ناقشَ سامر إسلامبولي، الباحث والمفكر السوري، خلال لقائه د.باسم الجمل، عبر برنامج "مفاهيم"، المدلولَ اللساني لمفهومَي "الموت" و"الوفاة" في النص القرآني، وكيف أنه من الواضح أن الموت والوفاة لفظان مفهومان في القرآن؟ وكيف في الفقه التراثي وفي الحياة الثقافية العامة عند المجتمعات بشكل عام، تم فهم المدلول اللفظي لهذين المفهومَين بشكل خاطئ؟ ملقياً الضوءَ على هذين المفهومَين من خلال تطبيق آلية اللسان العربي عليهما، وما مدى التعارض أو مدى التقاطع بين الفهم التراثي الفقهي القديم والمفهوم أو المعلومات أو المفاهيم التي ستنتج عن تطبيق آلية اللسان العربي المبين على هذَين المفهومَين؟
الموت والوفاة ظاهرة دون وجود موضوعي
قال سامر إسلامبولي، الباحث والمفكر السوري: "الموت والوفاة ظاهرة ليس لها وجود موضوعي؛ مثل أبعاد الزمن، الطول والعرض والارتفاع والزمن؛ هي أبعاد للمادة. فكمان المادة إلا ظاهرة الموت وظاهرة الوفاة وظاهرة الحياة؛ هي ليس لها وجود حقيقي، عبارة عن ظواهر. فالموت، ما الموت في اللسان العربي؟ هو توقف فاعلية الشيء كمفهوم عام؛ توقف فعالية الشيء فاسمه مات.. بيظهر بدلالة مادية مثل (وآية لهم الأرض الميتة)؛ أرض ميتة قاحلة جدباء لا نبات فيها. اسمها أرض ميتة. وبيظهر بحالة الموت النفسي يكون الإنسان غير فاعل بحياته؛ فهو حي بجسمه كطاقة حياتية، ولكن نفسيته ميتة. وقت ما يكون إنسان فاشل محبط بالحياة غير فاعل للمجتمع؛ فهو ميت. إذا عرفنا الموت وعرفنا دلالته المادية، ودلالته المعنوية؛ سهل جداً نصير نعرف الحياة؛ لأنه بضدها تظهر الأشياء، الحياة فاعلية؛ فإذا كان الموت هو نفي الفاعلية، فالحياة فاعلية وإنتاج؛ لذلك (وآية لهم الأرض الميتة أحييناها)، إحياء الأرض يكون من خلال الحركة اللي بتدب فيها؛ من خلال نزول الأمطار والإنتاج، بتصير تنتج، فصارت إذن الحياة فاعلية وإنتاج. الموت توقف الفاعلية ونفي الإنتاج؛ الحياة فاعلية وإنتاج، فالإنسان الحي هو الفاعل المنتج".
الدلالة الفيزيائية وصعوبة تحليلها.. ماذا تعني كلمة "موت"؟
وأجاب سامر إسلامبولي عن سؤال "عشان نلتزم بالقواعد الأساسية للسان أن الموت لفظ مفهومي، استخرج معناه من اللفظ.. كيف عانى الموت لفظاً الحالة التي قصتها من فهم تآلف الأصوات الموجودة في الحروف؟"، قائلاً: "نعم؛ هلأ آجي بالدلالة الفيزيائية؛ الدلالة الفيزيائية وتحليلها فيه صعوبة، لتوصيل كيف انتقلنا من الحالة المفهومية إلى الحالة الثقافية؛ يعني التجريدية للثقافية؛ فأنا دخلت في المعنى الثقافي ودعمته باستخدام القرآن كون القرآن مصدراً لسانياً وبرهاناً بحد ذاته، فإذا جبنا البرهان، النص القرآني، وأثبتنا أنه كلمة موت تعني نفي الفاعلية والإنتاج، وصل الكلام للمتلقي، أما إذا دخلنا في الدلالة صار فيه تفصيل. يعني موت؛ ماذا تعني كلمة موت؟ (الميم) جمع متصل ضم متصل، و(الواو) امتداد مكاني منضم، و(التاء) دفع خفيف. جمع الثلاث مع بعضها هنا يطلع معنا المفهوم التجريدي الفيزيائي فقط؛ اللي هوّ الميم اللي هوّ الجمع منضم متصل عما يعقبه".
الوصول إلى المعنى الثقافي
وأضاف الباحث والمفكر السوري: "كيف بنوصل نحن إلى المعنى الثقافي؟ بدنا نحاول نستقرأ معنى التجريدي ونحاول نجسده على أرض الواقع؛ فبيطلع معنا دلالة الأصوات الثلاثة إذن مجتمعةً مع بعضها بكلمة (موت)، بيجي معنا اللي هو نتيجتها يعني فقدان الفاعلية، يعني الكائن على ما هو عليه مجتمع متصل منضم مكانياً".
الروح لا يموت.. قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي
وقال إسلامبولي رداً على سؤال "يعني وَفق هذا المفهوم قد يكون الشيء حياً، يعني فيه دم وحركة ومتنفس؛ لكن من حيث الفاعلية هو ميت؟": "هلأ ميت نفسياً؛ هذا الإنسان كائن حي في جسمه، ميت في نفسه (وهذا عكس ما تعلمناه أو ما يقوله الفقه التراثي بحول مفهوم ميت أنه الميت خلصت أنه الميت الذي فقد الحياة كلياً)؛ فقد الحياة كلياً بياخدوه، بس الصورة المادية زهق الحياة. طبعاً بيستعملوا خروج روحه من جسمه، الخطأ كمان الشائع.. الروح لا يموت، لأنه الروح هو حالة معلوماتية. الروح ليس له وجود موضوعي من عالم الأمر، (أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ).. (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي)؛ من أمر ربي، ألا له الخلق والأمر؛ فيه خلق فيه أمر؛ الروح ليس من الخلق، من الأمر؛ فهو من عالم الأمر، مو لا يعرف أو لا ندري، لا فيه سؤال حقيقي وجه، وفيه جواب حقيقي، الجواب أنه الروح من أمر ربي؛ فادرسوا أمر الرب بتعرفوا ما هو الروح؛ الروح لفظة مذكرة (يوم يقوم الروح والملائكة) لفظة مذكرة... يعني استخدم لها ضمير هو؛ فالروح هو حالة، معلومات؛ فلذلك إذا بِدنا نعرفه بنقول الروح هو نظام سُنني يحكم هذا الوجود من الذرة إلى المجرة، والإنسان جزء لا يتجزأ من هذا؛ يعني علوماً، يعني علماً، يعني إيه علم، نعم علم وسُنن هذا الروح. (أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا) علماً وسنناً؛ مو كائن، مو حياته، لا تنفس. هديك اسمها حياة؛ اسمها حياة. فالإنسان عندما يموت طاقة الحياة تتوقف عنده بجسمه، فبيموت. طيب شو بيخرج منه؟ بيخرج نفس.. لذلك الله يتوفى الأنفس حين موتها. لا يتوفى طاقة الحياة؛ طاقة الحياة تنفد بسبب اضطراب وعطل فيها، فالجسم بيصاب بالهلاك والنفوق، فيموت الجسم فيدفن في التربة، يتحلل العناصر الأولى، أما النفس لا؛ لا تدفن النفس، يتوفاه الله، تتوفى؛ يتم توفيها يعني استرجاعها. التوفية هي عملية استرجاع هذا النفس، هلأ الجسم يتحلل إلى عناصره الأولى، النفس لا تتحلل إلى عناصرها الأولى".
اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا
وتابع الباحث والمفكر السوري: "يعني لما نقول آية (اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا)؛ يعني حين بدء موتها؛ فالنفس رب العالمين استرجعها فوراً، تموت النفس إذا غادرت الجسم. هذا موت؛ لأنه توقفت فاعليتها، لا يمكن أن تتفاعل وتنتج إلا حين نزولها في الجسم، فإذا طلعت من الجسم ما عاد تقدر تنتج أو تعمل بفاعلية".
النفس لا تموت.. الله يتوفى الأنفس
وقال سامر إسلامبولي رداً على "وكأنك تسحب الطاقة في الجسد. يعني ممكن الطاقة؟": "مو طاقة الحياة، نفس؛ يعني مثل نظام ويندوز، والجهاز الكهربائي موجود. بس فاعليته تكون من خلال نظام ويندوز. وهو غير موجود وحده بمعزل عن الجهاز؛ ممكن تتعامل معه أنت، مع أنه القيمة للنظام ويندوز، النظام وقت بينزل بالجهاز بيتفعل؛ بس القيمة للنظام.. النظام هو اللي بيتفرمت، النظام هو اللي بيحمل بيانات,, (إذن الله يتوفى الأنفس حين موتها المقصود هو من موت الجسد)؛ موت الإنسان، كيف يموت، هدأ الإنسان عندما تتعطل طاقة الحياة في جسمه، فميكانيكية الجسم، بيولوجيته تتوقف فوراً لسبب معين ما؛ فتضطر النفس إلى الخروج.. نفس ما بتموت إذن كنفس واحدة، نفس ما بتموت، يتم إنهاء فاعليتها من خلال إخراجها من الجسم".
كل نفس ذائقة الموت.. الذوق والتذوق لسانيًّا
وأجاب إسلامبولي عن سؤال "تمُت في منامها؟"، قائلاً: "نعم؛ وبترجع النفس إلى صاحبها؛ بيتفعل في نهار الصبح للحياة الطبيعية، للنفس، الموت للجسم. وكل نفس ذائقة الموت؛ كل نفس ذائقة الموت، ونستخدم كلمة الذوق والتذوق في اللسان العربي، هو أخذ جزء لاختباره؛ مو أخذ الكل. يعني بمعنى إذا عندنا كيس ملح، نحن ممكن تتذوق ذرات منه. هذا اسمه تذوق، نفس ذائقة الموت فيه إشارة أن الموت ليس دائماً إنما هو حالة اختبارية جزئية، ومن ثمَّ فيه عودة للحياة؛ فإذن الموت ليس نهاية لحياة الإنسان، وإنما هي حالة تذوقية".
الفرق بين النفس والجسم
وأضاف الباحث والمفكر السوري: "يعني الموت ليس نهاية، النفس طبعًا هي الحياة، النفس ليس نهاية النفس. وإنما هو حالة تذوقية اختبارية، ومن ثمًّ يتم البعث ليوم القيامة. فيتم خلق أجسام أخرى لتنزل النفس فيها، فتتم فاعليتها وإنتاجها، دون جسم لا يمكن تتفعل وتنتج أبداً؛ حكمها حكم الموت، فقدان الفاعلية؛ بس ما بتفنى.. هذا الفرق بينها وبين الجسم؛ موت الجسم فناؤه، هلاكه إلى عناصره الأولى، موت النفس توفيها وتثبيتها على ما هي عليه".
هل نستطيع أن نطيل العمر؟
وأجاب إسلامبولي عن سؤال "إذا تمت العناية بالجسم بشكل فائق، هل نستطيع أن نطيل العمر؟"، قائلاً: "نعم، أن نطيل العمر، أما لا ننفي الموت.. أكيد هذا الشيء العلم يطيله، وهذا موجود الآن في البلدان كلها، ما يُسمى الوسط العمري بالمجتمعات. هذا يختلف حسب العلم والنهضة والطب والتقدم. فممكن يكون العمر الوسطي مثلاً في بلاد وسط إفريقيا ٥٠ سنة؛ بسبب الأمراض، بسبب الفقر، وممكن يصير في أوروبا الوسط العمري ٨٠ سنة. السبب هو العلم، الطب؛ لو أخذنا فئة من الناس بهذه البلدان إلى أوروبا ما بيطول عمرهم.. إذا غيرنا بيئتهم ووضعناهم عايشين أطفال بأوروبا بنلاقي عمرهم طال؛ معناها مو بالضرورة طفل أنه إذا كان وُلِد من بيئة معينة من أبوَين مثلاً بإفريقيا أنه لازم يموت بالخمسين وين ما عاش في العالم؛ فالظروف البيئية والاقتصادية والاجتماعية عَم تطيل العمر أو تقصره".
النوم أخو الموت.. لا فاعلية ولا إنتاج
وأجاب إسلامبولي عن سؤال "هل المقصود بـ(فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَىٰ عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَىٰ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى) بالإطالة الأجل المسمى؟"، قائلاً: "لا، هذا النص عَم يحكي عن حالة النوم. الإنسان وقت بينام ليلاً، النوم أخو الموت، متوقف فاعليته. فأخو الموت صار ما فيه فاعلية، ما فيه إنتاج. تتوقف فعالية النفس والجسد، كإنتاج مو كطاقة حيوية، ما عاد فيه حركة؛ لأنه حركة، فاعلية، وإنتاج، فاعلية، وحركة؛ ما فيه فاعلية وحركة، لا للنفس ولا للجسم، النفس ما بتنام طبعاً، نفس ما بتنام، نفس مو ذكر، نفس مو أنثى، ما بتنام، ما بتصغر، ما بتكبر، أشبه بنظام موجه موجود.. فله مواصفات خاصة. عندما ينام الجسم النفس تنتظر بحالة ثبات ليصحى الجسم؛ لتستخدمه. فمثل العلاقة بين الفارس والفرس. الفارس هو النفس، والفرس هو الجسم. الفرس دون فارس ما فيه، فارس دون فرس كمان ما فيه، هلأ الإنسان نام هو في حالة موت. بس موت ليس دائماً. هلأ الصبح؛ إما أن يتم إرجاع النفس للنفس، للجسم، وتفعيله، واستيقاظه. وإما إخراج النفس منه والجسم يموت، فنلاحظ بالوفاة هنا فكرة مهمة بالنصوص؛ أنه في عندنا نص بيقول (الله يتوفى الأنفس) وعندنا نص (قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ) وعندنا نص (وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمُ ۖ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ) النصوص الثلاثة؛ الله يتوفى وملك الموت يتوفى والملائكة تتوفى. هذه بدنا نفهمها كتير مهمة جداً؛ أنه النص الله يتوفى، لا يعني أنه هو يباشر الوفاة بنفسه، وإنما قرار الوفاة بيخرج منه، بيتنفذ عن طريق الموت".
لا موت دون موت جسدي
وأضاف إسلامبولي: "الله يتوفى الأنفس حين موتها؛ يعني توفي الأنفس مربوط بالموت الجسدي؛ أكيد ما بيصير توفي دون موت جسدي. طالما الجسد صالح، النفس صالحة فيه. إذا الجسم هذا تستطيع أنت تطويل عمره إلى ألف عام فالنفس موجودة فيه".
حث على العناية بالجسم والصحة
وتابع إسلامبولي: "وهذا إذن حث على العناية بالجسم والصحة طبعاً. عشان تستمر أنت بفاعليتك وإنتاجك لا بد أن تعتني بجسمك؛ يعني الفارس لحتى يبقى فارس وبطل اعتني بفرسك؛ لأنه إذا راح الفرس أنت فارس دون فرس؛ ما عاد تقدر، انتهيت، طلعت برة اللعبة، فالجسم كتير مهم.. إذا لم يتم هلاك الجسم فالنفس تبقى فيه ملازمة له، وتحب الحياة، النفس تحب الحياة.. تتمسك فيه، ما بتتركه ليتركها. النفس لا تترك الجسم إلا إذا الجسم تركها؛ يعني صار فيه عطل معين بالجسم، فالنفس مضطرة تتركه. إنه شو بده أعمل؟ ما عاد قدرت أتواصل معه؛ لأنه النفس تتواصل مع العالم الخارجي من خلال الجسم. الحواس الخمسة والدماغ.. فإذا انضرب الدماغ، هاي نقطة مهمة، كمان بعلم النفس".
لا يوجد شيء اسمه "مرض نفسي".. النفس كنظام الويندوز
واستكمل إسلامبولي: "إذا انضرب الدماغ النفس توقفت وتعطَّلت عن التواصل، مو هي التي أُصيبت، النفس لا تُصاب بشيء. ما فيه شيء اسمه مرض نفسي، لأنه النفس في الأصل مو قادر على أحوالنا. المشكلة بالدماغ؛ بيسموه مرض عقلي، هو العقل ما بيمرض، يعني النفس؛ لأنه العقل هو إذا بس شيء اسمه عقل، لأنه هي صفة، قوة إدراكية.. يعقلون. فالنفس لا تمرض، ما بتصغر، ما بتكبر، ما بتشيخ... بس إنما عندما تنزل في الجسم البشري بتنزل فارغة ما فيه شيء. يقوم الإنسان بالحياة الدنيا، بتشكيلها؛ بيسموها الشخصية، بتشكيل شخصيته، من خلال العلم والبيانات والمفاهيم والأفكار والأعمال، بيحملها للنفس؛ مثل نظام ويندوز بالضبط، اللي لها النظام الثابت والنظام المتغير".
النفس تكبر بالعلم والتعلم
واستطرد الباحث والمفكر السوري: "فالنفس نفس الشيء بالضبط؛ فيه لها نظام ثابت؛ اللي هو الغرائز الموجودة فيَّ.. ومنه الإدراك، هذا ثابت، أما تلقي المعلومات جديد أنت بدك تعلمها. فإذن بنقول النفس تكبر بالعلم والتعلم. مو تكبر بذاتها؛ مو مثل الجسم بيكبر هو بيشيخ، لأ النفس ما بتشيخ، نفس. لذلك الإنسان ممكن يكون نفسيته رياضياً، وبيحب الحياة؛ لكن جسمه ما عم يساعده، أما هو نفسه يقوم ويتحرك، جسمه ما عَم يساعده. عنده عزم؛ بس ما عندوش قدرة. فيه همة، فيه طموح، فيه أشياء جسمه ما عَم يساعده.. ويقولون العمر له حق، هو الجسم مو للنفس".
وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ الْعُمُرِ
وقال إسلامبولي: "إن المقصود بـ(أَرْذَلِ الْعُمُرِ)في (وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ)؛ أننا هنا بنحكي عن الإنسان كنفس؛ ولكن وقت بنحكي عن الإنسان كنفس لا يتم استبعاد الجسم؛ لأنه ما فيه نفس دون جسم؛ مع بعضهما. فهلأ يردكم إلى أرذل العمر، أنهو أرذل العمر؟ النفس! النفس لا ترد إلى أرذل العمر؛ لأن النفس ما بتمرض، ما بتشيخ، ما بتموت.. يعني الزمن لا يمشي على النفس.. ولكنها ليست خارج الزمن؛ لها زمن خاص فيها، خلينا نسميه بمعنى آخر قانون التناقض، والتناقض لا يسري عليها، أو قانون الهلاك؛ الموت لا يسري عليها، على النفس. يعني عندنا طاقة موجية معينة، مثلاً المادة المظلمة أو الطاقة المظلمة، هل فيها هي قانون الهلاك؟ ما فيها سرمدية؛ كلمة سرمدية طبعاً مقابل الأزلية، اللي هي تعني وجود البداية دون نهاية.. اسمها سرمدي. النفس كائن جني سرمدي، من عالم خارج عالم فيزياء الكلاسيكية والكوانتوم، من فيزياء أخرى؛ بس لها وجود حقيقي موضوعي. فإذن موجودة في الجسم، من الذي يسري عليه الآن آثار الزمن، بيمر بمراحل الجسم؛ فهنا يرد إلى أرذل العمر اللي هو موضوع إنه الجسم كبر وشاخ، فخلايا الدماغ تعبت".
توفي النفس لا يكون إلا بعد هلاك الجسم
وأجاب إسلامبولي عن سؤال "(وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ الْعُمُرِ) لماذا لم يقُل ثم يميتكم؟"، قائلاً: "الله خلقكم ثم يتوفاكم، هو خلقكم.. ثم عندك حرف العطف (ثم) يفيد الترتيب مع التراخي في الزمن.. خلقنا، هل خلقنا ومتنا مباشرةً مثلاً؟ أكيد لأ، التوفي للنفس لا يكون إلا بعد هلاك الجسم. معاً ضرورة. لذلك أنا قُلت إنه وقت الكلام على النفس أنه مثلاً كل نفس ذائقة الموت، طب يعني بس النفس بتموت والجسم بيبقى حياً؟ لا، هذا الكلام شمل الإنسان، بس عَم يتناول أهم ما فيه، والقوة الفاعلة اللي هي النفس، فصار الجسم ضمناً. فإذن النص هنا عَم يقول خلقناكم ثم يتوفاكم، عَم يدل على المرحلة الزمنية؛ أنه صار فيه خلق بعدين، مرحلة زمنية عشتوها، بعدين بيبدأ التوفي".
وتابع سامر إسلامبولي: "(... فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ) (ثم) قابلت الحياة مع الموت، إيه. فيه (ثم)؛ هي مهمة جداً في هاي، تعطي مرحلة زمنية، أنه فيه خلق، بعدين فيه موت، مرحلة زمنية، بعدين فيه البعث، ثم فكتير مهم جداً ضبط دلالات أحرف العطف، الواو، الفاء وثم واو.. تعريفات كتير مهمة يعني نحن نعرفها، الحياة كلمة تدل على فاعلية ذاتية وحركة منضبطة منتجة وتظهر بصورتَين، ذكرناهم حياة مادية متعلقة بصلاحية وفاعلية الشيء ذاتياً؛ مثل الكائنات الحية كلها، الحياة الموجودة بالكائن البشري. مثلها مثل أي حياة موجودة بأي كائن آخر من الثدييات، طاقة موجودة بجسمه، فإذا تعطل الجسم، الطاقة تعطلت؛ بيهلك هذا الكائن ويُفنى".
أصل الطاقة واحد بين الجسم البشري والحيوان
وأجاب الباحث والمفكر السوري عن سؤال "هل الطاقة الموجودة في الجسم البشري هي نفسها الطاقة الموجودة في الحيوان؟"، قائلاً: "أصل الطاقة واحد.. ولكن الحيوانات لا يوجد لديها نفوس؛ هي عبارة عن أجسام بيولوجية، ولها طاقة تحكمها لتحركها فقط؛ مثل جهاز كهربائي، والكهرباء، بس ما فيه نظام ويندوز؛ الإنسان عبارة عن جهاز كهربائي والطاقة الكهربائية ونظام ويندوز نازل فيه، نظام الويندوز هو النفس".
لا يوجد للحيوانات منطق
وأضاف إسلامبولي: "لا يوجد للحيوانات منطق؛ إذا نستخدم كلمة منطق بدنا نقول منطق غريزي؛ أما هيك مجرد منطق، فلأ، هذا الفرق ما بين الإنسان والحيوان، الحيوان عنده منطق غريزة؛ يعني غير واعٍ. يعني الحيوان لا يعي أنه يعي، بينما الإنسان عنده منطق واعٍ؛ فهو يعي أنه يعي.. ومنطق الحيوانات كلها غريزي.. مو بس قصص الغراب، قصص الدلافين، قصص الكلاب.. بتسمع قصصاً عجيبة؛ للوهلة الأولى بتقول إنه عَم يفكر وعنده وعي، لأ؛ هو ما فيه تفكير ولا فيه وعي، عَم يعمل هذا الشيء إذا بتلاحظ كلها، يعني العملية عند الغراب كلها، بس للحصول على الماء عندما يريده، الدافع له هو الحاجة العضوية. ما قاصد شيء آخر أبداً؛ لذلك الحيوانات ما عندها تاريخ، التاريخ هو أحداث واعية خاصة بالإنسان".
وتابع سامر إسلامبولي رداً على "ما هو أنا ممكن أقارن سلوك الحيوان في الحصول على الماء بنفس سلوك الإنسان في الحصول على الماء؛ في ما لو واجهه مكان عميق فبيظل يردم؟"، قائلاً: "هذا التصرف تصرف بدائي، أما هل يستطيع هذا الغراب إذا دربته أو مثلاً الدلافين دربتهم أكثر واستغللت هذا المنطق الغريزي عندهم؛ بتقدر تنميه بحيث بيصير عندهم حضارات؟ لا تستطيع، لا يمكن ولا بأي شكل، والعلماء حاولوا من أكثر من ١٠٠ عام. حاولوا كتير يعني؛ وخاصة مع الشمبانزي، وعلموه بحدود ٤٠٠ كلمة، وربما وصلوها ألف كلمة، بعدين شعروا أنه هاد عَم يتضحك علينا، يعني عَم يتصرف بشكل غريزي".
الحيوان بروح دون "نَفْس"
وأضاف إسلامبولي رداً على "يعني الحيوان ما فيهوش روح؟"،: "لأ، ما فيه نفس؛ الحيوانات بهائم، كائنات لها طاقة حياتية، لا نفس لها. أما حاكمتها الروح، الروح العامة اللي هي الكونية.. لأن الروح نظام سُنني. هلأ الروح روحين، القرآن اسمه روح، (وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا)؛ القرآن روح، والنظام الكوني اللي حاكم كمان روح".
التنفس من النفس.. "والصبح إذا تنفس"
وأضاف الباحث والمفكر السوري: "التنفس جاء من النفس؛ نفس هي الأساس، (والصبح إذا تنفس)؛ فهنا ظنوا معظم يعني الباحثين، أنه طالما عَم يتنفس الحيوان فإذن فيه نفس، أي حيوان يتنفس له نفس بهذا التعريف، كل حيوان؟ لا، هذا الكلام مو صواب".
بشر + نفس = إنسان عاقل واعٍ
وتابع سامر إسلامبولي رداً على "بتذكر أنه إحدى مقولات شحرور، أنه أيضاً الحيوانات لها نفوس، وبالتالي عمَّم الآية (مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ) شاملة الحيوانات؟": "طب ليش النبات ما شملتها، ما بيتنفسش؟ الصبح ما بيتنفس؟ وحتى بالتطبيق العملي، طيب الحشرات مو كائنات؟ يعني عايشة ولها حياة، ليش يسهل قتلها وما أحد بيناقشها وما لها حقوق؟ ما عندهاش نفس مثل الحيوانات الأخرى.. ولّا مثل الحيوانات الأخرى هي؟ شو الفرق ما بينها وبين البقر، وبين البقر، مو طاقة حياتية مصغرة؟ إذا هي حياة، ليش الإنسان عَم يدعس الذبابة والصراصير والحشرات أو حتى ما يسمى الفيروسات والبكتيريا، كلها كائنات حية؟ ليش لا قيمة لها؟ لصغر حجمها؟ الموضوع مو بالكبر والصغر. لا؛ الحيوانات كلها صغيرة أو كبيرة، لا نفوس لديها؛ لأنه النفس خاص للبشر بالذات، تم النفخ فيه، تأنسن عندما نزلت النفس بالبشر. بشر + نفس = إنسان عاقل واعٍ. أما الحيوانات؛ فالحيوانات فقط + طاقة حياتية محكومين بالروح. الروح حاكمة الكل؛ كنظام سُنني. فهل الحيوانات مو عندها روح؟ لأ، بتحكمها الروح، آه طبعاً. والنبات بيحكمه الروح؟ طبعاً محكوم بالروح.. بالسُّنن، هل له روح غير الروح اللي حاكمته؟ ما له الحيوانات والشجر والبهائم. الإنسان له روح. نزل عليه. اللي هو القرآن. (وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا)؛ فلذلك القرآن اسمه روح؛ لأنه يحتوي على مجموعة من المفاهيم والأحكام والمنظومات، فهو روح؛ فإذا حمله الإنسان صار إنساناً روحانياً".
"قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي"..هل الروح هو القرآن؟
وأجاب الباحث والمفكر السوري عن سؤال "يعني نقول (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) معناه الروح هو القرآن؟": "لأ؛ شاملة القرآن. أما المعنى العام، فالروح العامة. ما هو أمر الرب، ألا له الخلق والأمر، شو الخلق، وشو الأمر؟ الخلق هو الوجود الموضوعي ذاته. والأمر هو القوانين اللي حاكمة الخلق. فهي السنن، ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي. أمر الرب، ما هو؟ هو السُّنن. فإذا عم ننوه بأن الروح هو مجموعة أوامري وسُنني في هذا الوجود. يعني الكائن أو الكون روحي، الكون روحاني، محكوم بالروح. طيب الإنسان اللي بيدرس بيقول لك هذا علمه روحي، ذاك علمه مو روحي..".
المشروبات الروحية تسمية خطأ.. إشكالية تسمية الأمور بغير مسمياتها
وأضاف إسلامبولي: "مثلاً واحد بيدرس رياضيات؛ هذا علمه مو روحي؟ لا، الرياضيات علم روحاني، والفيزياء علم روحاني، طالما متعلق باكتشاف السنن للكون الروحاني. فهو إيه سُنن، علم روحي. رياضيات علم روحي، ولهذا الفلسفة الروحية؛ ولكن المشروبات الروحية تسمية خطأ. هنا الغريب بالمفارقات عند المسلمين أو الناس عموماً؛ تسمية الأمور بغير مسمياتها. يعني تسمية الأشياء أنه روحي، شغلة سامية ونبيلة ومدح. مو ذم. فإنه مشروبات روحية وراح يفوت عقله، شو الروحية هي اللي بتفقد عقلك، المفروض مشروبات روحية ترجع لك ووعيك وترفعه، وهي طبعاً مو مشروبات، إلا إذا استخدمت مشروبات بمعنى الدلالة المعنوية. (وأشربوا في قلوبهم العجل)؛ فيه شرب للماء، وفيه شرب حالات، مفاهيم وأفكار. هاي مشروبات روحية؛ هي عبارة عن معلومات، مفروض يعني تكون معلومات ومفاهيم يتم إدخالها إلى عقل الإنسان.. اسمها مشروبات روحية".
النفس وموت الجسم.. جنازتان للميت
وتابع الباحث والمفكر السوري: "الموت للجسم، يعني بمعنى آخر أنه الانسان عندما يموت بناخد العموم هلأ عندما يموت بيطلع له جنازتان. الجنازة بيحملوا (زيد)؛ ذووه، أهله، وحطوه بهذا الصندوق، بيحملوا مين؟ الجسد. وينه؟ مو بالصندوق النفس. فأهله يحملون هذا الجسد وبيروحوا على المقبرة بيدفنوه في التراب فقط، مثله مثل أي كائن حي آخر، بتتحلل جثته إلى العناصر الأولى. وفيه جنازة تانية تحملها الملائكة الموكلة بوفاة النفس، تأخذ النفس وتطلع فيها، النفس تعود. لذلك نحن أقرب إليكم من حبل الوريد، مين أقرب لزيد؟ الملائكة أقرب من الناس؛ الناس ملتصقون بالجسم، والملائكة أخدوا النفس اللي هو (زيد)؛ لأنه (زيد) هو النفس مو الجسم. وقت طلعوا الملائكة بالنفس، هذه النفس إما أنها صالحة في الدنيا وإما أن تكون سيئة، مجرم. فبناء على سلوكه في الحياة الدنيا يتم استقباله والاحتفال فيه بعد الموت".
هل الأموات هم الموتى؟
وأجاب سامر إسلامبولي عن سؤال "وردت لفظة أموات ولفظة موتى في القرآن، هل الأموات هم الموتى؟"، قائلاً: "فيه فرق ما بين الأموات والموتى.. إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ؛ فميت تجمع على ميتون وأموات؛ فالأموات هي جمع للميت، يعني للإنسان الذي توفيت نفسه، فهذا يجمع على أموات، يعني موت مادي حقيقي. الموتى جمع للميت إذا كان حياً بجسمه، ميت بنفسه، نفسيته ميتة الكائن الميت نفسياً جمعه موتى، والغريب أن الفقة أعطاهم نفس المعنى، وما أكثر الأمور التي يتم إعطاؤهم نفس المعنى، سواء بالفقه أو حتى بالمعاجم".
النبي عيسى كان يحيي الموتى لا الأموات
وأضاف إسلامبولي: "النبي عيسى كان يحيي الموتى ولا يحيي الأموات؛ لأن الأموات ماتوا خلاص. من مات لن يرجع، يحيي الموتى، الموتى هنا الناس المتخلفين الجهلة المرضى فكرياً يتم إحياؤهم بالفكر والتعليم. لذلك (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ)، طيب نحن أحياء! أحياء جسمياً، بس موتى نفسياً.. النبي عيسى كان يحيي الموتى مو الأموات، ناس أحياء يأكلون ويشربون حواليه؛ ولكن ما عندهم وعي، ما عندهم فكر، ما عندهم تمييز بين الحق والباطل. عايشين كالبهائم، فأتى المسيح بفكره وبدعوته، فبث فيهم الحياة الفكرية فأحياهم، بعد أن كانوا موتى، أحياء بأجسامهم. هذا الفعل ليس خاصاً للمسيح؛ النبي محمد أيضاً كان يحيي الموتى، وكل إنسان مفكر وداعية ممكن أن يقوم بإحياء الموتى؛ من خلال ممارسة العمل والدعوة والتوعية؛ فيحيي الموتى بالمجتمع، اللي همّ أحياء جسمياً. أما الأموات فهم فقدوا الحياة، (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ)؛ نفى عنهم صفة الموت، أموات جمعهم، وبالنسبة لنا نحن أموات كون الجسم هلك والنفس تم خروجها، بس هنا وقت خرجت النفس ما صار فيه توفي، بقيت حية، فوقت ما صار التوفي معناها مو أموات؛ لأنه الحياة الحقيقية لمين؟ للنفس.. النفس ما زالت فاعلة؛ لكن غادرت الجسم البشري، وكونها بدها تبقى فاعلة، معناها نزلت بجسم آخر، وتفعلت. لذلك أحياء عند ربهم، ولتثبيت الفكرة أكثر أنه حياة حقيقية فاعلة يرزقون.. أحياء عند ربهم يرزقون، مو حياة افتراضية، لأ.. يرزقون".
تناسخ الأرواح
وتابع الباحث والمفكر السوري رداً على "إذا تم إنزالهم في جسد آخر، بمعنى أنه هذا تناسخ الأرواح؟": "أجسام مش نفوس؛ الجسم هذا عبارة عن قميص أنا لابسه في الدنيا، هلك القميص، بالآخرة فيه قميص آخر يتناسب مع الظرف الجديد.. في الآخرة يرزقون بعالم ثانٍ ليس في الدنيا، من خرج من الدنيا لا يعود، من خرج من الدنيا سواء بحالة وفاة كاملة أو بحالة القتل في سبيل الله، هذا لن يعود إلى نظام الدنيا؛ جسمه بُلي وانتهى وخرج منها".
وأضاف إسلامبولي رداً على سؤال "وَفق هذا المفهوم أن النبي عيسى لم يكن يحيي الأموات وكان يحيي الموتى، وأنه لمّا خلق كهيئة الطير، معناه فيه شيء كمان؟"، قائلاً: "يحيي الموتى المسيح، والنبي إبراهيم شو طلب؟ أرني كيف تحيي الموتى.. مو الأموات، الأموات معروف وشايفم هو قدّامه، كيف بيتم الخلق. الموتى أنا بدي.. النبي إبراهيم بعد ما قومه طردوه أُصيب بحالة نفسية معينة، إنه وبعدين يعني، هدول ما عَم يفهموا ولا عَم يتقبلوا النور ولا عَم يتقبلوا الوعي، ولا عَم يتقبلوا شيئاً، صار فيه غضب بداخله، فطلب كيف يا رب بتحيي الموتى، هدول اللي ما بيفهموا اللي ما كانوا يفهموا، كيف بده يصير؟ يفهموا، قال له أولم تؤمن؟ قال له بلى، مطمئن أنا الناحية النظرية، يعني أنا بلى مطمئن؛ أؤمن، ولكن أريد أن أرى ليطمئن قلبي. فخُذ أربعة من الطير، طبعاً الطير فهموها بهائم، وقسمها ووزعها على الجبال.. بينما هو في منهجية اللسان العربي الآن نحن اللي ماشيين فيه بعقلنة المنظومة القرآنية وبالدراسة المنهجية، الطير هنا مو حيوان؛ لأنه لا يمكن للطير، لا نفوس للطير البهائم، ما لهم نفس، ما لهم وعي، مو محل خطاب تشريعي، افعل ولا تفعل. فهذه القرائن كلها عندما يكون كائن له صفة الوعي المنطقي. ويؤمر من قِبل الرب افعل ولا تفعل وبيحاور بالعقيدة، بميز أنه هذا كفر وهذا شرك، هذا مو بهيمة. هذا كائن عاقل؛ فهون أربعة من الطير، أربعة من أفراد، عناصر من الناس، فيهم شيء من النباهة والوعي، ابدأ بتدريسهم وعلمهم انت، أحيهم أنت، وبعد ما تحييهم أرسلهم دعاة تنوير للجبال، ومن ثم ادعوهم في ما بعد يأتينك سعياً".
"الجبل" لسانياً.. سيدنا إبراهيم وإشكالية إحياء الموتى
وتابع إسلامبولي: "الجبل في اللسان العربي كلمة تُطلق على حالة مادية وحالة معنوية بالأصل، كمان لو يقولون فلان جبل في العلم. الشيء الضخم، (الجيم) جهد وقوة، و(الباء) جمع مستقر، و(اللام) حركة لازمة ثقيلة، أطلقت على هذه الكتلة الصخرية الضخمة الجبل لتحقق فيها هذا المفهوم.. هنا الجبل مكان لإقامة ناس، مو يطلع يحطه على رأس الجبل لوحده وين فيه، تجمع بشري يعني جبل من البشر مجتمعين، ابعت هذا الرسول اللي أنت أحييته، ابعته وخليه هناك يمارس كمان عملية إحياء الموتى، وشوف بعينك كيف بيتم إحياء الموتى، مو بالضرورة إذا ما تم إحياء الموتى قومك معناها لا يمكن إحياء آخرين؛ لأ، فيه. ومش بهذه التجربة وفعلاً تم الاستجابة له، تم إحياء الموتى".
المقصود بأربعة من الطير
وأجاب الباحث والمفكر السوري عن سؤال "هل المقصود بأربعة من الطير أربعة عدداً أم هي صفة؟"، قائلاً: "مو بالضرورة أربعة، باللسان العربي من الربع، هذه نصوص كلها من المتشابهات؛ يعني التي تحتمل ضمن الوجه اللساني والمنطقي؛ يعني تعدد الأفهام لا يعني حالة عرفانية. لا ضمن منهج لساني، ضمن منطق، ضمن السياق بيتعدل. فهنا أربعة ممكن يفهمها الإنسان عدد آه لا مانع، أربعة عناصر. ممكن يفهمها بمعنى تجمع ربعي، يعني مجموعتي، يعني مجموعة كام واحد؟ ممكن يكونوا حد أدنى أربعة عناصر.. وممكن فهم آخر بربعي؛ يعني لسه شباب نشط في أول العمر، ممكن.. تحتمل يعني كلمة أربعة طالما احتمالية. بس إذا بتلاحظ الأفهام تتعدد، يعني ما عَم تتناقض مع بعضها. هذا مقبول، وهذا مقبول.. ما فيه واحد بيملك إنه يقول لأ هذا الفهم قطعي والباقي باطل. لأ. هذا مقبول، هذا مقبول، هذا مقبول. ممكن يكون كلها صح؛ أنه ما فيه مو هي حرام حلال مو كفر وإيمان، إطلاقاً، فتقبل التعدد".
في سبيل الله في القرآن = في سبيل الناس
واستطرد إسلامبولي: "فإذن الموتى كلمة تطلق على توقف فاعلية الإنسان كوعي منطقي، والأموات كلمة تطلق على زهق حياة الإنسان بخروج نفسه من جسمه، ولذلك الذين قتلوا في سبيل الله لا تقولوا عنهم أمواتاً، فقدوا الفاعلية، لا ما فقدوا الفاعلية. جسمهم مات أما نفسهم ما زالت حية تمارس فاعليتها وترزق، بس بعالم غير الدنيا. عالم تاني بمواصفات معينة. طبعاً القتل في سبيل الله اللي أخدوا منها كلمة الشهيد. القتل في سبيل الله في القرآن، في سبيل الله؛ تعني من الناحية اللسانية كمضمون في سبيل حقوق الناس، في سبيل بذل الحرية للناس وحقوقهم، هذا في سبيل الله، فأينما وجدنا كلمة في سبيل الله في القرآن يعني في سبيل الناس؛ لأنه الله حي قيوم غني حميد لا يناله شيء من الناس أبداً".
إحياء الموتى عمل يقوم به أي إنسان وليس خاصاً للمسيح
وقال إسلامبولي: "النبي عيسى هو أحيا الموتى وليس الأموات، وإحياء الموتى عمل يقوم به أي إنسان؛ ليس خاصاً للمسيح. النبي محمد أحيا الموتى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ)، وأنتم كنتم موتى، دعاكم للحياة، وأي داعٍ تنويري ممكن يحيي الموتى، بهذا الشكل، هذا الموتى والأموات..
طيب (أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ)، واضح بالجملة بآخرها، فأنفخ فيه فيكون طيراً بإذن الله، إذن الله في القرآن تعني سُننه ونظامه، (وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ)؛ يعني ضمن قانون الموت، بتموت، ما فيه شيء يموت هيك، يعني ما يسمونه مات فجأة أو لا سبب للموت، لا هذا حالة جنائية، وقت ييجي الطبيب يقول موته هذا ما له سبب.. يعني موت طبيعي، بيقصد ما له سبب جنائي، جريمة. أما مو ما له سبب علمي، لا؛ له سبب علمي.. سكتة قلبية، جلطة، صار معه شيء أدى إلى وفاته، فإذن (بإذن الله)، إذن المسيح يستخدم سُنن الله عز وجل في عملية كلمة الخلق، كلمة خلق هي اللي دخلت في الثقافة الإسلامية وأوجدت الإشكال، هنا يظنون الشائع بين الناس؛ أنه فعل خلق لا يصح أن نستخدمه إلا على الله حصراً، هو الذي يخلق، بينما بالنص القرآني عم يقول المسيح يخلق، وهو كائن بشري يخلق، وأنا أخلق وأنت تخلق، والعلم الآن بما وصلنا إليه خلقنا كتير أجهزة لم تكن موجودة؛ موبايل، كمبيوتر.. كلها نحن خلقناها، ما فيه بالطبيعة شيء اسمه موبايل، لا، هذا تم خلقه، فإذن كلمة خلق تعني إيجاد شيء على صورة ونظام معين، قد يكون بعد أن لم يكن أو إيجاده من خلال عملية توليد وتفاعل، شيء سابق عنه".
جملة "إيجاد شيء من لا شيء" خطأ منطقي
وقال إسلامبولي: "إن جملة (إيجاد شيء من لا شيء) خطأ منطقي، ما فيه شيء اسمه إيجاد شيء من لا شيء، ولا حتى لله عز وجل نفسه. الله ذاته لا يوجد شيئاً من لا شيء، لأنه اللا شيء لا شيء، لا يعزى إليه شيء. لأنه إذا نثبت له شيء جعلت اللا شيء شيء، فبالنسبة لله أنا جاي هنا بتعريف خلق إيجاد شيء وتصويره، ضمن، وَفق نظام معين، بعد أن لم يكن شيئاً، ما أحد بيستطيع يساويه إلا الله عز وجل، حصراً. لا الأرباب ولا الملائكة ولا أي كائن سوى الله. اللي هو إيجاد شيء بعد أن لم يكن شيئاً، الذي يعبر عنها من لا شيء. هاي من لا شيء خطأ منطقي باطل، هي الكلمة الصحيحة بعد أن لم يكن شيئاً ابتدأ خلق الشيء، ولم يسبقه شيء قبل منه. هذا الفعل ما بيستطيع أحد يساويه إطلاقاً إلا الله، هو الخالق الأصيل، ما سواه خالق بالوكالة؛ يستخدم علم الله ونظامه في خلق شيء من شيء.. بعملية التوليد والتفاعل والابتكار، فمن خلال تركيب أمور مع بعضها يوجد شيء لم يكن شيئاً موجوداً سابقاً كصورة ونظامها؛ يعني الموبايل غير موجود سابقاً كموبايل، مو عناصره لما بدنا نرجع عناصره ترجع العناصر كلها لأساسها وما عاد يسوي شيئاً".
العلاقة بين الطين والتراب والماء
وأجاب إسلامبولي عن سؤال "هل الطين هو الطين ولَّا الطين هو مجموعة من العناصر الكيماوية؟"، قائلاً: "كله وارد، هذا لما أول معنى لهذه الكلمة الطين، هو عبارة عن علاقة بين عناصر، منها الطين ومنها طين الحيط، فهو علاقات، فالقرآن مستخدمه أنه تراب وماء بآيات تانية، اللي هي المنظومة نفسها، ما من كلها. أنه خلق الإنسان من تراب، وجعلنا من الماء كل شيء حي. فيه عملية علاقات ما بين التراب بعناصره التي يحتويها. لأنه التراب مو عنصر واحد. الماء مو عنصر واحد. كمان بعناصره؛ فصار في عملية علاقة ما بين التراب والماء؛ اللي هي صار اسمها الطين، مجموعة من العلاقات. تم خلق البشر ابتداء منها؛ مو الإنسان، الإنسان بدأ خلقه من طين، أصله يعني، هذا طب شو بدنا نعرف الواقع، أنا ماني مخلوق من طين، وجعل نسله من ماء مهين، أصلي من طين. من تراب. أما أنا الآن من خلال تكاثر وماء مهين. فهذه المنظومة اللي بتسبب التقليم والترتيب. نحط النصوص مين رقم واحد؟ مين رقم اتنين؟ فإذن الأصل خلق البشر من تراب، الإنسان هو مرحلة لاحقة متطورة، بعد أن صار جعل نسل الكائن البشري من ماء مهين، هنا الأنسنة جاءت. ما عاد فيه خلق مباشر من تراب، لا صار خلق من خلال ماء مهين، وعَم ينمو".
وتابع إسلامبولي: "الأساس خلقه من الطين؛ الأساس.. هلأ حالياً طبعاً إذا بِدنا نوسع الموضوع نحن أكثر. مثلاً هل نحن نعيش من خلال التراب، أنبتكم إنباتاً. الآية بيجيبها بعض الباحثين أنه أصل الخلق هو عبارة عن بيوض طينية وترابية، فإنه هذا الخلق مو خلق عبارة عن كائن بشري واحد، لا. بيوض، بيوض، بيوض. وطلعت البيوض صارت بشراً. استدلوا بالآية هذه أنه أنبتكم، أنبتكم، الإنبات ما زال إلى الآن. من أين ينبت جسمنا نحن؟ من الأرض.. طب شلون مما يخرج من الأرض. وكل الكائنات هيك كل الكائنات ترجع إلى النبات. النبات هو الذي يخرج من التربة، والحيوانات كلها بتتغذى على النبات، ونحن بنتغذى على النبات والحيوانات، اللي هي اللحوم والنبات؛ فإذن ممّا ينبت جسمنا وينمو؟ من التربة؛ أنبتكم من التربة إنباتاً".
أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ
وأجاب الباحث والمفكر السوري عن سؤال "هل خلق النبي عيسى من الطين على هيئة الطير، تشبه أربعة من الطير للنبي إبراهيم؟"، قائلاً: "هي نفس الآلية العقلية بالضبط ونفس المنظومة بالضبط، المشكلة أنه عندما نتعامل مع النص بشكل مجسَّد والمعنى المادي الشائع بين الناس.. طير، شو بيخطر بذهننا فوراً؟ عصفور، دُغري. الكائن اللي بيطير بالسماء، عرفت شلون أخلق لكم من الطير، كهيئة الطير، فوراً عطا طائر بالسماء. أنفخ فيه كمان، حتى النفخ بينفخ هيك، طيراً بإذن الله، إنه بيصير بيطير. وحطه بالتفاسير. هاي تفاسير ألف ليلة وليلة، أفلام كارتون؛ ما لها علاقة بالموضوع كله ولا هيك المسيح. لأ؛ (أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ)، الطير باللسان العربي من (طار)، الطاء والألف والراء، الطاء صوت يدل على دفع شديد، والألف امتداد زمكاني، حركة تدل على الامتداد الزمكاني بخفة وإثارة، والراء تكرار، ومن هذا المفهوم سُمي الحيوان اللي بيطير في السماء طيراً؛ لأنه يندفع بقوة وامتداد مكرر لا يقف، والطيارة سُميت كذلك؛ لأنه متحقق فيها نفس المفهوم، والإنسان على الأرض ممكن يستخدم هذا الفعل ويطلب من الآخرين أنه طير لجلب غرض معين، وما بيقصد يعني يرتفع عن الأرض ويصبح في الفضاء.. الاندفاع السريع، فما له علاقة الطير أنه يكون في الفضاء، ممكن الطير كفعل يعني يكون في جوف الماء، سمكة سريعة، تطير في محيط الماء، وممكن طير يحيط في الفضاء، وممكن طير على الأرض نفسها يطير؛ فهنا ماذا فعل المسيح إذا فهمنا هذه التفاصيل كلها؟ أنه أنا جبت طين معناها جبت مواد خام، عناصر معينة، جعلت طيناً. أما شو هي بالضبط؟ مو مذكور في النص. يعني ما غطَّى النص. ما المادة التي صارت طيناً غير التراب والماء؟ التراب والماء عناصر ثابتة؛ لكن فيه عناصر ربما أخرى دخلت في تركيبة الطين".
وأضاف الباحث والمفكر السوري: "والطين عبارة عن مجموعة عناصر.. بالنهاية شكلت مادة واحدة منها العناصر، مجموعة عناصر مع بعضها زائد الماء زائد الحرارة؛ كلها مع بعضها شكلت ما يُسمى الطين. شكلت المادة، من هذه المادة خلق، أوجد، صنع وصمم من هذا الطين كهيئة الطير وبعدين نفخ فيه، يعني إنزال طاقة في هذا المجسد الذي صنعه، شو هذه الطاقة؟ هل هي طاقة حرارية؟ طاقة هوائية؟ بحيث حتى يخلي هذا الشيء اللي سواه يندفع فيكون طيراً، يندفع ويتحرك، شو الشيء اللي صنعه إما أنه لا خلق أموات ولا سوى شيئاً يعني..".
النبي عيسى مفكر
وتابع سامر إسلامبولي: "النبي عيسى كان مفكراً، وعنده كمان علم بالحالة الطبية لأمراض معينة؛ الأكمه والأبرص. (الأكمه) هو اسم لمرض نفسي يعني مثل معتوه، و(الأبرص) مرض جلدي. أمراض مستعصية بذاك الوقت، فكان عنده علم أنه يقدر يعالجها، وهذا لجلب الناس للدعوة والحياة؛ يحيون، يتركون حالة الموتى اللي همّ فيها. فكان الناس بتلحق مصالحها.. كان ينبئهم بالطعام الجيد اللي بيعبروا عنه بالشام، يمونونه، يدخرونه في بيوتهم، وندخر كذا، ادخر مثلاً عدساً، ادخر قمحاً، ادخر كذا، خبيه، ممكن تستخدمه في الشتاء القادم ونوعية الطعام شو هو، فكان عنده خبرة كمان بالأغذية. فكان المسيح عنده علم بالطب، عنده علم بالأغذية، عنده علم بصناعات معينة، عنده علم بكيف يحيي الموتى. كمان حالة تتعلق بعلاج فكري، عقلي؛ لأنه الموتى أمراض فكريون. في مرض فكري في قلوبهم، مرض، فكان المسيح يعالجهم؛ فكان متعدد المهام. أما كائن بشري بالنهاية، مثله مثل سائر النبيين".
العقلية التراثية والعنعنة
وأضاف إسلامبولي رداً على "معقول الفقه لم يدرك هذا الفارق البسيط ما بين لفظتَين اللي نتيجة تفكيك معناها وفق اللسان، تبيَّن معاني ضخمة مختبئة في ثنايا لفظَين؟": "ما انتبهوا؛ لأن العقلية التراثية، العنعنة مسيطرة عليهم، يعني المسيح النص تبعه متشابه، شو سوى بالضبط القرآن؟ ما غطى الموضوع، طيب أنا ما بستطيع إلا شو سوى باقدر أنا أقرّب الفكرة. هذا التقريب هو رأيي. ممكن الآخر يقول لا أنا أرى كذا، وهذا أرى كذا. بس ما أحد بيعطي صفة ألوهية له، لا. خلق شيء، أوجد شيئاً معيناً بطاقة معينة، حركية، وصارت تتحرك وتندفع، شو هي، بِدنا التاريخ يعلمنا نرجع للتاريخ، نشوف يا ترى شو عمل المسيح من اختراعات معينة، سواها، كيف المسيح أحيا الموتى؟ شو الطرق اللي عَم يستخدمها؟ كيف المسيح عالج الأبرص والأكمه؟ الأكمه مو الأعمى، الأكمى رجل مغيب عقلياً، كيف عالجه، وهي أمراض إلى الآن ما زالت موجودة، بدنا دراسة تاريخية لحتى يستخلصوا".
رفع الله المسيح إليه أي نجَّاه من مكانه
وتابع سامر إسلامبولي رداً على "هو استخدام الفقه وأيضاً كل أصحاب التدين فهموا النص كما فهمه الآخرون، يعني كما أن النبي عيسى يخلق، يعني عنده قوة على الخلق، وأنه الرجل عنده معجزات، وبالتالي عمل"، قائلاً: "هذا الفهم موجود عند المسيحيين.. من المسيحيين دخل إلى المسلمين، وقت نزل نص قصة المسيح، المسلمون ما كلفوا خاطرهم يدرسوا بالقرآن فوراً التفتوا إلى التراث المسيحي، شو فهمانين أنتم بهذا الموضوع؟ فجابوا رؤية المسيحيين حطوها تحت الجلالة بالنص القرآني كتفسير.. فاستمرت رؤية المسيحية، نفس الشيء الرفع، رفع المسيح إلى السماء. نفس الرؤية المسيحية، سحبوها، حطوها في القرآن، وقالوا المسيح ما مات وتم رفعه إلى السماء، رغم ما فيه كلمة إلى السماء في النص القرآني أبداً بهذه المواضيع، بل رفعه الله إليه بمعنى أنجاه من مكانه، وتابع دعوته، وتوفي مثله مثل سائر النبيين. ما بيتميز عنهم بشيء، بشر، فسحبوها؛ فلذلك عندما تم سحب هذه التفاسير ووضعها تحت ظلال النص القرآني، ما عاد كلف حالهم المسلمون بالدراسة، صارت دراستن ورائية، كل ما ييجي جيل يعيد ويجتر ما سبق إلى الآن".
واستطرد الباحث والمفكر السوري: "والعلوم بطبيعتها عَم تتقدم وعَم نكتشف أموراً يعني ممكن يكون الأمر اللي نفذه المسيح اكتشفناه. طبيعي إذا تم اكتشافه نحن عَم نستعمله، بس ما بنعرف أنه المسيح سواه. فبدنا دراسة تاريخية من مصادر متعددة، مو من منحى واحد. لما عرفت شو صنع المسيح بالضبط لتحديده، وقت بنحدد أنه المسيح صنع الطير اللي هو الآلة الفلانية. وهذه الآلة تندفع بقوة والطاقة تبعها هي اللي استخدمها هي الطاقة الفلانية. هلأ مثلاً سليمان كمان له أدوات معينة، نفس الآلية اللي فهمنا فيها قصتنا بإبراهيم. قصة المسيح نفس، الآلية.. ومفهوم الجن نفس الآلية بنستخدمها لفهم قصة النبي سليمان".
وفاة النفس وموت الجسد.. فوائد كثيرة مهمة
وأجاب إسلامبولي عن سؤال "ما الفائدة في الحياة اليومية من معرفة الفصل بين وفاة النفس وموت الجسد؟"، قائلاً: "الفائدة عظيمة جداً؛ سواء على مستوى الفرد ومستوى المجتمع، عندما أعلم أن الموت ليس نهاية لحياتي أنا، وأنا حياتي بنفسي وليس بجسمي، أنا وقت أقول أنا يعني نفسي مو جسمي. أنا وقت أفكر بافكَّر بنفسي مو بجسمي، شخصيتي، بنفسي مو بجسمي، فعندما أعلم أن الموت نهاية لحياتي وحياتي مستمرة، والموت هو حالة تذوق مؤقتة ومن ثمَّ أبعث للحياة لأتابع حسب ما شكَّلت شخصيتي في الوجود، ما عاد أخاف الموت في أول نقطة، لن أخشى الموت؛ لأنه أنا أعلم أن الموت مو نهاية، انتقال، نوم، بدي نام، والنائم ما بيحس بالوقت، النقطة الثانية إنسان بيصير شجاع في الدفاع عن عرضه وماله وإلى آخره، لا يخشى الموت؛ لذلك هذا الشيء بنشوفه بالواقع، ما بين الجندي ما يسمى الجندي العقائدي والجندي المعتدي. فيه فرق كبير بينهما، رجل يرمي نفسه على الموت؛ لأنه يدرك أنه ما بعد الموت حياة، ورجل يخاف من الموت؛ لأنه لا يؤمن هو بالحياة بعد الموت، بيحب الحياة يستمر فيها؛ لأنه بيظن أنه هاي الفرصة الوحيدة والأخيرة، ففيه شجاعة في الصبر على الأمراض.
صبر على الأمراض اللي تصيب الإنسان في الحياة الدنيا. أمراض مزمنة؛ أنه هذه مرحلة صغيرة، تذوق بعدين، بدي أنتهي منها، والله بيعوضني عن كل شيء. تفيد الإنسان الفقير والمصائب والإنسان الذي أُصيب بالظلم والعدوان ولم يستطع أن يأخذ حقه، يعيش على الأمل، لا يصاب بإحباط ولا ينتحر؛ يصبر ويقول أنا سوف آخذ حقي، حقي ما مات. سوف آخذ حقي يوم القيامة".
العمر الافتراضي والعمر الفعلي.. كيف تعيش 200 سنة؟
واختتم الباحث والمفكر السوري: "وأيضاً يوجد حث على العناية بالجسد كمان أكيد، وهاي اللي ذكرناها أنه طالما الموت للجسم والنفس لا تموت سرمودية، معناها النفس عمرها طويل جداً؛ لأنه هي اللي هتدخل الجنة، فما بتموت، فإذا أنا قادر في الحياة الدنيا أن أطيل عمري ما استطعت؛ ممكن أوصل ١٠٠ سنة، ٢٠٠ سنة، إذا اعتنيت بجسمي؛ لكن جسمي من الناحية الطبية له عمر افتراضي، مهما اعتنيت فيه أنا له لا يمكن يتجاوز مثلاً ٢٠٠ عام، بعدين خلاص انتهت صلاحيته بُلي الجسم، بس توصل لـ٢٠٠ عام شيء جيد. هذا هو الأجل المسمى.. عمر افتراضي والعمر الفعلي".