ناقش سامر إسلامبولي، الباحث والمفكر السوري، خلال لقائه د.باسم الجمل، عبر برنامج "مفاهيم"؛ مفهوم الجن وَفق تطبق آلية اللسان العربي المبين ووَفق قراءة خاصة في القرآن؛ لنقرأ مفهوم الجن لسانياً وَفق آلية اللسان العربي المبين.. فمفهوم الجن في القرآن هو مفهوم غامض ومفهوم جني؛ ولكن هناك سوء فهم أو هناك طغيان بسوء الفهم ما بين العامة؛ لدرجة أنها صارت في السلوك العام في الثقافة العامة للمجتمع؛ أنه له محور خاص، فكان الجن هناك مَن يتصوره أنه له سلطة غير عادية على الناس، وأن كثيراً من الناس يتصرفون وَفق أهواء هذا الجن أو هذا الوهم، فكيف يمكن فكفكة لغز مفهوم الجن وَفق آلية اللسان العربي المبين؟ وهل ما هو سائد في الفقه التراثي وفي الثقافة الشعبية هو نفس المفهوم الذي قصده النص القرآني؟ أم هناك فهم آخر عند تطبيق آلية اللسان العربي المبين؟
مفهوم الجن موجود قبل نزول الكتب الإلهية الثلاثة
قال سامر إسلامبولي، الباحث والمفكر السوري: "مفهوم الجن؛ مفهوم له علاقة بالثقافة الإنسانية، موجود قبل نزول الكتب الإلهية الثلاثة؛ يعني من قبل التوراة، موجود مفهوم الكائن الجني الشبحي في المخيال الاجتماعي للأقوام كلهم؛ حتى الوثنيين عندهم مفهوم الجن والاتصال بأرواح الأجداد، فهذا كله اسمه مفهوم جن، موجود؛ فما هو مفهوم جديد، لا، مجرد أنه نزلت الكتب الإلهية مباشرةً، هذا المفهوم الجني اندسَّ تحت ظلال الكتب الإلهية، وبالذات القرآن؛ لمجرد أنه فيه كلمات أتت بذكر الجن والشيطان وإبليس في القرآن، فمباشرةً أسقط المسلمون هذه الكلمات على المخيال الاجتماعي، سحبوا المخيال الاجتماعي ودسّوه تحت ظلال القرآن، وشرعنوه، صاروا يطرحون مفهومَ الجن الشبحي ضمن المفهوم القرآني، ودمجوهما مع بعضهما".
وأضاف سامر إسلامبولي: "فيه نقطة مهمة جداً؛ احنا اتكلمنا عن منهجية اللسان العربي وأهميته في الدراسة القرآنية؛ لكن هذا بوابة وأساس ومنطلق. أما في منهج آخر يضاف له، يصيران منهجَين لحتى ندرس النص القرآني الآن.. نحن في عمق النص القرآني، في منهجية لدراسة وتدبر النص القرآني، ابتداء المنظومة، السائد بين الناس هو الفهم والدراسة من الجزء إلى الكل، الحقيقة هو ينبغي أن تكون الدراسة إلى الجزء اللي بتعبر عنه المنظومة، أنا بدِّي أدرس مفهوم الجن، ما بيصير أنا آخد جملة أو كلمة وابني عليها مفهوماً، لا فيه شيء اسمه منظومة، منظومة نقصد بها ترتيل النصوص المتعلقة بالجن كاملةً على مساحة النص القرآني، ثم نقوم بعملية تقليمها، ترتيبها أولوياً.. هذه منظومة، طب هذه المنظومة ما فيه غيرها في القرآن؟ لا فيه منظومات تانية؛ لأن القرآن أخذ نفس نظام الكون، منظومات، منظومات ما بيصير منظومة تتصادم مع منظومة؛ ففيه منظومة الجن، فيه منظومات أخرى معه، المنظومات الأخرى اللي معه حاكمته، كمان تحكم بعض علاقات متبادلة؛ فصار فيه عندنا النظرة المنظوماتية للقرآن كله ككل، وندخل للمنظومة اللي بِدنا ندرسها من خلال عدسات المنظومات الكبيرة، عَم نطلع منها، دخلنا لمنظومة الجن، المعنية بالدراسة؛ ومنها بندخل كمان للدراسات الجزئية بداخلها من خلال هذه الرؤية العدساتية المنظوماتية الكبيرة..".
وجود الجن في القرآن
وتابع سامر إسلامبولي: "نحن نقاشنا مو فيه كلمة جن بالقرآن أو لا يوجد، كيف أنت بتقول ما فيه جن بالقرآن، والله ذكر بالقرآن كلمة جن، نحن مو مختلفين على وجود جن في القرآن، أكيد فيه جن في القرآن موجود، نحن مختلفون على طريقة تناول الإنسان أو الباحث لهذا المفهوم، هنا المشكلة؛ القرآن موجود، أنت بتستدل فيه وأنا باستدل فيه، فإذن نحن مو مختلفين بالقرآن، الاختلاف هو فهمك وفهمي.. فهمي يقابل فهمك. فهمك يقابل فهمي. صار فيه آليات؛ أنا عندي آليات معينة، أدوات، قواعد منهجية، عَم أتناول الموضوع، عَم أطرح رأياً، الطرف الآخر ما عنده منهجية، وإنما ينقل ما يحفظ من الآباء؛ القيل والقال، هذا الإنسان إذا بِده يناقش بهذه الطريقة، لا يمكن نقاشه؛ لأنه هو غير موجود، يعني هو صار جنياً، بالنسبة لي مغيب العقل".
مفهوم الجن وَفق اللسان العربي المبين.. وسبب انتشار مفهوم الجني الشبحي
وأضاف إسلامبولي: "مفهوم الجن دخل إلى الثقافة الإنسانية.. (الجيم، والنون) بالدلالة اللسانية، (الجيم) صوت يدل على الجهد والقوة، و(النون) صوت يدل على الستر؛ نجمع الصوتَين مع بعض (جن) جهد وقوة مستورة. هذا المفهوم الجذري لهذه الكلمة لسانياً، ومن ثمَّ تم استخدامها في كل مَن تمثل به هذه الصفة، قوة وجهد مخفي، فالثقافة الإنسانية المبكرة كانوا أي حدث يحصل ولا يعرفون سببه وأصله يقولون عنه (جني) فوراً فيه (جن)؛ يعني بمعنى قوة، فيه قوة وراء هذا الحدث الذي حصل هي اللي تحكمه.
سبب انتشار مفهوم الجني الشبحي في الثقافة الإنسانية هو قصور في العلم والأدوات العلمية؛ استغل هذا الجانب الكهنوت الديني، دخل منه؛ فصار وقت شاف فيه الناس تؤمن، انتبه لنقطة مهمة جداً، الكهنوت دائماً يلعب على وتر إيمان الناس، الكهنوت نظر بماذا يؤمن الناس؟ يؤمنون بقوة غيبية جنية، فوراً نصب نفسه الناطق باسمه والكاهن والسدن. فصار أنا الوسيط بينكم وبين هذه القوى التي أنتم تؤمنون بها. فما أتى هو بجديد، مو الكهنوت اللي نشر مفهوم الجن؛ وإنما الجن مفهوم موجود بالثقافة هو استخدمه، كرَّسه الكهنوت، صار هو السدنة والسحرة، كلهم هدول سحرة وسدنة القوى الجنية. هذا الجن.. فإذن بنرجع لدينا المنهج اللساني، عندنا المنهج القرآني الذي يقوم على ترتيل المنظومات، لحتى ندرسها. لسانياً طرحنا الكلمة. (جن) كلمة تدل على القوة المستورة؛ جهد وقوة مستورة".
كيف استخدم القرآن كلمة الجن؟
واستكمل الباحث والمفكر السوري: "الآن بِدنا نشوف القرآن. كيف استخدم كلمة الجن؟ وهل فعلاً استخدمها بالدلالة اللسانية أم استخدمها بمصطلح خاص، مقصد لاسم كائن جني شبحي في مخيلة الناس؟ فيه آيات قرآنية بتضبط هذا الموضوع، طبعاً كلمة جن باللسان العربي كلمة مفروض مثل مجنون وجنة وجنين، هذا كله موجود. قال تعالى (وَأَلْقِ عَصَاكَ ۚ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّىٰ مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَىٰ لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ)، فلما رآها تهتز كأنها جان، الشاهد من النص أنه النبي موسى وقت العصا بدأت تهتز بيده وألقاها وصارت تلوى وتهتز ذراتها كأنها جان، يعني أنه كأنها دبت الحياة فيها، وفيه قوة خفية عما تحركها فسموها جان، صفة هي ما زالت، إيش؟ عصا؛ ولكن القوة اللي عَم تحركها هي الجنية، فلذلك كأنها جان.
النص القرآن الثاني أتى بكلمة الجن؛ تدل على الكائن البشري في بطن أُمه، قال تعالى "هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ"؛ (أجنة) جمع (جنين)؛ الجنين في بطن الأم كائن جني، يعني أنا عَم أحاول أوسع مفهوم الجن، حتى المتلقي يقدر يتقبل المفهوم؛ إنه مو كلمة جني فقط بالمفهوم اللي منتشر اللي هو الجن الشبحي الذي يؤمنون به من افترائهم.. لا كلمة جني عامة، الطفل في بطن أُمه اسمه كائن جني، جنين؛ لأنه قوة مستورة مخفية بداخل البطن، فإذا ولد ينتفي عنه صفة الجنين، ما بيصير اسمه جنين، ولا بيصير اسمه جني، بيصير اسمه ولد؛ لأنه وُلِد. فهذا يدل على أن صفة الجنية صفة اكتسابية؛ ممكن يكتسبها وتكون عارضة ومن ثمَّ تزول. ما هي صفة لازمة، تلاتة أتت الجن تدل على الملائكة، الملائكة كمان هي مخلوقات جنية، بمعنى مخلوقات مخفية تتحرك بخفاء عن أعين الناس؛ ما بيشوفوها؛ لذلك الإنسان وقت ما يتواصل مع الملائكة أو الملائكة تتواصل معه لا بد من عملية تجسد، يتجسد الملائكة لبشر. فتمثل لها بشراً سوياً؛ للسيدة مريم. ما بتقدر مريم تتواصل مع ملائكة بصورته الحقيقية؛ لأنه صورته جنية، يعني قوة مستورة نفسية، فقط صفة. تواصل معها؛ تمثل تكتلاً بشكل مادي، لحتى قدرت تتواصل معه. وكذلك الملائكة اللي تجسدوا للنبي إبراهيم عندما كانوا ذاهبين إلى قوم لوط. أتى إذن كلمة الجن تدل على غياب العقل، )إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّىٰ حِينٍ(. فالإنسان العقل هو القوة الإدراكية، فيسمى مجنوناً أو فيه جِنة إذا كانت هذه القوة اختفت، فيسمى مجنوناً أو فيه جِنة؛ لأن القوة الإدراكية اختفت، نحن عَم نلاحظ كيف مفهوم الجن عَم يتوسع، مو محصور بحالة معينة، صفة عَم تتحقق بكثير من الأمور".
الجن والجنين والجنة
وقال سامر إسلامبولي: "أتت أيضاً كلمة الجن للمكان المليء بالأشجار وما شابه ذلك.. الجنة؛ فأنشأنا لكم به جنات من نخيل وأعناب، أتت كلمة الجن تدل على مكان الثواب الذي أعده الله في اليوم الآخر (بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار)؛ أتت كلمة الجن تدل على الاحتجاب والاختباء والتحصن وراء الشيء، قال تعالى (اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)، أتت كلمة الجن تدل على القوم الغرباء؛ واحد غريب أنا ما باعرفه، هو بالنسبة إليَّ جني، اسمه القوم الجن، وفي الأدب العربي في الشعر الجن. شعر الجن مع الزمن ظنت الناس أنه كائنات مخفية غير الإنسان، هم بيقصدوا فيها ناس قوم غرباء قدموا على مكة ألقوا الشعر وذهبوا بين الناس؛ فالعرب بهذا الوقت يحبون دائماً نسبة الأمر أو القول إلى قائله، فمَن قال هذا الشعر؟ ما أحد بيعرفه، محفوظ بيننا، فقالوا هذا شعر الجن، لأنهم غرباء، والقرآن استخدم نفس الموضوع قال (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا)؛ يعني قوم غرباء فقط مو بالمعنى اللي عَم يأخذه المسلمون، فهذه تقريباً حوالي مجموعة من الاستخدامات في القرآن لتوسيع إدراك المتلقي على أن كلمة الجن ليست هي اسم جنس؛ وإنما هي صفة قد تلازم الكائن وقد تفارقه، عارضة، مثل الجنين، كائن جني، صفة عارضة بتفارقه وقت بيولد، عندنا النفس الإنسانية كائن جني طبعاً لمَن يؤمن بوجود النفس، والنفس لها وجود موضوعي مغاير لوجود الجسم، لذلك الله يتوفى الأنفس حين موتها مو الأجسام، الأجسام بتهلك ترجع إلى التراب، تتحلل؛ فالله يتوفى الأنفس. النفس كائن جني موجود داخل جسمنا، وبالذات في الدماغ، فإذا وسعنا نحن الآن إدراك المتلقي على أن كلمة الجن واسعة لا يفهمها هو من خلال المعنى الثقافي اللي تحمل، تحميل من الثقافات الوافدة إلى الثقافة، واندرج تحت ظلال القرآن".
مفهوم كلمة الجن الشبحي
وأضاف الباحث والمفكر السوري: "جينا إذا لمفهوم كلمة الجن الشبحي. الآن الجن الشبحي لا توجد عندنا إلا وسيلتان لدراسته، إما الوسيلة العلمية التي تقوم على البرهان والتجربة وإما الوسيلة النقلية التي تعتمد على النقل الغيبي الرباني حصراً، وليس يُنسب إلى كائن بشري نص قرآني طبعاً لمن يؤمن بالقرآن.. إذن مفهوم الجن كوجود كائن جني شبحي؛ لنتأكد منه علمياً عندنا الوسيلة الأولى هي العلمية والبرهان، هل يوجد بالعلم والبرهان ما يثبت وجود كائن جني شبحي بالمواصفات الموجودة بين الناس؟ طبعاً فيه جن بالعلم... ما هو الجن بالعلم؟ كل الكائنات المخفية؛ البكتيريا والفيروسات كلها جن؛ لأنها كائنات مخفية، لا نحن عَم نتكلم على كائن جني الموجود في مخيلة الناس، الذي يوسوس لهم، الذي يشاركهم في الأموال والأولاد، الذي يأمرهم بالمعاصي، اللي بيلبسهم، اللي بيتعاملوا معه، السحرة، عَم نتكلم عن هذا الكائن.
هل العلم استطاع أن يثبت؟ لا ما استطاع، طيب العلم بينفي؟ ليس من مهمة العلم النفي. مهمة العلم الإثبات، النفي ليس بحاجة إلى دليل وبرهان؛ فالعلم مو مهمته ينفي، لأنه الناس عقلية أحياناً معكوسة، إنه هل يستطيع العلم أن ينفي وجود الجن؟ لا؛ هذه طريقة خطأ في التفكير المنطقي، المطلوب من العلم الإثبات، البينة على المدعي، اللي بيدَّعي هو اللي بيجيب بينة، مو العلم ما ادعى فقال أنا ما فيه عندي شيء، أي إثبات على وجود هذا الكائن فما بيثبته، تنفيه ما بنفيه، فإذن موضوع إثبات وجود كائن الجن الشبحي خرج من دائرة العلم، فما عاد عندنا نحن إلا دائرة النقل، وبِدي يكون النص قرآني، كلام الله حصراً، وهذا برهان لمن يؤمن بأن القرآن كلام الله، الآن دخلنا للقرآن، فشفنا إنه الجن في القرآن صفة وليس اسم جنس إطلاقاً".
الجن في القرآن صفة سلوكية
وتابع سامر إسلامبولي: "الجن في القرآن صفة سلوكية، وصفة نظام حياة؛ مثل النفس، النفس مو حالة سلوكية، هي طبيعتها جنية لا ترى، الملائكة مو سلوكية، طبيعتها لا ترى. أما الكائن الغريب سلوكياً فأنا ما باعرفه. بس هو موجود وأنا شايفه. طبعاً هذه نقطة مهمة. هل كلمة جني يعني بالضرورة أنه أنا ما أشوفه؟ لا مو بالضرورة؛ ممكن أنا أشوفه، (إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ).. بيجيبوا هذه الآية، أنه الكائن الجني لا يرى، لا هون النص ما عَم يحكي عن الرؤية البصرية إطلاقاً، عَم يحكي عن الرؤية العقلية، مثلاً عن النبي إبراهيم وقت قال لابنه (يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَىٰ) ماذا ترى؟ شو شايف عيونك أنت؟ لا؛ لأنه الموضوع كله هو لا يخضع للرؤية له علاقة بحالة الرأي والتفكير. فقال له شو رأيك؟ فهنا أنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم. رؤيته ورأيه فيكم غير رأيكم أنتم فيه، الرأي مو متبادل؛ هو ينظر إليكم من زاوية مختلفة.
في النص القرآني لنشوف هل يوجد نص قرآني قطعي الدلالة، نحن عندنا دائماً بالنص القرآني، بالمنطق، فيه شيء اسمه قطعي الثبوت، قطعي الدلالة. قطعي الثبوت، القرآن كله متفقون على أنه هو قطعي الثبوت ليس محل خلاف. يعني ما فيه داعي حَد ييجي يتهم الآخر، أنت عَم تطعن النص القرآني، لا نحن نؤمن بهذا النص القرآني أنه قطعي الثبوت وأن كل من عند الله من (الفاتحة) إلى سورة (الناس) هذا أمر خالصون منه إذا نقاشنا، مو نقاش إيماني أبداً؛ هذا النقاش خارج دائرة الإيمان، يعني صح خطأ وليس إيماناً وكفراً، والأمر يحتمل أنه فيه ناس يثبت عندهم وجود الجن. وفيه ناس ما بيثبت عندهم وجود الجن؛ هذا الموضوع مو كفر وإيمان، لا موضوع صح وخطأ. بس الخطورة تبعه بيترتب عليه عندما ينعكس على سلوك الإنسان. أما مو كفر ولا إيمان وإنما صار صح وخطأ، عقل وحمق وجهل؛ فقط النقاش، فإذن لا يوجد نص قطعي الدلالة في القرآن يثبت وجود كائن جني شبحي بمعنى الجن، اسم جنس، ما فيه القرآن كله، بينما نجد العكس؛ نجد أن الآيات في القرآن عَم تيجي أنه لا الجن صفة وليس اسم جنس".
الجن معنيون بالعبادة والتشريع
وتابع إسلام إسلامبولي: "شو المقدمات اللي أنا اعتمدتها في النص القرآني اللي هو التفكير المنظومي اللي حكيناه من البداية؛ اللي عم يوجه دراسة الجن، أول أمر النص القرآني إذا درسناه كله بنشوف ما فيه خطاب تشريعي موجه لغير الإنسان، التشريع موجه للإنس والجن إذن؛ ولكن الخطاب التشريعي غير موجه للجن، النصوص في القرآن كلها موجهة للإنسان؛ لأنه محل خطاب التشريع، والجن غير موجودين..
في اللسان العربي بالمعاجم بيقولوا الناس، كلمة تشمل الإنس والجن؛ لذلك أي خطاب في القرآن (يا أيها الناس) يعني الإنس والجن معهم، تحت الناس؛ يعني الجن من الناس وتابعون لهم، (فيا معشر الجن والإنس)، خطاب طبقات بقلب الناس. معشر الإنس؛ الإنس الطبقة هي العامية في المجتمع؛ العادية. الطبقة التانية الجنية؛ اللي هم سادة الناس على كل الأصعدة اسمهم الجن، لأن طبيعة نمط حياتهم في المجتمع مخفية على الغالب كنمط السادة السياسيين الاقتصاديين (يا معشر الإنس والجن، المقصود فيها أن الجن جزء من الناس)؛ من الناس ضمن مواصفات مختلفة (كيف يمكن أن تثبت أن هذا الكلام هو هذا؟) ضمن المنظومة، هنا النقطة المهمة؛ أنه العقلية السلفية دائماً يحاولون، ما الدليل الجزئي الحرفي على المفهوم؟ الدليل على هذا المفهوم هو المنظومة؛ لذلك أنا طرحت من البداية المنظومة، ما فيه نص محدد، إنما المنظومة الآن إذا لاحظت هنجمع المنظومة هذه كلها، عَم تقول ما فيه جني كاسم جنس؛ إنما هي صفة متحققة بالناس، بفئة منهم؛ جبت أنا هذا الموضوع الآن، جبت أنا أول منظومة وقاعدة بالمنظومة؛ إنه ما فيه أي خطاب تشريعي موجه للجن".
وأضاف الباحث والمفكر السوري: "إذا نحن ثبتنا المنظومة؛ نأتي إلى هذه الأسئلة، يعني المتلقي نفسه يأتي إلى هذه الأسئلة، يقوم بالجواب نفسه بنفسه؛ إذا ثبت عنده من خلال المنظومة أنه لا يوجد كائن جني شبحي خلاف الجنس الإنساني؛ فهون من الجنة والناس عَم يحكي هنا من الناس، الاتنين، الاتنين من الناس؛ من الجنة والناس، اتنين من الناس.. طيب، بس ليش انعطف هذا على هذا؟ يصح في اللسان العربي عطف العام على الخاص، كما نقول جاء الطلاب والناس، الطلاب جزء لا يتجزأ من الناس؛ ولكن قدموا لأهميتهم، فنقول جاء الطلاب والناس قدموا.. من الجنة والناس؛ الجنة هو السادة الحاكمة، الأكبار، الاقتصاديون، كبار السياسيين، المفكرون.. هذه الطبقة هي الحاكمة في المجتمع كله، اسمها جنية تتحكم في مفاصل المجتمع. الناس، عامة الشعب؛ فصار من الجنة والناس، قدموا هؤلاء الطبقة لأهميتهم؛ لأنه المجتمع بيتحرك بناء على إرادتهم وقراراتهم، الناس تبعهم".
"قل أعوذ برب الناس".. الناس جميعاً إنس وجن وكفار ومؤمنين...
واستكمل سامر إسلامبولي: "الجن ليس اسم جنس، عندما تأتي كلمة الناس عامة لوحدها منفردة تشمل الإنس والجن؛ (يا أيها الناس)، كل المجتمع، ما فيه طبقات، لو بِدِّي أحكي طبقة بيذكرها بالنص، يا أيها الناس ويا أيها الجن.. أيها الناس، أيها الوزراء؛ الوزراء من الناس.. لا، فيه أهمية هنا بالخطاب، فتطالعوا من العموم إذا انفردت كلمة الناس. يا أيها الناس، خلاص شملت جميع المخاطبين، بكل مقاماتهم. إخراج مقام لأهميته، ولا أشير إليه وألفت نظر المتلقي. عَم نحكي عنه أو بدي أوجِّه خطاباً إليه. (قل أعوذ برب الناس)؛ الناس جميعاً إنس وجن وكفار ومؤمنين وصغار وكبار.. ملك الناس، رب الناس، إله الناس.. كلها عامة، وقت تأتي الناس عامة؛ تشمل الكل، أنا عَم أقول وقت بتيجي الناس والجن معطوفتَين على بعض، فالناس هي العامة، الجن طبقة خاصة بقلب الناس..".
إبليس ليس من الملائكة وليس اسمه "إبليس"
وقال إسلامبولي رداً على "طب الآية اللي بتقول (.. إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ)،كان إبليس من الجن، والجن طبقة بشرية؟": "إبليس ليس من الملائكة طبعاً؛ إبليس ليس اسمه إبليس.. من ظن أن إبليس اسم علم له، فلا مو اسمه إبليس. أبلسَ فسُمِّي (إبليس)؛ لأنه أبلس. قبل أن يؤبلس. القرآن ما ذكر اسمه إنسان فقط عادي؛ لكن طبيعته من الجن، الطبيعة السلوكية المقامية، فإذن هو جنسه إيش؟ جنسه كائن بشري؛ ولكن من غير قوم آدم، قوم تانيين، فيه قوم آدم، آدم ما هو موجود، فيه قوم آخرون، هو هذا إبليس منهم، فرب العالمين أمر هذا الكائن أن يسجد لآدم، طبعاً السجود مو سجود تعبُّد وصلاة خضوع أو بمعنى آخر دخول في نظامه. نحن اخترنا هذا يكون خليفة، أنت انضم له وامش بنفس النظام. هذا اسمه سجود، فرفض.. سبب رفضه هو التكبر، وسبب رفضه هو أنه بِدّه السلطة".
وأضاف الباحث والمفكر السوري رداً على سؤال "عندما طلب من الجن أن يسجد لآدم، آدم كان جنساً بشرياً مختلفاً؟"، قائلاً: "لأ؛ جنس بشري مو مختلف. جنس بشري، هذا جنس بشري، وهذا بشري، بس لهم قومان، قوم هذا الكائن اللي سُمِّي إبليس في ما بعد قبيلة، يعني مثل قبيلة، قبيلة إبليس وقبيلة آدم.. آدم هو اللي تم عملية اصطفائه فطلب من هذه القبيلة أن تسجد له، تنضم له، صار إبليس، بعد ما كفر أبلس، صار اسمه إبليس وشيطان، أما جني فكان جنياً في قومه، يعني هو مو إنسان عادي، لا؛ هو من الأسياد في قومه، لذلك الخطاب توجه إليه دائماً في القبيلة، يوجه الخطاب إلى كبيرهم، الدولة توجه خطاباً إلى رئيسها، فآدم مو واحد، وإبليس هنا مو واحد، هما اثنان.. رمز، وراهم؛ فتوجه الخطاب لهذا الشخص، والمقصود فيه قومه كلهم. انضموا واسجدوا لهذا النظام، رفض، وقت رفض صار إبليس. إذا كان من الجن عَم يخبر أنه هو من سادة قومه، الجن كلمة مو ذم ولا مدح، هي توصيف فقط؛ هذا كائن جني، توصيف لحالة سلوكية.. جنين، جنين لا يعني ذماً ولا يعني مدحاً. صفة لطبيعته، مخفٍ. فإذا ولد راحت الصفة الجنية منه، مجنون. هذا صار فيه إيش؟ عَم نحكي عن مضمون مو الكلمة، مضمونها، إنه هذا مخفية عنده قوة الإدراك، فهو مجنون، فيه جنة، فيه خفاء للعقل والقوة، هذا بالنسبة لإبليس هو الأجزاء اللي عَم تنزل تحت المنظومة، المنظومة بتحل الإشكاليات كلها، أنا باشبه هذا الموضوع بالتفكير، مثل لعبة البازل التركيبية، ما بيصير أنت قطع مباشرة دون الإطار. تأخذ قطعة، قطعتَين، وتحاول تفهم منها شو المنظر العام بالإطار، بالصورة العامة. ينبغي أن تضع الإطار أولاً، تضبطه، بعدين بتركب الأجزاء في مكانها. الجزء حملته، ما تفهم منه أي شيء لحتى تسقط مع الأجزاء الأخرى، فبيتم توسيع المنظر وتكميل الصورة".
الملائكة مخلوقات موضوعية طموحة عاقلة حرة واعية
وأجاب الباحث والمفكر السوري عن سؤال "هل للملائكة وجود محسوس مثلاً ولَّا وجود وهمي أو وجود سلوكي أيضاً؟ يعني هل الملائكة صفة كما هو الأبلسة أو الجنية صفة؟"، قائلاً: "لا؛ الملائكة كائنات، مخلوقات موضوعية، طموحة، عاقلة حرة واعية، وعندها طموح؛ لذلك صار في بينهم جدال؛ بينهم وبين الرب، عندما أمرهم بالسجود لآدم، (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ)؛ فمن يقول هذا القول ليس عبارة عن صفات معنوية، لأ؛ كائن عاقل موضوعي، عَم يتكلم وعَم يطمح؛ إنه أنا جاهز أن أكون خليفة في الأرض بدل هذا الكائن الذي يسفك الدماء، فقال لهم (قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ) وتابع النص، وعندما آدم تم عملية تسويته (والذي خلقك فسواك فعدلك في أي صورة ما شاء ركبك) تم تسويته الجسمية، صار مؤهلاً لأن يكون إنساناً من خلال النفخ فيه من الروح، واللي تم فيه نفخ النفس. تم نفخها في هذا الكائن فتأنسن؛ صار عنده وعي وعقل. انطلقت حواسه بشكل واعٍ؛ هنا أمر رب العالمين، الرب، الملائكة بالسجود لآدم. هذا ليس سجود تحية كما يقولون أو تعظيم أو سجود جبهة على الأرض كما نصلِّي في الصلاة، لا هذا السجود بمعنى.. لأنه كلمة سجد في اللسان العربي تعني خضع، (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ)؛ يعني كل ما في السماوات والأرض يخضع لله لا يسجد السجود المادي المعروف في الصلاة، هلأ المطلوب. إذن هنا إنه بعد ما آدم بدأ الوعي عنده وانطلقت حواسه، أمر الرب الملائكة أن يسجدوا له، بمعنى لأنه الملائكة هي كائنات مكلفة بتسيير أمور الكون.. فأمر الرب، اللي هو رب أعلى بالنسبة لهم، مسؤول عن الملائكة، أعلى من الملائكة، أمرهم بتخضيع أي قانون يكتشفه بنو آدم. اكتشف درس بني آدم، (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ). اكتشف القانون، فعندما يكتشف القانون الملائكة فوراً تسجد له، هذا القانون وما ينتج عنه، وكلما اكتشف أكثر سجدت الملائكة له؛ هذه القوانين، هذا السجود".
"يا معشر".. دليل نفي وجود جن شبحي جنسي
وأجاب سامر إسلامبولي عن سؤال "لما القرآن يقول يا معشر الجن والإنس؛ هل كلمة معشر أو لفظ معشر تعني أن هناك فيه تداخل في العلاقة ما بين الجن والإنس؟ يعني هل هذا النداء هو لمجموعة بشرية موحدة؛ لكن تختلف في صفاتها السلوكية مثلاً؟"، قائلاً: "نعم؛ كلمة معشر من العشرة، كلمة مستخدمة بين الناس، أنه فيه عشرة بيننا، يعني فيه تداخل بالعلاقات الاجتماعية، فيه زيارات، فيه مصاهرة موجودة.. هذه العشرة، فالنقطة الدقيقة في النص القرآني (يا معشر) عَم يثبت وجود عشرة بين الجن والإنس مع بعض، عايشين بعالم واحد، بعلاقات واحدة متبادلة، عَم يرون بعضهم، متبادلة العلاقات. النقطة المهمة في النص القرآني أنه استخدم كلمة معشر مرة واحدة (يا معشر الجن والإنس) مع بعض؛ لأنهم عشرة واحدة، لو كان الجن منفصلاً عن الإنس، لهم معشر خاص فيهم، والإنس لهم معشر خاص؛ كان ينبغي أن تكرر اللفظة، فيصير (يا معشر الجن ويا معشر الإنس)، فصار معشرين منفصلين عن بعض.. بنفي التكرار ومجيء كلمة واحدة فقط (يا معشر الجن والإنس) دليل على أن الفئتَين متداخلتان مع بعض بالعشرة، وهذا دليل ينفي وجود جن شبحي جنسي؛ ما فيه صفة لنفس الناس، بس طائفة معينة، هؤلاء ناس من الإنس، بس عايشين مع بعض، متداخلين في الحياة. هذا النص دليل بهذا الشكل".
وأضاف إسلامبولي: "نص كتير مهم جداً؛ يعني قال تعالى (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الْإِنسِ)؛ يعني كلمة (استكثرتم). صار في عملية كمان ما بين الجن والإنس، كلاهما استكثر من بعض بالاتباع والعلاقات، هذا النداء من الجن اللي هم القادة في المجتمع، استكثرتم من الأتباع من الناس، وأنتم الاتنين عايشين بمعشر واحد في هذا العالم؛ فلذلك تابع النص أنه (وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُم مِّنَ الْإِنسِ)، اللي همّ المكلفون بقيادة الإنس، اللي همّ الطرف الوسيط ما بين عامة الناس والطبقة الجنية، الطبقة هذه الأولياء الوسطاء. (قال أولياؤهم من الإنس ربنا)، وطبعاً الأولياء ومَن اتبعهم؛ الأتباع كلهم، بعدين (استمتع بعضنا ببعض)، يعني لا أنتم تلومونا ولا نحن ما نلومكم، اللوم موجه إلى الطرفين، أنتم استمتعتم فينا ونحن استمتعنا، الاستمتاع هنا، الاستخدام أتى هنا لتحقيق مصالح معينة، فأنتم لكم المصالح، استخدمتمونا لتحقيق مصالحكم، ونحن استخدمناكم لتحقيق مصالحنا؛ فنحن الاتنين بنفس النقطة وبنفس المعشر، ونحن الاتنين نتحمل نفس النتيجة، والاستمتاع كلمة في اللسان العربي مفهومها واحد، وين ما جاءت السياق هو عَم يحدد شو طبيعة الاستخدام".
وأضاف سامر إسلامبولي رداً على "يعني الآية اللي بتكون (فما استمتعتم به) الاستمتاع معناه استخدم جزء منها مثلاً؟": "استمتعتم به منهن؛ من مو بالضرورة تأتي تبعيضية، ممكن تأتي بيانية تبعيضية أو بيانية. ممكن تيجي تبعيضية وبيانية معاً. فشيء استخدمناه نحن واستمتعنا به منهن؛ سواء أكان جزئياً أم كلياً، يعني بياني وتفسيري، الاتنين صح".
هل يمكن أن يصير الكائن الإنساني جنياً أو شيطاناً؟
وتابع الباحث والمفكر السوري رداً على "بس هنا الاستمتاع أنه استخدموا بعضهم بعضاً؛ يعني أنا استخدمتك بشيء، وأنا استخدمتك بشيء، أنا خدمتك وأنت. هل يمكن تطبيق نفس المفهوم (استمتعتم به منهن)؟": "إيه؛ بس حسب السياق بهداك الوقت بيحكم النص. كيف تم عملية الاستخدام؟ كيف؟ يعني مفهوم لوحده هاداك منفصل، فإذن هذا النص (يا معشر الجن والإنس) هو من أحد الأدلة على أنه لا يوجد في القرآن جن شبحي. جنس، لا جن صفة، فصار عندنا كلمة شيطان، كلمة جن، كلمة عفريت، كلمة إبليس.. ٤ كلمات، صفات وليست أسماء أجناس أبداً، فهل الكائن الإنساني ممكن يصير جنياً؟ ممكن؛ لأنها صفة اكتسابية بنمط حياته، ممكن إذا صار شيء جني، يرد ويرجع إنسان عادي، ممكن، إنسان ممكن يصير شيطاناً، ممكن إذا اتجه وسلك مسلك الفساد والشر والأذى، صار شيطاناً".
وأجاب إسلامبولي عن سؤال "إذن الجن سلوك، وهل الإنسان سلوك؟"، قائلاً: "لأ، الإنسان اسم جنس، هو مقام إنساني؛ بس متعلق بجنس، الجنس البشري اللي هو المخلوق المادي الترابي، الجن والإنس كلاهما صفات تحققت بالكائن البشري، فالكائن البشري تأنسن، وقت تأنسن أنه أخذ مقام جني أو أخذ مقام إنسي، فمو الإنسان سلوك، لأ؛ الإنسان اسم لهذا الجنس كله البشري مع نفسه، إذا أطلقت وحده شملت الجن، أطلقت قلت كلمة الناس، إذا أطلقتها شملت الجن والإنس، كلمة بشر واحدة، يعني الجسم بس، الجسم البشري دون أنسنة، دون نفس. (وليس المقصد أنه كون فيه بشر صار منهم إنسان، وصار منهم جن)، فاللي صاروا إنسان هنا منهن الإنسان جن وإنس، مو من البشر، البشر، بشر، لا تستخدم كلمة بشر، استخدم كلمة الإنسان، بشر تأنسن فصار اسمه إنساناً، هذا الإنسان، الجنس الإنساني اللي هو بشر مؤنسن، ظهر منه صفة جنية".
يا معشر الجن والإنس.. خطاب لمعشر واحد
وأضاف إسلامبولي: "ولا يمكن أن أقول (بشر مجنون)؛ لأنه البشر ما فيه عقل، الإنسان هو اللي فيه عقل، هو اللي بيجن، البشر ما بيجن، هو الأصل ما فيه عقل، يعني البهائم ما بتجن، ما فيها عقل؛ فإذن الإنسان هو اسم الجنس، ظهر منه صفة جنية، صفة إنسية؛ كلاهما إنسان، الجنية والإنسية، هي الصفات، قاعدة تانية في القرآن كمان معروف أنه رب العالمين ما بيبعث الرسول إلا من جنس قومه، ما بيبعث من جنس آخر، قال تعالي (يا معشر الجن والإنس)، خطاب لمعشر واحد به الصفتان (أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي)، فدائماً الرسل من جنسها، لا يوجد في القرآن رسل جن شبحي، ولا يوجد جن شبحي كقوم. (يا معشر الجن والإنس) وحدة مجتمعية واحدة، والرسل منهم، من نفس النوعية، رسالة الإسلام من البداية طرحناها موجهة للناس فقط بالقرآن كله، وعرض الأمانة للإنسان، ما فيه شيء اسمه خطاب للجن إطلاقاً، فإذن مجموعة من المنصوص العامة في القرآن تنفي تماماً وجود كائن جني شبحي، المعروف بين عقول الناس؛ لا يوجد، مو، ما فيه صفة جنية، لا فيه؛ لذلك قُلنا عفريت وإبليس صفات وليست أسماء أجناس. بخلاف البشر اسم جنس. بشر؛ إنسان. الجنس الإنساني، يعني خليني أفهم منك شوي هلأ. لأنه احنا هلأ كالتالي أنه في عندنا ملائكة صار. احنا عندنا بشر. البشر صاروا إنسان، الإنسان طلع منه، الجن طلع منه إبليس.. صفات يعني؛ فيعني هذا الإنسان انبثقت عنه ثلاث صفات، ثلاثة سلوكيات".
الجن وإبليس.. صفة الإنسان
واستطرد إسلامبولي: " الجن وإبليس.. كلها صفة الإنسان. الإنسان تيجي عامة، تتحقق فيها كذا، إنسان مؤمن، إنسان صالح، إنسان شيطان، إنسان عفريت، إنسان جني".
وأجاب الباحث والمفكر السوري عن سؤال "هذا يؤكد أن (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) أن الحدث كان في الأرض؟"، قائلاً: "طبعاً على الأرض، موجود، يعني كيف السؤال المطروح، كيف عرف الملائكة أن هذا المخلوق سوف يفسد في الأرض ويسفك الدماء؟ لأنهم شايفينه، الكائن البشري على الأرض، عَم يفسد ويسفك الدماء.. الرب قال لهم (إني جاعل في الأرض خليفة)، وأشار إليه هذا؛ فلذلك هنا أصيبوا بحالة ذهول، بيصلح يكون خليفة ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك. يعني نحن أفضل وجاهزون لهذا المقام. شلون اخترته عنا نحن، فرشحوا أنفسهم، وهذا دليل على أنه هي كائنات عاقلة طموحة".
ليس كل كلمة رب في القرآن تعني الله
وأضاف إسلامبولي: "(وإذ قال ربك)، وصف خبري، هاد ربك بتقصد للنبي محمد، أما (وإذ قال) من بداية النص، هذا نص خبري؛ عَم يحكي عن حدث سابقاً. وإذ قال ربك يا محمد للملائكة، طبعاً ليس كل كلمة (رب) في القرآن تعني (الله)، لا؛ الله هو رب العالمين، الله. فيه أرباب، والرب في اللسان العربي كلمة تُطلق على الإدارة والتدبير، وكل مَن تمثل بالإدارة والتدبير فهو رب ذلك العمل؛ لذلك نقول رب المال، رب العمل، رب المدرسة.. والقرآن استخدمه بنفس الدلالة اللسانية، واستخدم كلمة الرب على غير الله. (اذكرني عند ربك) على النبي يوسف لزميله، ربك، خالق، ربك ليس الله عز وجل هو الرب، أحد الأرباب، في الملأ الأعلى المكلف من قبل الله بالخلق. يعني هل الله يخلق مباشرة أم يأمر الأرباب فيخلقون؟ الله يخلق مباشرة؛ بس لا يباشر ذلك، يعزى الأمر كله له (ألا له الخلق والأمر).. الله، الحمد لله رب العالمين. رب العالمين، الله، إياك نعبد وإياك نستعين. الله محل الاستعانة، والعبادة دائماً لله. الأرباب كائنات فوق الملائكة، مخلوقات طبعاً قولاً واحداً، ما أحد يظن أنه هنا الآلهة، لا مو آلهة أرباب.. قل أعوذ برب الناس، ملك الناس، إله الناس، ترتيب تصاعدي، هدول مو آلهة... أرباب".
وتابع الباحث والمفكر السوري: "قال ربك.. ربك للنبي محمد، ربك أنت، ربك للنبي محمد، وعملياً رب محمد هو رب الناس. قال ربك للملائكة؛ الملائكة هي المخلوقات الأدنى والتابعة له، فقال بدي أفعل واحد، اتنين، تلاتة، أربعة. طبعاً من خلال استخدام الملائكة كمان. فلذلك عَم ياخدوا بعض مع بعض. الله لا يتكلم مع أحد ولا يسأل أحداً. فعال لما يريد.. إذا أراد شيئاً فإنما يقول له كُن فيكون.. الكل بينفذ والكل بيطيع، ما بيستشير أحداً ولا بيسأل أحداً. فعال لما يُريد. هذا الرب يسأل أو عَم يطرح الفكرة، وعَم يحاوره وعَم يصير حوار بينهم. طبعاً الموضوع كبير؛ يعني ليس هو الموضوع، لكن فيه أرباب".
جن سيدنا سليمان
وقال إسلامبولي رداً على "يعني بالنتيجة هنا أنه الجن والإنس يعني صفتَين، سلوكيات للإنسان بشكل عام، صفات لذلك ولا وجود لأي...": "لا يوجد إلا بعقلية الناس؛ لذلك الجن الذين يعملون عند النبي سليمان تحقق فيهم صفتان؛ صفة أصحاب مهن، كل صاحب مهنة جني. وعفريت، إذا كان قوياً في مهنته اسمه عفريت. في الميكانيكا، في مجال معين، اسمه عفريت، من الجذر (عفر)، غير أهل، غير الذي عنده علم في الكتاب أعلم منه. لأنه عفريت؛ خلينا نسميه (معلم المهنة الحرفي).. اللي عنده علم في الكتاب، الفيلسوف. اللي دارس هذا العلم دراسة سُننية. يعني مثل مثلاً معلم ميكانيكا، مهندس ميكانيكا، معلم ميكانيكي، هو العفريت، مهندس عنده علم بالكتاب. كتاب هون مجموعة السُّنن المتعلقة في الميكانيك. هذه بينهم. فإذن النبي سليمان كان عنده جن، الجن اللي عنده هنا رجال غرباء؛ اللي أسرهن من الحروب تبعه، ويملكون أو يمتهنون حرفاً، فلذلك اسم الجن عنده، فيعملون له ما يشاء من محاريب، مو جن بالمعنى اللي فهمه الناس إطلاقاً. طبعاً الأمور كلها عَم تاخد بيد بعضها بعضها، لأنه هي حلقات؛ مثل ما فهم المنظومة، ليش أنا عَم باركز على المنظومة، وأرجع لها؟ المنظومة هي الأساس، فإذا درس الإنسان المنظومة وثبتها، تصير هذه الأسئلة الجزئية، القطعة الصغيرة بتركب في مكان، أنا عَم أركز تثبيت الإطار...".
لا يوجد في القرآن جن شبحي إطلاقاً
وأضاف الباحث والمفكر السوري: "لا يوجد في القرآن جن شبحي إطلاقاً أو كائن، اسم جنس، لا، صفة، وتطلق على كثير من الأمور؛ لذلك تطرقنا إلى أنه بالقرآن انطرحت على حوالي عشر سور؛ مجنون، جنين، أجنة، الجنة.. كله، جن الليل إذا أقبل واشتد وأخفى كل ما تحته، ظلام شديد جداً، فهذا موجود في القرآن؛ بس الناس مغيب عنهم هذا الكلام، وانتشر مفهوم الجني الشبحي، بواسطة الكهنوت؛ لأنه لهم مصلحة فيه يتعايشون منها. الكهنوت لا يستطيع أن ينفي لجنة الشبحية. إنه يتعيش منه، كل شيء بيبدأ في العلاج الطبيعي، وما الطبيعي والجني لابسه، والسحر، وكله في جن إذا ضربت الجن سقطت هذه المنظومة الخرافية كلها، ما تقفلش. لا، يعني ما فيه ظواهر، يعني كيف عَم تنفي، سمعت وأنا شفت، نحن ما عَم نناقش الظواهر والأحداث، إنه أنت سمعت وأنت شُفت، نحن لا نشكك بأحد ولا نكذب أحداً، نحن ننفي تأويلك، نحن نثبت الحدث، إذا صح حدث، حصل واحد اتنين تلاتة؛ بس شو باعرفك كائن جني شبحي بالمعنى اللي أنت عندك إياه، هذا تفسيرك وتأويلك، الحدث بحاجة إلى دراسة وتدبر، ظاهرة تستحق التفكير.. أما ما بيصير تستغل جهلك فيها وتلبسها لجني، بتلبسها لجنة أنت؟ لا هذا فهم من عندك، مثل التقمص الموجود، المفهوم.. تقمص فيه قصص بيحكوا قصصاً، بعشرات القصص؛ لكن هذه القصص ليست برهاناً لإثبات الفكرة، لا هذه ظاهرة تستحق التفكير، بِدها دراسة، أما وصلت تقول لي إنه هذا الطفل الآن، النفسية مو جسمه، جسم طفل، أما النفس اللي نزلت في هذا الطفل هي نفس جده، والآن جده هو اللي عَم يتواصل معنا، ويحكي، لا هذا تبرير من عندك، طبعاً هو فوراً، طب برر لي أنت وقُل لي ليش ما باعرف؟ طب إذا أنا ما باعرف وأنت ما بتعرف نختلق. صح.. وبنلبسهم شيء مفهوم. فإذن أنا اللي بِدِّي أوصله أنه لا يوجد كائن جني شبحي، الموجود ومعشش في أذهان الناس، في القرآن أبداً، إنما هو مفهوم وثني، في بدايته وثني".
كل مَن تشيطن اسمه شيطان.. صفة شريرة
وتابع سامر إسلامبولي رداً على "داخل القاعدة كمان، يمكن تفسير كلمة شيطان مثلاً نفس المعنى": "شيطان من (شيط)؛ كل مَن تشيطن فاسمه شيطان، صفة شريرة. فإذا صلح حاله وتاب، هل لأنه الصفة الشريرة؟ لأنه معنى الشط أو الشط، الشطنة هي الخروج المألوف مثلاً في هلأ هي (شيط). بمعنى الابتعاد؛ بمعنى الابتعاد عن الشيء. ومنه شاط الطعام؛ ابتعد عن طبيعته أو من الشط اللي بتعرف الشط، لأنه ممتد ومبتعد هاد، فإذا تلاحظ المفهوم حيادي، لا سلبي ولا إيجابي؛ إمتى بِدّه يطلع السلبية والإيجابية، نتيجة الفعل؛ بالاستخدام وقت بتستخدمها أنت وبتستخدمها، هذا شيطان، صار سلوكي، ابتعد عن الحق؛ اللي هو لازم يلتزم فيه، فكل إنسان ابتعد عن الحق والصواب صار اسمه شيطاناً".
وأجاب الباحث والمفكر السوري عن سؤال "على قاعدة أنه شيطان من أفعال التضاد، يمكن أن يكون يعني وصفاً إيجابياً، ممكن يكون وصفاً سلبياً مثلاً؟"، قائلاً: "لا؛ مو كلمة شيطان، (شيط) الجذر ما تقول شاطئ، و(شيط) بمعنى الابتعاد فقط، الابتعاد والامتداد، (الشين) تدل على صوت الانتشار، و(الياء) امتداد زماني، و(الطاء) دفع شديد من مجموع الأصوات.. هذه جاءت عَم تعطي المفهوم، الامتداد والابتعاد، شيطان إذا كان شريراً.. أذى، يعني ابتعد عن الحق، شيطان وصفة اكتسابية؛ ممكن يرد، يرجع؛ ففقد صفة الشيطنة، أما العفريت فصفة لازمة. يعني بيكتسبها وبتلزمه؛ لأنه علم، تعلموا فصاروا معلماً، ما عاد يقدر يوم من الأيام يقول أنا بطلت ميكانيكا، ماني معلم، لا خلص معلومات صارت عندك وحملتها، فإبليس من (أبلس)، كمان عملية الخنوع، السكوت، الفرار، الإحباط؛ أي الإحباط، فصار (أبلس)، سُمي إبليس، فلذلك سُمِّي هذا الكائن اللي رفض السجود، إبليس".
كيفية تغيير سلوكيات الناس ومفاهيمها
وأجاب إسلامبولي عن سؤال "إبليس وشيطان وجن عبارة عن أوصاف سلوكية للإنسان، ومكتسبة؛ يمكن اكتسابها ويمكن الابتعاد عنها.. كيف ممكن أن نسقط هذا الفهم على هذه السلوكيات ونغير من سلوكيات الناس ومفاهيمها.. هل نتوقع أنه إذا نفهم أنه هذه عبارة عن صفات، أنه نحكم في كيفية تغيير سلوك الناس مثلاً تجاه هذه، أو في تفسير الظواهر التي تواجه الناس بشكل عام؟"، قائلاً: "طبعاً؛ لأن الإنسان أسير المفاهيم التي يحملها الإنسان؛ لكي يفسد سلوكه حسب المفاهيم التي يحملها، فإذا غيرنا المفاهيم يتغير السلوك؛ فالإنسان الذي كان يؤمن بوجود كائن جني شبحي غير مرئي، فيعزي له كل ما يصيبه من شرور، جني، حصل معه أي شيء، مأمِّن كمان بهذا الموضوع، لبس جني ولا بس جني كمان يلجأ إلى هذه القوى الخفية الخرافية؛ وبالتالي يجعل من نفسه ضحية للنصابين المحتالين، يسرقون أمواله، وممكن أعراضه.. كله؛ بسبب المفهوم، لذلك حتى هنا في مصر مثل مشهور أنه (اللي يؤمن بالعفريت بيطلع له)، مقولة نفسية، شلون عفريت بيطلع له، إذا هو ما فيه عفريت بالواقع، بيطلع من دماغه؛ لأنه خايف من عفريت، ليه؟ بيصير بيطلع له منين؟ بيطلع له يجسد ويهلوس بالأفكار اللي حاملها، ويطالعها برات دماغه على الواقع، بيصير بيتخيل أية حركة.. شيطان وعفريت، والناس عَم تلحقه في البيت، إذا معلق شيء على مكان معين، هو نايم، طفل، ويؤمن بهذه الأمور، وفيه إنسان واقف هنا عَم يراقبني، مَن يؤمن بعفريت بيطلع له، قاعدة نفسية".
الذي يوسوس في صدور الناس.. معنى "في صدور الناس"
وأضاف إسلامبولي: "القرآن استخدمه، وأهمية هذا البحث (قل أعوذ برب الناس. ملك الناس. إله الناس. من شر الوسواس الخناس. الذي يوسوس في صدور الناس. من الجِنة والناس)، شو يعني في صدور الناس؟ بسبب المفهوم الشبحي؛ فهموا الصدر هو القفص الصدري، وأنه الشيطان الكائن الجني الشبحي بيدخل بيوسوس له، فيه جوه.. وتركه المفهوم الحقيقي، بينما بناء على هذا المفهوم شو بيصير هنا؟ مين يوسوس في صدور الناس؟ مين هنا صدور الناس؟ مين هنا؟ مين الجنة والناس؟ الناس، من الجِنة والناس، مين، مِن الصدر، صدره، الشيء، صدر الشيء، هو أعلاه، فصدر الإنسان هو جبهته. في صدور معناها في الأدمغة؛ يعني في العقول، الوسوسة بالعقول، الإنسان يفكر بعقله من واسطة الدماغ؛ باستخدام الدماغ. مو الدماغ، الدماغ لا يفكر، واللعب في عقل، الدماغ جهاز عضو، أما يتم التفكير من خلاله، العقل بينزل في الدماغ، فهذا أول معنى، طب المعنى التاني؛ لأنه عم يكمل في صدور الناس، من الجِنة والناس، كمان صدور الناس، مين صدور الناس؟ الرؤساء عم يترأسوا المجتمع كافة؛ سواء المفكرين، رجال الأعمال، السياسيين.. كل شيء، رؤساء، وسائل الإعلام، كله هدول إيش؟ صدور الناس، فيه فئة معينة من المجتمع تقوم بالوسوسة في صدورهم، في صدور الناس، تنقل لهم أخباراً معينة، لحتى تستخلص منهم قرارات معينة، تضر المجتمع؛ لأنه مَن كان فيه صدر لا يستطيع أن يعلم تفاصيل ما يجري بين الناس".
هل "النفاثات في العقد" هي وسائل الإعلام؟
وأجاب الباحث والمفكر السوري عن سؤال "فيه تفسير مشهور للدكتور شهير، الله يرحمه، يقول إنه النفاثات في العقد هي وسائل الإعلام؟"، قائلاً: "من أحد معانيها المهمة، النفاثات في العقد؛ (العقد) جمع عقدة، و(العقدة) ليست هي عقدة الحبل، يعني هي اسم عقدة بالصورة المادية، عقد العمل، عقد الكتاب، عقد الزواج، كمان عقد؛ أنه موثوق، فهنا العقد العلاقات الاجتماعية، ففي نفاثات في العقد؛ في العلاقات الاجتماعية والإعلامية بيوسوسوا فيها، كمان لحتى يفكفكوها وتتحلل. فهذا الفهم كتير مهم؛ لفهم هذه من خلال هذه الصور.. المعوذتان وفهم هذه الأمور مين عَم يوسوس؟ وكيف عَم يتم النقل؟ وليش نحن عَم نسمح لهذه الفئة اللي عَم توسوس، توصل القرارات ونحن صامتون، ما نحن نوصل القرارات الصحيحة اللي عَم تجري على أرض الواقع، لحتى أهل الحل والعقد، في صدور الناس؛ يقدرون القرارَ المناسب".
كيف يمكن ضبط عملية الوسوسة والنفث في العقد؟
واختتم إسلامبولي رداً على "كيف يمكن ضبط عملية الوسوسة والنفث في العقد؟": "عندما يقوم الإنسان الراشد الواعي بعملية القيام بتوصيل الأخبار الحقيقية، مهمة رجال الإعلام والصحفيين.. وغيرهم، ما يخلي للوسوسة هذه دوراً.. هم يقومون ويوصلون الحقيقة.. المجتمع ما بيجي دون مؤسسات، المجتمع ما بيغيره فرد ولا فردان ولا عشرة، المجتمع هو مؤسسة كبيرة بالأصل، لا يتغير إلا ضمن عمل مؤسساتي بس سلمي، عمل مؤسساتي سلمي بيتغير من خلال التأثير بصدور الناس، من خلال المؤسسات؛ يعني تعمل مؤسسات تقوم بعمل مضاد للوسوسة في العقد، وتحط قوانين، هذه المؤسسات التي تقوم بعملية النفث، وهذا الخلق من المؤسسات يقوم على نشر الوعي، فلا بد من فئة تسهم في هذا التنوير، ولا نملك سوى وسيلة نشر الفكر".