• Facebook
  • instagram
  • X
  • youtube
  • tiktok
  • apple podcast
  • google podcast
  • spotify

مفهوم "الإسلام دين قومي أم رسالة إنسانية" | سامر إسلامبولي

للإستماع




ناقش سامر إسلامبولي، الباحث والمفكر السوري، خلال لقائه د.باسم الجمل، عبر برنامج "مفاهيم"؛ تطبيقات أخرى من اللسان العربي المبين لبعض المفاهيم في القرآن الكريم؛ مثل: الدين، والإسلام، والمؤمنين، والإيمان، والذين آمنوا، والذين أوتوا الكتاب، وأهل الكتاب، وناقشَ كثيراً من المصطلحات والمفاهيم في الدين التي أُسيء فهمها، وماذا يمكن أن نخرج؟ هل نخرج بنفس الفهم التراثي القديم بأن المؤمنين هم أتباع الرسول محمد، أم أن المؤمنين لفظة تشمل عدداً أوسع من الناس؟ وهل "الدين" تشمل الذي يتبعه من قومية محددة أم هو في عالمية، في انتشار أوسع؟

 

تعريف الدين الإسلامي تراثياً.. أول خطأ ارتكبه معظم الباحثين

وقال سامر إسلامبولي، الباحث والمفكر السوري: "لقد تم تعريف الدين الإسلامي تراثياً بمعنى ضيق جداً عندما قالوا إن الإسلام هو الاستسلام لله عز وجل، بدَّلوا كلمة بدل كلمة، الاستسلام من الاشتقاق السداسي، فعل (استسلم)، بينما الإسلام من الفعل الرباعي (أسلم)، (أسلم، يسلم، إسلاماً)؛ بينما (استسلام، استسلم، يستسلم، استسلاماً)، فإذن تم تعريف الإسلام بأنه الاستسلام من البداية، جعلوا هذا الدين يقوم على الإكراه؛ لأنه الاستسلام، كما نقول (استسلم الجنود في المعركة)، والاستسلام لا يكون إلا بحالة الإكراه، فإذا نقول الإسلام هو الاستسلام معناه فيه حالة إكراه الناس على الدخول في الدين؛ فهذا أول خطأ ارتكبه معظم الباحثين".


الدين الإسلامي دين سلمي يقوم على السلام

وأضاف سامر إسلامبولي رداً على "حتى في الإنجليزية؛ عندما نقلوا المفهوم الإسلامي للإنجليزية، ترجموه بلفظتَين متعارضتَين": "فهذا التعريف الذي ثبتوه بالمقررات الدراسية المبكرة للطلاب المسلمين والعلماء الصغار، ففهموا الصغار أن الإسلام يقوم على الاستسلام، لازم أنت تستسلم، لا يكون لك عقل لا يكون لك وعي، لا تكون لك حرية إطلاقاً.. وهكذا نشأت الأجيال على الاستسلام، وليس على الإسلام؛ بينما لو رجعنا إلى اللسان العربي، أن الإسلام من فعل (أسلمَ)، و(أسلم) تدل على الحرية والطاعة، عندما نقول (أسلم زيد) معناه الفعل صدر منه بحرية وبطاعة، فصار الإسلام بحد ذاته كمفهوم يدل على الحرية، ونفي الإكراه.. الإسلام بحد ذاته ككلمة، فلذلك لا يصح أن الإسلام دين يقوم على الإكراه، لا؛ هذا تناقض، طالما إسلام يعني فلا يوجد إكراه، الإكراه هو الاستسلام؛ فهذه أول نقطة ينبغي ضبطها بالتعريف للباحثين، عندما يكتبون أبحاثهم لا يستخدمون كلمة الاستسلام أبداً في تعريف الدين الإسلامي، وإنما يقولون الدين الإسلامي دين سلمي يقوم على السلام، والتفاعل السلمي بين الناس من خلال الحرية والعقل والوعي".


بلى مَن أسلم وجهه لله

وتابع الباحث والمفكر السوري: "أنت لا تستسلم لله؛ أنت تسلم لله.. نعم، (بلى مَن أسلم وجهه لله)؛ أسلم لله، ما طلب رب العالمين من العباد أن يستسلموا أبداً؛ طلب منهم يأسلموا فقط، فإذن (الدين) من (دان)، وتعني قرب الشيء ودنوه، التي تدل من حيث المآل على خضوعه، وتذلل، فكلمة الدين القرآن (ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك)؛ بمعنى نظام الملك، والنظام هو عبارة عن حالة قوانين يتم فيها تنظيم أمور الناس، وقد ترافقه سلطة بالنسبة إلى الدولة، أما الدين ما بترافقه سلطة، فهو مجرد نظام؛ فعندما نقول الدين الإسلامي يعني النظام الإسلامي، النظام مجموعة من القواعد والقوانين التي تنظم حياة الفرد".


الدين أوسع.. قطوفها دانية

وأجاب سامر إسلامبولي عن سؤال "هل يمكن استبدال "قانون" بلفظة الدين، أم أن الدين تعني القانون أو تشمل القانون؟"، قائلاً: "لا الدين أوسع، الدين الشيء الذي هو قريب إليك (قطوفها دانية)، قريبة إليك، متذللة إليك، تحت متناول يدَيك هذا الدين؛ فالقانون ضمنه، لكن بالتعريف نقول الدين هو مجموعة القوانين والسُّنن، يعني فيه دين الكون؛ نظامه السُّنني والكوني، فيه دين الإنسان؛ نظامه الاجتماعي، كمان فيه دين شمل الكل، (إن الدين عند الله الإسلام)؛ فهذه النقطة تسوقنا إلى أن الرب واحد، الدين واحد، ما بيصير رب واحد، أديان ينزل..".


الدين عند الله الإسلام.. حالة توصيفية

وأضاف سامر إسلامبولي رداً على سؤال "هل تسمية الإسلام مختارة بذاتها؟ هل نقول إن الدين عند الله هو الإسلام؟": "إن الدين عند الله الإسلام، هي حالة توصيفية، مقصود فيها المضمون ليس لها حالة لفظية؛ لأنني بحاجة إلى المقصود.. لا يهم التسميات، يهمنا المضمون.. إن الدين عند الله الإسلام؛ يعني نظام الله، عز وجل، في هذا الوجود، يقوم على الإسلام، هذا الدين؛ (اللي هوّ الحنيف والحنيفية) نعم، وبالذات الإسلام؛ مجرد أن الإسلام عادة قائم على السلم والسلام، الكون ليس قائماً على الدمار والحرب، لا؛ على مستوى كوني ولا المفروض يكون على المستوى الإنساني والاجتماعي، دائماً الحرب والقتال، حالياً ظرفية الأصل إنه يسود السلم والسلام، فهذا دين الإسلام؛ يقوم على السلم والسلام ابتداء؛ فمجرد أن الإنسان مسلم معناها فوراً نفيت عن نفسك صفة اليهودية، نفيت عن نفسك صفة الأعراب، نفيت عن نفسك صفة العنف والقتال فوراً، ما بيجتمعوا مع بعض، تضرب الحالة السلمية عندك؛ فهذا دين الإسلام، فهل دين الإسلام هو الدين اللي أنزله؟ نعم دين واحد فقط، بدأ مع بدء الوعي الإنساني واستمر في التاريخ من خلال الأنبياء، نوح و.. إلى آخره، النبي إبراهيم، موسى، المسيح، محمد.. دينهم كلهم الإسلام، هؤلاء الأنبياء هم دعاء تنوير في رحلة الدين الإسلامي، الكتب الإلهية هي مقررات، كتب إلهية لدين واحد، فلذلك العلاقة بين الأنبياء علاقة تواصل، علاقة تكامل، وعلاقة مصداقية، علاقة بين الكتب الإلهية أيضاً، نفس الشيء، تواصل ومصداقية وتكامل؛ لا يوجد إقصاء إطلاقاً، الكتب السابقة كمقررات إلهية أشبه بالمقررات بالدراسة بالمدارس والمراحل؛ مرحلة ابتدائية، مرحلة إعدادي، ثانوي، جامعي.. المرحلة اللاحقة تستوعب المرحلة السابقة ولا تقصيها؛ لكن ممكن يكون فيه تعديل طفيف كان يتناسب مع السن العمري، هذا اللي بيوقف، أما العلوم فتصعد وترتفع وترتقي؛ فلذلك نزل التوراة، نزل الإنجيل، نزل القرآن، والقرآن هو الكتاب والجامع والمكمل لما سبق؛ لا يوجد إقصاء، فصار أتباع النبيين مسلمين، أتباع النبي إبراهيم مسلمين، أتباع النبي موسى مسلمين، أتباع المسيح مسلمين، أتباع النبي محمد مسلمين.. كلهم مسلمون، ما قبل النبي نوح الأنبياء مسلمون، لا يوجد غير دين واحد".


أُسس الدين ينبغي أن تكون في البداية

وتابع الباحث والمفكر السوري: "أُسس الدين ينبغي أن تكون في البداية، لا تستطيع أن تأتي أسس الدين في النهاية ولا بأي شكل؛ أساس البناء دائماً في بداية البناء، لا يكون بالطابق الأخير، ما يُسمى أركان الدين، أركان الدين وأُسسه سيكون في البداية، فكانت أركان الدين (الإيمان بالله، اليوم الآخر، العمل الصالح)، الثلاثة، هذه الأركان وأسس الدين قائمة في بداية الدين منذ بدء الوعي، يعني من قبل النبي نوح، وهذا الكلام قائم (العمل الصالح) على منظومة القيم والأخلاق، وعلى الوصايا العشر؛ يعني يُشاع أن الوصايا العشر نزلت على النبي موسى، لا دونت أيام النبي موسى، فما هي مشرعة من الأول، يعني عملية مثلاً نفي القتل، أن القتل جريمة، هل قبل النبي موسى كان القتل عادياً وطبيعياً أو بر الوالدين مثلاً أو الشرك بالله أو الوصية؟ لا تشرك بالله؛ لا موجود من قبل، لأن هذا من أسس الدين؛ هذا بدأ يسوقنا إلى أنه العلاقة بين أتباع النبيين علاقة بدين واحد هو الإسلام، علاقتنا الإنسانية، نستوعب اختلافنا الجزئي في ما بيننا بالتشريعات الصغيرة جداً المرتبطة بالزمان والمكان".


واستطرد إسلامبولي: "التشريع نسبي؛ أكيد فيه تطور، بس فيه تشريعات أساسية لا بد منها، عقد اجتماعي؛ أي تجمع إنساني مع بعض، فوراً بيظهر ما يسمى العقد الاجتماعي ابتداء من منظومة القيم والأخلاق والوصايا العشر دول الحد الأدنى في المجتمعات.. لا؛ التطور جاء بعدها، يعني بعدها الأمور خارجها جزئيات، مثلاً محارب النكاح تطور هذا في التشريعات، بدأ بحلقات معينة ومع الزمن، مع بعث النبيين، مع تطور المجتمعات، تعقيد العلاقات، بدأت تتوسع دوائر محرمات النكاح إلى أن تم إكمالها بالقرآن".


الأساس الديني ومنظومة القيم الأساسية

وقال الباحث والمفكر السوري: " كلمة البيت طرحناها سابقاً؛ أن هناك فرقاً ما بين البيت والمنزل، فالبيت لها دلالة مادية، لها دلالة معنوية؛ فنحن نأخذ الدلالة المعنوية من البيت، ونقصد فيها مجموعة العلاقات؛ فأول علاقات وضعت للإنسانية هي الإسلام بمنظومة القيم والأخلاق والوصايا العشر، ومَن دخل بيتي فهو آمن، وقال النبي نوح يقصد فيه الإسلام وليس الجدران، دخل بيته لأنه أصل، حمل حاله وراح، فيه طوفان، وركب بالسفينة، وراح ماشي، ما عاد فيه بيت، عنده منزل، يعني جدران؛ فيقصد فيه بيت بمعنى الدلالة المعنوية، الإسلام؛ فمَن دخل في دين الإسلام اللي هو البيت، فهو آمن من العذاب، الطوفان، سوف يأمن؛ لأنه إذا آمن مَن دخل بيت الإسلام، سيركب مع النبي نوح وينجو".


هل يمكن اعتبار البيت العتيق هو البيت المعنوي أو البيت القيمي؟

وأجاب سامر إسلامبولي عن سؤال "هل يمكن اعتبار البيت العتيق هو البيت المعنوي أو البيت القيمي؟"، قائلاً: "أحياناً الكلمة تأتي بدلالتَين؛ سواء مادية أو معنوية، سواهما؛ كون النص يحتمل، طالما النص يحتمل ما نقدر نحن نوقف ننفي احتمالاً؛ لأنه ما فيه تناقض، ما فيه تضاد؛ إذن فيه تضاد وتناقض، لازم نرجح معنى على معنى؛ فالبيت العتيق أخذت صفة الدلالة المادية، المقصود فيها المسجد الحرام والكعبة، وأخذت الدلالة المعنوية والمقصود فيها الإسلام؛ لأنه تزامنوا منذ بدء الوعي الإنساني والكعبة مشيدة وليس اللي أسسها النبي إبراهيم؛ موجودة قبل منه، النبي إبراهيم رفع القواعد، رب العالمين أخبره عن مكان الكعبة وتم رفع القواعد".


لا يوجد في الدين الإسلامي معبد.. معبد المسلمين هو الحياة كلها

وأضاف إسلامبولي: "نقطة مهمة جداً؛ الله لم يطلب من العباد بناء معابد إطلاقاً، فلا يوجد في الدين الإسلامي معبد، معبد المسلمين هو الحياة كلها؛ هذا معبدنا ونسعى ونعمل فيه، مرفوض المعبد.. فلذلك الفكرة من هذه النقطة مرفوضة، أن المسألة بالكبر والحجم والزخرف؛ هذا ليس البيت، هذا معبد؛ كونه معبداً فإذا هو ليس البيت الذي أمر الله بتشييده بالنسبة إلى الصغر والحجم، لا قيمة للحجر، القيمة للمضمون، الكعبة شبه حالة مركزية، نقطة مركزية فقط ليس أكثر من حالة رمزية".


وتابع الباحث والمفكر السوري رداً على "لما تدقق في اللفظ المصاغ، أن أول بيت وضع للذين آمنوا، أن أول بيت وضع، نبني بيتاً وليس نضع البيت، بينما أقول أن نضع القانون؛ فربما هذه الدلالة تفيد أكثر من حيث إن أول بيت وضع، أول مجموعة نظم إلى آخره.. وضعت للناس، الذي ببكة الآن؛ ليست معنية أن نبحث ببكة، هي مكة.. إلى آخره": "نعم هذا الكلام لا نرفضه، أنا أعمل لك الدلالتَين معاً، وكلمة الوضع هي التي تدل على أنه ليس معبداً، وضع نقطة.. مثل سارية العلم، وضعت سارية العلم في نصف الساحة، ويصطف الناس حولها، فهل هذا بناء؟ لا ليس بناء، حالة رمزية، هل هو معبد؟ لا؛ ليس معبداً حالياً، رمزية ثقافية، مفاهيم؛ فتم وضع هذا البيت في بكة، وضع حالة رمزية نقطة، ولا ينفي الدلالة، نأخذ بالمعنوية أيضاً؛ نأخذ بالدلالتَين، يعني أنا ضد أن الإنسان أو الباحث يأخذ دلالة مادية وينفي المعنوية، أو يأخذ المعنوية وينفي المادية".


الصفات والمقامات تتعدد والمسمى واحد

وأجاب إسلامبولي عن سؤال "يعني أنا كشخص أؤمن بهذا اللفظ، بس أنا أخذت مثلاً أن أول بيت وضع للناس الذي ببكة؛ يعني أول مجموعة قيم وضعت الذي ببكة، وأنا أؤمن بالدلالة المعنوية، فهل يسقط عني شيء؟"، قائلاً: "كفر وإيمان؛ لا يوجد كفر وإيمان، بس هنا ما موقفك من الحج، لأن هذا الموضوع له علاقة بالحج، له علاقة بقبلة الصلاة، فهذا كله منظومة مع بعض، كلها تتضافر؛ أنه لا بد من الدلالة المادية، فيه دلالة مادية لوضع البيت، وقالوا دلالة معنوية، الفهم اللي عرضته يضاف إليه، فصار فاهمين صح، أما لا تأخذ واحداً، تنفي واحداً اثنين صح، فبيت الله هو المسجد الحرام، والدين الإسلامي، اثنين اسمهم بيت الله، اثنين اسمهم من دخل بيتي فهو آمن، شامل هاي وهاي، بس حسب السياق بقى؛ هي صفات توصيفية؛ يعني مثل ما قُلنا سابقاً إن الصفات والمقامات تتعدد والمسمى واحد، يعني أسماء الله الحسنى عشرات، تختلف؛ كل اسم يختلف".


وأضاف الباحث والمفكر السوري رداً على "يعني الكعبة في النص القرآني؛ جعلت البيت الحرام والبيت العتيق، أصبح نصاً مختلفاً": "نص مختلف بالمبنى، وعَم يضيف معلومة؛ أنه هذا الأمر عتيق جداً، أما ما عَم ينفي أنه هي مكان آخر، هي مواصفات فقط؛ توصيف".


البيت العتيق.. ماذا يعني لفظ "عتيق"؟

وأجاب سامر إسلامبولي عن سؤال "هل لفظ عتيق يعني من المعنى التقديم مثلاً أم يعني العتق من الشيء؟"، قائلاً: "هي كلمة دقيقة عَم تأخذ قديماً وأصيلاً معاً، معتق؛ هذا أمر معتق، إذا كان قديماً وأصيلاً ومتقناً.. البيت العتيق عم تأخذ الصفات كلها معاً.. (لماذا ما أخذت صفة العتق، هذا البيت الذي دائماً العتق؟) هنا أنت أخذت دلالة معنوية؛ أنه هذا البيت الذي يدخل إليه الدلالة المعنوية، يعتق الناس من الظلم والفساد والاسترقاق، كلام سليم هذا يُضاف لها ما بينفيه.. ولو ذهبنا إلى الجانب المادي؛ فالجانب المادي صفة له، هذا الجانب المادي صفة للمادي نفسه؛ أنه عتيق، قديم جداً، عَم يأخذ الصفة هذه، هلا بقى لا ينفي الصفة الثانية؛ أنه البيت ليس الكعبة بيت الإسلام، صار يحكي عن البيت، الإسلام؛ هل من دخل بيت الإسلام يتم عتقه؟ طبعاً.. هل الدين الإسلامي دين عتيق؟ نعم قديم أصيل.. هل مَن دخله يتم عتقه من الظلم والفساد والتخلف؟ نعم؛ فتوصيفات مختلفة، فأنا قصدت أنه ما بيصير نحن نثبت مفهوماً وننفي آخر".


الحج ليس من أركان الدين

وأجاب إسلامبولي عن سؤال "الذي دخل الإسلام وانعتق بالفعل، هل بحاجة ليروح يزور مكاناً، مثلاً مجسداً ما؟"، قائلاً: "ليس بهذا الشكل يعني تُقاس الأمور، هاي حالة مركزية، هل هو بحاجة؟ لا؛ ليس بحاجة إلى ذلك، الحج ليس من أركان الدين.. حجيت كان بها، ما حجيت ما فيه مشكلة".


أركان الدين بالقرآن ثلاثة.. ولماذا بعث الله النبيين؟

وأضاف الباحث والمفكر السوري رداً على "هذا يقودنا إلى الفكرة اللي قدمها الدكتور محمد شحور، أن أركان الإسلام ليست هي الأركان؟": "نعم، ليست الأركان المعروفة؛ لأنه في عملية قلب، أما أركان الدين بالقرآن فهي الثلاثة ما فيه غيرها (الإيمان بالله، واليوم الآخر، والعمل الصالح) فقط لا غير، وإذا ما نلاحظ الثلاثة دول موجودين منذ بدء الدين مع الوعي الإنساني، ما لها علاقة يعني بالنبي محمد.. مسلم، واللي يتبع المسيح ما له مسلم؟ لا كل مَن يتمثل في الثلاثة أمور فهو مسلم، ولو كان لا يتبع ولا أي نبي ولا أي كتاب، طالما آمن بالله واليوم الآخر والعمل الصالح.. طيب منين تجيب الأحكام؟ العمل الصالح هو كافٍ، يدرك بالعقل وبتفاعل الإنسان الاجتماعي، لذلك يسمونه العقد الاجتماعي؛ لأنه يقوم على منظورة القيم والأخلاق والوصايا العشر، هذا كل الناس تدركه دون نبي يعني، ما فيه داعي نبي ييجي يعلمني الأخلاق أو يعلمني الوصايا العشر أو يعلمني العمل الصالح.. لا هذا كإنسان أنا بادركه بتفاعلي الاجتماعي، أنا مش إنسان راهب قاعد بالجبل، أنا قاعد ضمن المجتمع؛ فطبيعي أحتاج الناس، والناس تحتاجني وأدعمهم وهم يدعموني وهذا الشيء يدركه الإنسان بالفطرة، هذا عمل صالح؛ لذلك العمل الصالح هو كل عمل تقدمه للآخر، تصلح به شؤونه، اسمه عمل صالح. أما الرياضة ما اسمه والله عمل صالح، عمل شخصي خاص فيك عَم تعمله لحالك، عمل تقدمه للآخرين، يترتب عليه صلاح شؤونهم؛ اسمه عمل صالح، فهذا لا بده نبي أبداً ولا بده كتاب إلهي، طيب قد يطرح السؤال طيب لماذا الله بعث النبيين؟ بعث النبيين لتذكير الناس؛ لأنهم انحرفوا وابتعدوا عن هذا الصراط المستقيم؛ فبعث النبيين ليذكرهم بالرجوع إلى الفطرة والصراط المستقيم والعقد الاجتماعي، والقيم؛ بأخلاقها بإنسانيتها، إذا انقلبت عندهم الأمور، إذا جعلوا أركان الدين الصلاة والحج والصيام، أركان الدين، ذكرهم أنها ليست أركاناً هي واجبات ممن فيها نحن، واجبات؛ ولكن ليست الأركان، الأركان هي العمل الصالح، هذا العمل بمنظومة القيم والوصايا العشر".


التذكير والإنذار

وتابع إسلامبولي رداً على "إذن المقصود بالذكر مجموعة القيم التي تذكر الناس؟": "تذكر فيها بالمجتمع نعم، (وذَكِّر فإن الذكرى تنفع المؤمنين)؛ عنده قابلية بس انحرف، فكانت مهمة كل النبيين هي التذكير والإنذار.. النبي كمقام هو داعٍ وإمام؛ يعني داعية تنويري لينور للناس طرقهم، يزيل الظلمات، يرجعهم إلى التفكير الحر المنطقي، يرجعهم إلى إنسانيتهم، يرجعهم إلى تفاعلهم الاجتماعي؛ يزيل الأنانية، أن الإنسان ليس وحده يعيش، هو كائن اجتماعي؛ فهذه مهمة، هذا الشيء يتمثل، يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره، الله حي قيوم غني حميد لا يحتاج من أحد أن يقدم له شيئاً، لا معابد ولا قرابين ولا أي شيء إطلاقاً، فماذا تعني كلمة أنه يقوا اعبدوا الله ما لكم من إله غيره؟ لا تطيعوا إلا الله، لا تطيعوا إلا الله بالنظام، القيم والوصايا العشر، هذا خط أحمر ثابت لكل المجتمعات الإنسانية، لا يمكن لأحد أن يتجاوزه".


معنى العودة إلى الله

وأجاب إسلامبولي عن سؤال ""ما معنى العودة إلى الله؟" قائلاً: "نعم العودة إلى الله أو التوبة المقصود ليس هو نفس الله ذاته؛ المقصود في العودة إلى دينه. الله حي قيوم أزلي، نحن كائنات حادثة، لا يوجد بيننا علاقات إطلاقاً، علاقتي بالله إنما هي علاقة بدينه، ومن الدين، كلمة أدق، علاقتي بالناس كلما كانت علاقتك بالناس تقوم على الصلاح والنجاح والفلاح، كانت علاقتك بالله قوية".


في سبيل الله = في سبيل الناس

وأضاف الباحث والمفكر السوري رداً على "يعني هنا الله مجموعة تجاوزاً، هو مجموعة من القيم، مجموعة من الأسس، مجموعة من السنن؟": "صح؛ بس ما بنعبر عنه بهذا التعبير، بالتأكيد نعم وأنا قلت سابقاً إنه كلمة (في سبيل الله) تعني (في سبيل الناس)، (من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً) (الله غني حميد) ما بحاجة إلى أحد يقرضه، هو الذي يعطي الجميع، المقصود في إقراض الناس المحتاجين، ساعدهم، طيب ليه حط النص (من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً)؟ لأن الأجر هو من الله، أنت أقرض الناس، والأجر على الله، فتكون أقرضته".


أغلب الناس كشعوب مسلمون.. ولكن

وتابع سامر إسلامبولي رداً على: "اعتماداً على فهم أنه أركان الإسلام هي ثلاثة (الإيمان بالله، واليوم الآخر، والعمل الصالح) إذن كل الناس كل البشر مسلمون؟": "أغلب الناس كشعوب مسلمون؛ لكن في هلأ فيه مسلمون لله، فيه مسلمون لغير الله، لكنَّ المسلمين له علاقة بتعريف الإسلام، كل مَن كان سلمياً في نفسه سلمياً في سلوكه الاجتماعي دخل في دائرة الإسلام مباشرةً. النقطة اللي بعدها مباشرة هلا يضيف إلى هذا الإسلام الاجتماعي الإنساني إسلاماً لله، إذا كان مبنياً على مفاهيم غيبية، يعني آمن بالله واليوم الآخر ويرجو الله من خلال هذا العمل الصالح، فصار اسمه هذا مسلماً لله، أسلم وجهه لله، إذا حملها المفاهيم الغيبية، ما حملها؛ ما نقول غير مسلم أو كافر، لا؛ ليس كافراً، شو هو مسلم بس ليس لله، مسلم اجتماعي، مسلم إنساني، وما أكثر الشعوب بهذا الشكل مسلمة، سلمية عايشة، ما فيه أية مشكلة في الإسلام.. أنواع الإسلام، أنواع؛ فهذا طرحنا الآن الإسلام الاجتماعي، ممكن تسميه كمان الإسلام الكوني، سلمي الإنسان مع البيئة، سلمي مع الناس؛ فهو مسلم، نتعامل معه، على ما يظهر منه، ما لي علاقة أنا بالمفاهيم والتصورات اللي يحملها برأسه، لا إكراه في الدين، ظاهر أمامي أنا أخلاقي سلمي، نتعامل معه كمسلم.. (لكن إذا اتبع الأركان الثلاثة "الإيمان بالله، واليوم الآخر، والعمل الصالح" فهو مسلم لله؟) مسلم لله صار، فعندنا إسلام ثانٍ، إسلام كرهي، إسلام الأعراب..".


مفهوم كلمة "الأعراب"

وأضاف سامر إسلامبولي: "طبعاً كلمة (الأعراب) برضه هي صفة لا علاقة لها بقوميات، صفة سلوكية، صفة.. هي كل مَن يخالف مفاهيم الحق وتفكيره غليظ ومفسد، اسمه أعرابي، أزال صفة العربية عنه، أعرابي هذا (قالت الأعراب آمنا) نزل الجواب (قُل لم تؤمنوا).. قالت الأعراب آمنا، قل لم تؤمنوا.. (ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم).. نلاحظ بالنص نفى عنهم الإيمان، وأثبت لهم الإسلام. طيب شلون نفى الإيمان وأثبت الإسلام والإسلام لله يقوم على الإيمان؟ مع الإسلام الكرهي ما دخل الإيمان، ولما يدخل الإيمان في قلوبكم ظاهركم إسلام، مع أنكم غير قاصدين الإسلام بداخلكم؛ لكن مضطرون أن تمتثلوا لقوانين الإسلام، هذا اسمه إسلام الأعرابي أو إسلام السلطوي، يعني إسلام لقانون الدولة، مضطر يأسلم، عايش بدولة لها قوانين معينة، ممكن يكره هذه القوانين؛ لكن لا يستطيع أن يخالفها، ينقاد لها".


البدوي غير الأعرابي

وقال الباحث والمفكر السوري: "البدوي شيء والأعرابي شيء؛ البدوي إنسان كريم فطري، ولكن حياته بدائية؛ لعيشه بأدواته بلبسه بسكنه، بدائية.. أما ممكن يكون إنساناً عظيماً، ليس أعرابياً؛ فالأعرابي ليست له علاقة بالبدوي، ولا البدوي بالأعرابي. البدوي صفة لنمط معيشة، الأعراب صفة لسلوك سيئ فاسد، ممكن يكون إنساناً بروفيسوراً وطبيباً أعرابياً؛ يعني مثلاً طبيب جراح يكون أعرابياً، شلون وقت يسرق كلية مريضه، أعرابي هذا، بصرف النظر بأية مدينة عايش، أو جاهلي كمان، صفة جاهلي هذا لأن كلمة جاهل لا تعني نفي العلم بالمعنى السائد عند الناس، هذا فلان جاهل، ما عنده علم؛ ليس بهذا المعنى، لا ممكن يكون عنده علم لكن جاهل سلوكياً، فالجاهل كمان مثل الأعراب، صفة للسلوك؛ سلوكه الذي صدر منه، هذا العالم جاهلي، سلوكه جاهلي".


الإيمان بالله والإيمان بالطاغوت

وأجاب سامر إسلامبولي عن سؤال "هل حقاً لفظة الإيمان في القرآن تعني الذي يصلي والذي يصوم والذي يزكي والذي يتبع الرسول محمد؟ أم هناك معانٍ أوسع من هذا؟"، قائلاً: "ذكرنا نحن أن الإسلام له مستويات، والإيمان أيضاً له مستويات.. عندنا إسلام كوني، وإنساني، وإسلام كرهي، وإسلام لله، كذلك الإيمان مستويات؛ فلذلك عندنا نحن الإيمان بالله، وعندنا الإيمان بالطاغوت، هذا إيمان وهذا إيمان، أتباع هذا اسمهم المؤمنون، وأتباع هذا اسمهم المؤمنون، فإذا كلمة مؤمن واحدة، مجرد، دون أن تضيفها إلى شيء؛ لا يمكن تفهم منها، مؤمن، مؤمن بماذا؟ مؤمن بالطاغوت، الذي نحن مأمورون أن نكفر فيه، نكفر بالطاغوت؛ لذلك مثلاً هنا (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي.. فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله)؛ الكفر بالطاغوت يقابله الإيمان بالله، والذي يكفر بالله يقابله الإيمان بالطاغوت، تنعكس المعادلة. فإذن فيه إيمان بالطاغوت، فيه إيمان بالطاغوت، الطاغوت من الطغيان، وتجاوز الحد في أي أمر ما سياسي، ديني، فكري.. إلى آخره. هؤلاء يؤمنون به، فكيف يؤمنون بالطاغوت؟ (يعني الطاغوت هو الفوضى مثلاً هو التعالي على حقوق الناس؟) طغيان.. والإمبريالية جزء من الطاغوت طبعاً، حتى الأمم المتحدة جزء من الطغيان، منظومة الطغيان العالمية. طغى الماء، ماء النهر مثلاً، طغى، إذا ارتفع، زاد عن حده وتجاوزه، فاضَ، هذا اسمه طغيان؛ فلذلك يقولون الطغيان تجاوز الحدود، تجاوز الحدود من حال إلى حال يؤدي إلى الفساد والظلم بالناس، اسمه طغيان، طاغوت على اسم فاعول، مبالغة، صار؛ فإذن عندنا إيمان بالله، عندنا إيمان إنساني، عندنا إسلام إنساني، فعندنا إيمان إنساني، نحن قُلنا من البداية إن المسلم اسم فاعل ميمي، هو من فعل (أسلم) الرباعي، المؤمن من (أمن) الجذر تبعه الثلاثي، المؤمن جاء من (آمن)، الآن صار بصوتَين هنا عمريان، فعل رباعي؛ فالمؤمن اسم فاعل ميمي لفعل (آمن) الرباعي، فيه (أمن)، فيه (آمن)، وفيه المؤمن صار اسم فاعل إليه، ما المقصود بالمؤمن والمسلم؟ كلاهما أسماء فاعل ميمي من الأفعال الرباعية (أسلم) و(آمن) ما المقصود في المؤمن هنا إذا المسلم، عرفنا أنه إنسان سلمي في نفسه وبسلوكه، يعني إنسان بحاله، مسلم لا يؤذي أحداً، بس لا يفيد أحداً، المؤمن يرتقي فوق درجة المسلم عندما يتفاعل مع المجتمع، صار اسمه مؤمناً، يعني نشر الأمن والأمان في المجتمع، في تعامله بالعلاقات".


المسلم والمؤمن

وتابع إسلامبولي: "أكمل فكرة المسلم والمؤمن؛ فيه حديثان ينسبان إلى النبي مهمان جداً؛ معناهما يتطابق مع القرآن واللسان العربي، عندما قال المسلم مَن سلم الناس من لسانه ويده، لاحظ حالة اجتماعية خاصة؛ بس بنفسه ما فيه تفاعل سلمي، المؤمن من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم وأعراضهم، صار حالة ماذا؟ تفاعل اجتماعي، فالمؤمن هو مسلم متفاعل اجتماعياً، إذا ما تفاعل اجتماعياً ما اسمه مؤمن، مسلم فقط؛ فهل مطلوب أن نبقى في درجة المسلمين حصراً كمقام؟ لا مطلوب أن نرتقي إلى درجة المؤمنين، متفاعلين في المجتمع؛ لأنه لا رهبانية في الدين الإسلامي، والإيمان والتصديق، هل ضد الكفر هو التصديق؟ لا؛ لأن الكفر موقف سلوكي، رفض شيء وإنكاره وتغطيته، طيب نقيضه شو بيكون؟ نقيضه بيكون الإيمان، نقيض الكفر الإيمان".


الإيمان اتباع وطاعة

واستطرد إسلامبولي: "والصدق نقيض الكذب؛ فإذا كان الكفر بهذا الشيء، فالإيمان ما هو؟ هو إظهار الحق والتفاعل معه والاتباع والطاعة، فصار الإيمان اتباعاً وطاعة.. طيب الاتباع والطاعة هاد، هل ممكن يكون في أرض الواقع قبل ما يسبقه تصديق؟ لازم يسبقه تصديق، تصدق الشيء اللي أنت بدك تتبعه، إبليس كان يصدق ويثبت وجود الله، ويثبت ويصدق مقام ألوهيته، ويثبت ويصدق بوجود اليوم الآخر؛ لكن ما آمن، بمعنى إيه؟ عندما أتى الأمر من الرب بأن اسجد لآدام، رفض، كفر، لذلك وقت رفض السجود كفر، فكان من الكافرين".


إبليس كان مؤمناً.. ولكن كان من الكافرين

وقال إسلامبولي رداً على "بس هو كان مؤمناً؟": "كان مؤمناً بس كان من الكافرين.. طيب وقت صار من الكافرين، هل هذه المفاهيم المعلوماتية راحت من قلبه يعني، ولا هو بيعرف كله أنه صح وصدق، فإذا كان مؤمناً نفي إيمانه، لم ينفِ المعلوماتية، لم يحل المعلوماتية، نفاها، كفر، كان من الكافرين؛ فهو يصدق بوجود ذلك، لكن لا يتبع، وهذا شيء طبيعي، ليس كل أمر أنا أصدقه وأقتنع به أنه أنا أتبعه، أنه فيه أنا هوى، فيه مناصب، فيه مصالح، أنت كلامك صح وأنا باسلم لك، كلامك صح وصدق؛ لكن أنا ما بدي أتبعه، ما يناسبني.. فإذن الكفر ضد الإيمان، والتصديق ضد التكذيب، الذين يكذبون بيوم الدين ينكرونه، ما فيه يوم الدين أصلاً، أما إبليس ما قال ما فيه يوم الدين، لا هو يصدق بيوم الدين؛ لكن لم يؤمن به، يصدق ولم يؤمن".


آمن غير صدق

وأضاف الباحث والمفكر السوري: "آمن غير صدق؛ الإيمان له علاقة بالاتباع والطاعة، هذا المطلوب (يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره)؛ عَم يطلب منهم الإيمان، آمنوا بالله، ما عَم يطلب منهم صدقوا بوجود الله أو صدقوا بوجود اليوم الآخر، يعني أنا ماذا يفيدني إذا إنسان صدق بوجود الله أو باليوم الآخر وصرح بذلك بلسانه؛ ولكن قال أنا ما مآمن فيه، ما معنى كلامه، ما لم يؤمن فيه؟ يعني ما أتبعه أنا ما بدي أتبعه، ولا بدي أطيعه، بس أنا مصدق؛ لأنه أدلة وبراهين تثبت هذا الكلام، فأنا صدقته وثبته؛ لكن لن أؤمن به.. فآمن ضد كفر، آمن بالشيء يعني اتبعه ما صدقه".


الكفر والإيمان.. والصدق والكذب

وأضاف الباحث والمفكر السوري: "الكفر، ما الكفر؟ موقف سلوكي لإخفاء شيء؛ الإيمان عكسه ضده، إظهار الحقيقة واتباعها والطاعة؛ يعني أنا أقول أنا مؤمن بالله معناه أنا ملتزم بأوامره.. ما له علاقة بالإيمان الصدق والكذب؛ بس ما آمنت، أنا أصدق بوجود كذا وكذا، بس ما مآمن، شو يعني ما  مآمن؟ لا أنقاد إلى ما صدقت به، هذه حريتي، هذا اسمه الكفر؛ لأنه الكفر معناه فيه شيء موجود حقيقي، أنا أخفيته، فهمت؛ أنا أصدق بوجوده.. فالإيمان بالله يعني اتباعاً وطاعة لأوامره، وليس تصديقاً".


الإيمان ليس مقابل التكذيب

وأضاف سامر إسلامبولي: "ما فيه كذب في الإيمان، الإيمان ما بيجي مقابل التكذيب، كيف تكفر فيه؟ كفرت فيه، كفرت أنا ما كذبت.. والتكذيب إنكار، يعني الإنسان لا يكذب شيئاً غير ثابت. والكذب عكسه الصدق، الإيمان عكسه الكفر، الإيمان بالله يعني الاتباع والطاعة لأوامره وليس تصديقاً، لم يؤمن بالله يعني لم يتبع أوامره، من الناحية الثقافية يقولون الإيمان ما وقر في القلب ونطق به اللسان وصدق به الجوارح، يعني تحول إلى عمل، التعريف تبعهم فأنا باقصد إن الإيمان إذن شو؟ هو تصديق + اتباع وعمل، بدون اتباع وعمل الإيمان سقط".


تفنيد مصطلح "الذين آمنوا"

وأجاب سامر إسلامبولي عن سؤال "(الذين آمنوا) هل هو مصطلح مقصور فقط على الناس الذين اتبعوا الرسول، أم هذا يمكن أن ينطلق على كل الذين اتبعوا الرسالة؟"، قائلاً: "نعم المؤمنون، هو جمع لـ(مؤمن)، وهو اسم فاعل، ولا تطلق هذه الكلمة اسم فاعل على كائن إلا إذا امتهن ولازم هذا الفعل؛ فيصبح اسمه مؤمناً فاعلاً، مثل الكاتب لا يصبح أحد يسميه الكاتب إلا إذا كان لديه امتهان الكتب، أما إذا كتب مرة واحدة ما اسمه الكاتب، لا هذا لا يستخدم بصيغة الفعل (كتب) أو إذا استخدم اسم فاعل، فهي خاصة بما كتب، كاتب كذا بس، أما لا يأخذ صفة الكاتب، فالمؤمن الآن أخذ صفة لا تطلق على الكائن إلا إذا امتهن والتزم بمفاهيم معينة، حملها ودافع عنها وطبقها على أرض الواقع، وصار اسمه مؤمناً... مؤمن بماذا؟ فيه مؤمن بالله، فيه مؤمن بالطاغوت، هذا مؤمن وهذا مؤمن؛ الجمع لها مؤمنون.. مؤمنون بالله عز وجل، مؤمنون بالطاغوت. النص القرآني (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) ما جاء المؤمنون، نحن نتحدث عن الذين آمنوا في السياقات، (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا والنصارى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِالَّلهِ وَاليَومِ الْآخِرِ)، فهل إن الَّذِينَ آمَنُوا من (أمن) يعني هم آمنوا بالأصل مؤمنون، يعني خالصين ومع ذلك يقول مَن آمن بالله واليوم الآخر، فمعناها هنا أن الذين آمنوا مش مآمنين بالله.. (يعني هؤلاء مآمنين، لأنه فيه رأي آخر يعتبر الذين آمنوا لم يؤمنوا بالله حسناً، لا يؤمنون بالله؛ لكنهم آمنوا وجودهم في المجتمع؟) هذا هو المعنى، هو الإيمان الاجتماعي، شلون يوجد عندنا إسلام اجتماعي؟ هؤلاء الذين آمنوا، هؤلاء قطع المسلمين دائماً، الإيمان أعلى من الإسلام، فهؤلاء الذين آمنوا، هؤلاء المؤمنون اجتماعياً ليسوا مؤمنين بالله، مؤمنين اجتماعياً، حياتهم بالمجتمع تقوم على السلم وعلى حسن الجوار، والتفاعل مع المجتمع، أعمال صالحة؛ لا يوجد إيمان دون أعمال؛ لأنه إطلاقاً في أعمال صالحة؛ لكن لا يقصدون فيها وجه الله، يقصدون فيها ربما أشياء كثيرة جداً؛ لكن ليس الله، هل هم مجرمون؟ لا، هم ليسوا مجرمين، صار الموضوع تاني، والذين هادوا والنصارى والصابئين مَن آمن بالله واليوم الآخر؟ هنا   الانتقال أنه يطلب منهم ارتقوا بإيمانكم هذا الاجتماعي إلى الإيمان بالله، ضيفوا إليه الإيمان بالله، فوقتاً سيصبح مصيركم مؤمناً من حيث عدم الخوف ودخول الجنة".


المؤمنون بالله والإيمان الاجتماعي

وأجاب إسلامبولي عن سؤال "الذين آمنوا ليس بالضروري أن يكونوا الذين اتبعوا الرسول؟"، قائلاً: "لا ما العلاقة هنا، كلمة الذين آمنوا ما لها علاقة بآمنوا بالله.. والآية التي تقول (يا أيها الذين آمنوا بالله ورسوله والكتاب) حددها آمنوا بالله؛ معناها آمنوا.. بغير الله، لا يشترط في الكلمة آمنوا مفردة واحدة أن ترتبط بالله عز وجل.. فالسياق يحدد، الذين آمنوا بالله، الذين آمنوا اجتماعياً، وهذا النص (كتب عليكم الصيام) أنا بالنسبة لي شامل الاثنين، يعني شامل المؤمنين بالله وشامل الإيمان الاجتماعي؛ لأننا بمجتمع واحد، عايشين، كتب علينا في دوافع أو عناصر معينة، كتبت علينا الصيام اللي هو الإمساك والامتناع عن ممارسات معينة؛ لنتقي ما ينتج عنها اجتماعياً، شامل الاثنين، هذا حيوية النص؛ فدائماً فيه توسع، هذا الفهم يسوقنا إلى فهم مثلاً (وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمناً خطأ)؛ كما فهموه بالفقه الإسلامي أنه المؤمن بالله، فإذا قتلت غير مؤمن بالله ما يشملك الأمر، ما فيه مشكلة؛ يعني التعامل يختلف تماماً وكأنه ليس إنساناً؛ بينما هم بهذا الفهم ما كان لمؤمن أن يقتل مؤمناً، ما كان لمواطن صالح آمن أن يقتل مواطناً صالحاً آمناً بصرف النظر عن دين الطرفين، ما عَم يحكي عن الدين، ما يصير هذا الكلام، تقتل، قتله، جريمة، صار فيه خطأ؛ فإذن لا بد من عملية تعويض وترميم وإصلاح وما يسمى الحق العام؛ فالتفريق ما بين الإيمان الاجتماعي والإيمان الإلهي أو الرباني على مساحة النص القرآني، يطلع معانا أحكام كتير تفرق معنا كتير تماماً بالفقه؛ منها هذا الموضوع".


خطاب اجتماعي

واستكمل إسلامبولي: "(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) للجميع؛ كخطاب اجتماعي محترم سلمي (يا أيها المواطنون)"، مضيفاً رداً على "(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، يعني أن الموضوع صار أوسع من مسألة عبادة أو طقس؟": "هنا كتب عليكم الصيام ليس صيام رمضان، ما له علاقة، موضوع اجتماعي بحت؛ كل شيء يتعلق بحالة اجتماعية، كله، فيه شيء بالمجتمع، صار فيه ضرر وفساد، لازم نحن نتقيه بالصيام، مَن يقوم بهذا الصيام؛ الذين آمنوا اللي هم أفراد الوطن، المواطنون يتكاتفون مع بعض، يعملون عملية صيام، امتناع وإمساك، إضراب عن ممارسة هذا الشيء، فإذا ما صمتم، صار فيه إمساك وصيام، اتقيتم الأذى تبعه، إذا صمتم وامتنعتم عن ممارسة هذا الشيء تتقوا النتائج.. مين اللي كتب المعطيات؟ الغلاء، الفساد، الظلم؛ هو الذي كتب عليكم هذا الأمر، نفس الشيء (كُتِبَ عَلَيْكُم القِتَال)، القتال لا أحد يحبه ولا أحد يرغب بالقتال، القتال دمار، القتال بالمعنى المادي دمار وحرب وعنف (كُتِبَ عَلَيْكُم القِتَال) ليس الله الذي كتبه، فيه معطيات وظروف هي وجهتنا نحو اختيار قرار القتال مكرهين، مكره أخوك لا بطل؛ الطرف المعتدي هو الذي أجبرني وأكرهني على قبول القتال، هذا كُتِبَ عَلَيْكُم القِتَال.. كُتِبَ عَلَيْكُم الصيام".


حُرِّمَت عَلَيْكُم الميتة والدم ولحم الخنزير

وأجاب الباحث والمفكر السوري عن سؤال "هل ممكن ندرج كلمة (حُرِّمَت عَلَيْكُم) ضمن هذا الفهم (حُرِّمَت عَلَيْكُم الميتة والدم ولحم الخنزير)، أيضاً التحريم عن استخدام صيغة المفعول؟"، قائلاً: "نعم الميتة حُرِّمَت عَلَيْكُمْ؛ لأنها ميتة، في حال لو أنتم لحقتموها قبل أن تموت؛ فإذن ترجع إلى حكمها الإباحة، الدم تحريم لازم؛ حُرِّمَت عَلَيْكُم؛ لأنه فيه معطيات، المعطيات الظرفية هي الفرضية، بمعنى آخر أن هذه المحرمات هي نابعة عن مقاصد دينية لمصلحتكم".


وتابع إسلامبولي: "هي قرار علمي طبي غذائي بمنع ممارسة أو تعاطي هذه المواد؛ لوجود هذه الأشياء اللي فيها، تقدروا تزيلوا منها هذه الأمور، ترجع المواد هذه للإباحة؛ أما بتقدروا، فتظلون ملتزمين، فالفعل ما بين المجهول كتير مهم فهمه".


وقال إسلامبولي رداً على "إذن الذين آمنوا قد يقصد فيها مثلاً في بعض المواقع الذين آمنوا بالرسول مثلاً وبالله، والناس الذين اطمأنوا في بيوتهم، في عادة بغض النظر عن إيمانهم بالله أو عدمه؟": "أكيد الإيماني؛ لأنه والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد، آمنوا وعملوا الصالحات؛ لكن هل كانوا مؤمنين بالله مثلاً؟ ممكن ما يكونوا مؤمنين بالله بس مؤمن في نفسه".


الذين آمنوا.. الأمن الاجتماعي

وأضاف الباحث والمفكر السوري: "الذين آمنوا هنا المقصود الأمن الاجتماعي، ويعمل صالحات، وما أكثر الناس في العالم مؤمنين يعملون صالحاً لا يرجون الله ولا يرجون غير الله، حالة إنسانية حباً في فعل الخير، لا نريد منكم شيئاً لا جزاء ولا شكوراً، اسمه مؤمن ويعملون صالحاً، بس لا يرجون الله طبعاً بهذا العمل، نفع النفس، المجرم فوراً ليس مجرماً، ليس قاتلاً، ليس فاسداً، ليس كافراً، مؤمن، هنا عَم يطلب منهم النص وآمنوا، عَم يطلبون النص، ارتقي بإيمانك وآمن بما نزل على محمد، اللي هو القرآن، لحتى تأخذ ثمرة إيمانك في الآخرة، وترجو الله في ذلك، ولا يعني الله يخذله إذا ما فعل ذلك؛ لكن ما بيعامله مثل الإنسان الذي يرجو الله، يعني المؤمن بالله غير المؤمن بالمجتمع والإنسانية؛ هذا غير هذا، ولا يعني أنه ليس على شيء؛ اللي هو مؤمن اجتماعياً، (يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل)؛ فهذه الآيات موجودة في القرآن (يا أيها الذين آمنوا)؛ عم يطلب منهم الارتقاء.. طبعاً بالتفسير فهموها إن (يا أيها الذين آمنوا) يعني يا أهل الكتاب؛ لأنه آمنوا يعني آمنوا بالله واليوم والآخر، فما عنده غير أهل الكتاب، أتباع النبي موسى وأتباع المسيح، فهذا الخطاب يقول لهم أنتم يا مؤمنين بالله آمنوا، طبعاً نحن مؤمنون، نحن مؤمنون بالله، مؤمنون باليوم الآخر، آمنوا كمان مرة ثانية، لا ليس هنا خطاب للمجتمعات كلها المؤمنة، دعوة إلى الدخول في حلف الإيمان؛ آمنوا لله وما نزل على النبي محمد وما نزل على محمد، القرآن، هو كتاب إنساني؛ لذلك ما فيه إنسان على الأرض يرفض الدين الإسلامي؛ لذلك إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم، يعني راكبه مع مفاهيمك مع فطرتك والأفضل بالواقع وما أحد يرفضه".


خطاب إنساني

واستكمل سامر إسلامبولي: "وهذا مقصد من مقاصد الدين، يا أيها الناس؛ إذا بتلاحظ الخطاب اختلف كله، خطاب إنساني؛ (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)؛ طبعا أتقاكم دائماً بيحطوا أتقاكم لله، لا ليس الله، أتقاكم للأذى الاجتماعي؛ دائماً مرتبط هنا، ما له علاقة هنا، والله أتقي الله، أنا أتقي الله، كتب عليكم الصيام لعلكم تتقون، لا تتقون الله، الله ما بيجي منه شر وأذى حتى أتقي، أنتم تتقون الأذى والفساد، ليس أنا أتقي الله، أنا أتقي الأذى والفساد والشر الموجود بالناس؛ من خلال فعل الصيام والامتناع والإضراب؛ فهنا التعارف بين الناس هو مقصد من مقاصد الدين، التعارف يعني تعايش؛ التعايش كلمات عم تأخذ ورا البعض، ومفاهيم التعارف عم يصير فيه تعايش، والتعايش عم يصير فيه احترام، عَم ينتج عنه تعاون، كله صار فيه تفاعل، وهذا لا يمكن يقوم إلا على مفهوم السلم والسلام الاجتماعي مع بعضهما، فإذن علاقة الناس مع بعضهم علاقة تعاون وحسن جوار، واللي يصيبك يصيبني واللي يؤذيك يؤذيني، عايشين مع بعض على كوكب الأرض، حتى على كوكب الأرض ما فيه أنه هذه البقعة لك، هذي البقعة لي، عندك يصير في فساد بيئة و.. إلى آخره، أنا ما يهمني أنا عايز طرف ثانٍ، نحن أمن واحد، هذا الكوكب الأرض هو مركب سفينة نوح، تبعناه، لازم نهتم فيه كلنا".


لا بد من التنوير

وقال إسلامبولي رداً على "مِن أين نستفهم هذا الفهم؟": "لا بد من التنوير والاستمرار في عرض هذه الأفكار، لا نملك إلا الكلمة".


الحق والسلام.. وصلاح المجتمعات

واختتم الباحث والمفكر السوري رداً على "بعد مناقشة هذه المفاهيم وتطبيق اللسان العرب المبين حول هذه المفهوم (الإيمان والكفر والطغيان والإسلام) مع الآفاق التي تفتحت في معاني هذه الألفاظ وكيف ممكن أن يعكسها على المجتمعات، يعني أنت هذه عبارة عن دعوة لمجتمعات كلها سلم وسلام وتعاون وتعايش، وعكس ذلك هو الذي قسَّم الناس إلى مجموعات عرقية ومجموعات دينية ومجموعات فكرية ورفعت حالة العداء ما بين هذه المجتمعات، هذا كافر وهذا صادق وهذا مؤمن.. إلى آخره، وبالتالي يعني إعادة الحياة للمفهوم، اللفظ وفق آلة اللسان، سيفتح آفاقاً كثيرة في التعاون ما بين المجتمعات": "نعم؛ من أسماء الله عز وجل، الحق والسلام؛ فهذان الاسمان ينبغي أن يتم تفعيلهما في الأدبيات الإسلامية، الحق والسلام.. إن الله يدعو إلى دار السلام.. وتحيتهم فيها السلام، فالسلام أخذ حيزاً كبيراً جداً في مفهوم الدين الإسلامي، وهو أساسه، هذا كله في الدنيا".