، يعرفون من أول من بدأ بالمرض، الشخص، أما المرض انتشر بس يقدروا يحددوا الفترة الزمنية تبعه بدايته، أنه بدأ بهذه الفترة، قبل ما كان فيه، أما مين هو صاحب العلاقة بالذات؟ ما يعرفون، فهيك اليهودية، فهي فكرة سياسية تم توظيف الدين وتم استخدام بني إسرائيل؛ استخدام بني اسرائيل وتوظيف الدين، الدين غير بني إسرائيل، وبنو إسرائيل غير الدين".
لا شيء اسمه شعب الله المختار
وأجاب إسلامبولي عن سؤال "يعني الآية تقول (يا بني إسرائيل إنا فضلناكم على العالمين) ممكن يستنبط منها البعض أن التفضيل يعني الاختيار والاصطفاء؟"، قائلاً: "هلا شوف التفضيل في القرآن دائماً، مثلاً السيدة مريم، مثلاً (إني فضلتك على نساء العالمين)، هل التفضيل دائماً هو مستمر إلى ما بعد وفاة الإنسان؟ التفضيل دائماً مرتبط بزمانه فقط، ما يصير يتفضل على الأموات السابقين، أنت أفضل من اللاحقين، لا ما يصير، أفضل الموجود. فبنو إسرائيل تم تفضيلهم في زمنهم عندما كان لهم ما يُسمى حضارة ودولة، تم تفضيلهم.. هل هذا التفضيل لبني إسرائيل مستمر إلى يوم الدين على ما هو عليه خلقاً وأمر كوني؟ لا، تفضيل العرب؛ نعم تفضيل من منطقة السكان العرب هو أمر خلقي كوني، إرادة كونية؛ يعني على ما هم عليه، أما التفضيل دائماً فمرتهن بمعطيات؛ لأن الله لا يحابي أحداً، ما في عنده تفضيل هذا من جماعتي، وهذا من جماعتي، ما فيه شيء اسمه شعب الله المختار؛ فالتفضيل له معطيات، فيه صفات معينة عَم تتحقق بالأفراد وبالمجتمع؛ رفعته، إلى أن صار هو الأفضل، فكونه هو صار الأفضل ممكن يكون هو نفسه يرجع ينتكس ويصير الأسفل؛ لأنه حالة اكتسابية.
(بعثنا عليكم عباداً لنا أولي بئس شديد)، تم هذا البعث في التاريخ أكثر من مرة، وإن عدتم عُدنا؛ ليس الأمر أنه بس مرتَين، وقف ابتداء من غزو المغول وهولاكو والروم وبعدهم والصليبيين.. هي كلها عباد كلمة عباد، عامة في القرآن؛ تُطلق على الكفار والمؤمنين، كلنا عباد الله، عباد صالحون، وعباد مجرمون، فتم ضرب هذه الأمة بالتاريخ من قبل هؤلاء، فالنص هذا عَم يتكلم عن المنطقة العربية، يبعث وما زال البعث إلى الآن، عباد أولي بئس شديد يسيئون إلى المنطقة بهذا الويل والدمار من الأوروبيين مثلاً أمريكا وروسيا والغرب".
فلسطين أصلها لبني إسرائيل الفلسطينيين
وأضاف سامر إسلامبولي: "اليهود المؤدلجون دينياً واللي جعلوها عرقية، هم أسهموا في تثبيت وترسيخ هذه المفاهيم في المنطقة، وأقنعوهم بهذه المفاهيم، وأقنعوهم أن التراث تراثهم والأنبياء أنبياؤهم، شوهوا التاريخ كله، وصدق كثير من الباحثين. لذلك إلى الآن مثلاً فيه باحثون يقولون نحن نحكي الحق والحق يُقال إن فلسطين هي أصلها لليهود أو لبني إسرائيل ما عَم يفرق ما بين يهود وبني إسرائيل، فلسطين أصلها لبني إسرائيل، كلام صواب؛ لأن إسرائيل مَن هم؟ هم الفلسطينيون اللي قاعدين في المنطقة، هم الإسرائيليون، منطقة بلاد الشام؛ كلهم إسرائيليون، هؤلاء إما ليسوا يهوداً فصدقوا أنه بالقرآن الله أثبت أن هذه المنطقة لليهود، طبعاً بيقول لبني إسرائيل، بعدين يتم تحريف ويصير لليهود، فهذا حقهم الديني، وهم تلقفوه؛ أنه أنتم عندكم بالقرآن فلسطين، هي حقنا، لماذا تنازعونا فيه؟".
اليهود أولاد عم بني إسرائيل.. خرافة
وأجاب إسلامبولي عن سؤال "هل تعتقد أن اليهود أولاد عم بني إسرائيل؟"، قائلاً: "هذه خرافة، أن النبي نوح لديه ولد، 2، أو 3، سام ويافث وحام، ومن سام، وكأنه كان عندهم أحوال شخصية وكاتبين التاريخ بزمن النبي نوح، مع العلم نحن 100 سنة إلى وراء ما نعرف شو صار، كيف لنرجع لما قبل النبي إبراهيم؟.. ما يُسمى النظرية السامية هذه كلها كذب، ومعاداة السامية كلها خرافة".
لا يوجد ولاد عم.. فيعقوب ليس إسرائيل
وتابع إسلامبولي رداً على "صنعها الألمان في عهد نشوء القومية في القرن الثالث، بس بقصد العودة إلى ولاد العمومة، أن العرب هم ولاد عم اليهود؟": "ولاد عم اليهود؛ لأنهم اعتبروا يعقوب هو إسرائيل، وإسماعيل هو جد النبي محمد أخو إسحاق؛ يعني عم للنبي يعقوب؛ فأولاد العمومة جاءت من هنا؛ أنهم جاؤوا من ذرية إسرائيل اللي هو يعقوب، والباقي جاء من ذرية إسماعيل اللي هو النبي محمد، فإذن نحن اثنان نرجع إلى جد واحد، اللي هو النبي إبراهيم، إذن نحن أولاد عم، هذه أولاد العمومة، هذا بالواقع ليس صحيحاً، أولاً يعقوب ليس إسرائيل، يعقوب شيء وإسرائيل شيء، فإذا كنتم تقولون نحن بنو إسرائيل، إذن ما فيه ولاد عمومة، لأن إسرائيل ما له علاقة بيعقوب، فصل كامل، هذه ذرية وهذه ذرية، فنحن لا يوجد شيء اسمه ولاد عمومة مع اليهود. طب ولاد عمومة مع إسرائيل؟ كمان ما فيه، نحن ذرية بني إسرائيل، وفي ذريات متداخلة معنا، وداخل معنا أفراد كأشخاص، صار فيه تداخل، يعني لأني ما باعرف هل أنا من ذرية إسرائيل ولا من ذرية يعقوب، الحالة الثقافية هي صارت، أما الأصل فالذريات ولاد عم، وطبعاً يرجعوا كمان لورا الساميين، وما الساميين، كمان هذه نظرية خرافية حطوها بس ليحاكموا الناس عليها، معادات السامية، أما إيه هيَّ السامية؟ ما فيه سامية".
أهمية منهج اللسان العربي في دراسة القرآن
وأضاف الباحث والمفكر السوري رداً على "مجرد فكفكة لفظة إسرائيل وإعادتها إلى أوليتها الأولية، أنتجت معنا هذا الفهم الواضح الذي يبدو صادماً وسيكون صادماً للثقافة العربية؛ اللي نتيجة عدم فهم فكفكة هذا اللفظ عمل هذا الخلل المفهوم في التاريخ كله": "وهذا أهمية منهج اللسان العربي في دراسة القرآن؛ أنه نزل بلسان عربي مبين، ويجب أن نبدأ بدراسته من خلال هذا المنهج؛ من خلال إذا اختلف المبنى اختلف المعنى، ومن خلال أن الكلمات حيوية ومنطقية وليست اعتباطية، فبيصير في عندها التفكيك، فبنصل إلى الحقائق، المصدر الذي نعتمد عليه القرآن؛ كون نؤمن أنه من عند الله، فصار برهاناً بالنسبة لنا الأفهام اللي عَم أطرحها، أي أفهام ما أحد يستطيع يقول هذا الفهم، هو فعلاً ما أراده الله.. النص القرآني للجميع، بعدين فيه أفهام متبادلة، صار فهمك يقابل فهمي، يقابل فهمك، فنحكم على الفهم الصواب الذي ينسجم مع المنهج اللساني، ينسجم مع منظومة القرآن، فإذا انسجم أو اقترب منها بدرجة كبيرة جداً نقول هذا الفهم الأصوب، والباقي متدنٍّ ضعيف".
واستكمل إسلامبولي رداً على "بس يظل الخلاف ضمن المنهج طالما أنه أداة البحث موحدة مهما كانت اختلفت النتائج ضمن المنهج": "طبعاً ضمن المنهج، إذا كان الطرف الآخر اللي عم يبحث متبنياً المنهج، أما إذا إنسان مثلاً عنده إذا اختلف المبنى لا يختلف المعنى، يعني عنده إمكانية وجود كلمات مختلفة بالمبنى متفقة بالمعنى، هذا المنهج صار في خلاف، فهذا تدخل للنص القرآني، ما عاد يصل إلى نفس النتائج اللي نحن عَم نطرحها، لا يصل..".
هل النصارى أنصار؟
وأجاب الباحث والمفكر السوري عن سؤال "كيف نميز ما بين هذا نصراني وهذا، بعيداً عما موجود حالياً في الواقع؛ لأنه اعتبرت اليهودية ديناً والنصرانية ديناً، رغم أنه في نص القرآن يتعامل مع النصارى كمجموعة بشرية اتبعت المسيح، أتباع المسيح، أو مَن آمن بالمسيح؟ لماذا في القرآن لم ينادِ أتباع المسيح يا أيها الذين آمنوا، كما نادى مع الرجل يا الذين آمنوا، بينما سماهم النصارى؟، قائلاً: "لا ما سماهم النصارى، النصارى الجذر تبعها نرجعه إلى الثلاثي (نصر)، هذا الأساس الثلاثي الآن، منه يطلع هناك شيء اسمه (ناصر) اسم فاعل من الفعل الثلاثي (نصر)، (ناصر)، وجمع ناصر (ناصرون).. ناصر، ناصريون، طيب هناك نصير، جمعها أنصار، هناك نصران جمعها نصارى، ناصر اسم فاعل، نصير اسم مشبه باسم فاعل نصير، مثل عليم، نصران صفة مشبهة باسم مفعول، مثل مرضان، عطشان، صفة مشبهة باسم مفعول.. طيب ما الفرق بينهم هل النصارى أنصار؟ لا، هل النصارى نسبة للناصرة في فلسطين مثلاً؟ كمان لا، بالنسبة للناصرة ناصريون، ليس النصارى، فصارت النصارى كونه جمع نصران، صفة مشبهة باسم مفعول من خلال تحليلها والأصوات ما لها علاقة بدين، لها علاقة بوصف، عقلية منهجية سلوكية للإنسان، بصرف النظر عن أي نبي يتبعه، أو لا يتبع أي نبي نصران".
وأضاف إسلامبولي: "وفي القرآن يوجد نصارى؛ بس مش جايين لأنه اتبع أنبياء، في خبر عنهم، عن النصارى عم يحكي عنهم أنه النصارى مثلاً تفيض أعينهم من الدمع لما علموا من الحق، أما لا يمدحهم أنه هنا الملة تبعهم صواب، لا لما التعريف بيه معناه، لماذا تناولها رب العالمين، هون النقطة، يعني بحالة أنهم مقبولون ليس دعوة لاتباعهم إطلاقاً، فالنون صوت يدل على الستر، الصاد حركة تدل على فعل محدد بعينه، ليس منفتحاً ومتعدداً مثل (مقص، قص)، الصاد حركة محددة، الراء عَم يدل على صوت مكرر، تكرار (نصر)، طيب نصران بها التركيبة تبعها محافظة على دلالة النصر لساعة موجودة في داخلها، نصران صارت هذه الكلمة إذا تلاحظ بدأت بالنون وانتهت بالنون، نصران، فهذه الكلمة صارت تدل على الإنسان الذي يخفي أفكاراً بداخله، يخفيها، بيحملها، ويظل محدداً عليها ما بيتركها أبداً ومكرر، والألف (نصران) امتداد زمكاني ممتد، زمكاني عليها، والنون أيضاً عم يرجع بشكل إخفاء، هذا الحكي نقدر نقول إذن النصراني هو الإنسان طبعاً وقت ما تقول الإنسان، يعني ممكن يكون ذكراً أو أنثى، هو الإنسان الآبائي الذي يحمل بداخله أفكار الماضي، ويلتزم بها على ما هي عليه دون انفتاح على الآخرين إطلاقاً، ولا بيسمع أحداً، وما بيغير التكرار؛ لأنه بيكرر حاله، لأنه متعايش مع حاله.. إلى آخر شيء، نصران منغلق على نفسه".
غالبية المسلمين نصارى
وتابع الباحث والمفكر السوري: "إذن وَفق التصنيف فغالبية المسلمين نصارى؛ أغلبهم نعم، لا يقصي.. نقطة مهمة أن النصراني لا يقصي الآخر، يتعايش معه بحاله، لا يتفاعل معه فكرياً وثقافياً، ما يؤذي، بس ما يسمع، لا يعقل، لا يتدبر، فصار إذن النصراني آبائياً منغلقاً على نفسه يقبل التعايش.. هذه حالة توصيفية، ما لها علاقة بأتباع المسيح، لا هذا الوصف ممكن يتحقق لأتباع النبي محمد، قد يكون المسلم يهودياً؟ نعم، ممكن من ينتمي إلى الإسلام، نحن من الناحية الاصطلاحية؛ لأن ما يجتمع مسلم ويهودي، بس من الناحية الاصطلاحية ممكن مَن ينتمي إلى حالة، إلى الأمة الإسلامية مسلم، ويكون يهودياً، نعم مسلم نصراني، فهذه الحالة انتماء اصطلاح، أما من ناحية المفهوم ما يجتمعوا مع بعض. الكفر والإيمان ما يجتمعان، مسلم، يهودي ما يجتمعان إطلاقاً، فيه تناقض في الموضوع، لا يجتمع حنيفي مع يهودي، ما يصير.. تناقض، إذا عرفنا النصران سهل صار جداً نعرف اليهود، أيضاً من خلال تحليل (هودا)؛ هذه الكلمة تدل على الانغلاق الفكري، فيه انغلاق، فيه تعصب؛ تدل على الحالة الآبائية، مشتركون مع النصارى، إذا تلاحظ صفتان؛ انغلاق فكري وآبائية، اللي هي اسمها حال السلفية بالقرآن، مصطلح آبائي، الصفة الثالثة مختلفون عن النصارى، إقصائيون، النصارى ليسوا إقصائيين، بيتعايشوا، اليهودي ما يتعايش؛ منغلق فكرياً، آبائي، إقصائي إلى درجة القتل".
الأمة الإسلامية خليط بين اليهودية والنصرانية وقلة من الحنيفية
واختتم سامر إسلامبولي: "الأمة الإسلامية خليط ما بين اليهودية والنصرانية وقلة من الحنيفية.. إذا عرفنا هذا الضبط، هذا للملة اليهودية والملة النصرانية، كضبط توصيفي فكري، الآن بننزل على الواقع لتصنيف الناس أو الفئات؛ أي فئة، بصرف النظر عن اسمها إذا تحقق فيها صفات اليهودية، فاسمها يهودية، بصرف النظر كيف تقدم نفسها.. الصفات الثلاث للنصرانية تحققت في جماعة معينة، فهذه اسمها ملة نصرانية، بصرف النظر كيف تقدم نفسها، فئة ثالثة تعتمد على الحنيفية من (حنف) اللي هي بتدل على التحديث المستمر وَفق المحور الثابت والمتغير باتجاه الأمان دائماً.. إذن هي ضد الصفات الثلاث، اليهودية، فاليهود إذن انغلاق فكري، والحنيفية انفتاح فكري، وإذا كانت اليهودية آبائية، فالحنيفية معاصرة.. عايشين زمانهم وحياتهم، إذا كانت اليهودية إقصائية؛ فالحنيفية تعايش سلمي منفتح مع الناس".