• Facebook
  • instagram
  • X
  • youtube
  • tiktok
  • apple podcast
  • google podcast
  • spotify

هل هناك حاجة للتنوير؟ | ياسر العديرقاوي

للإستماع





تحدَّثَ الأستاذ ياسر العديرقاوي، الباحث السوداني في الدراسات الإسلامية والقرآنية، خلال لقائه د.باسم الجمل، عبر برنامج "مجتمع"، عن علاقة ظهور مصطلحات؛ مثل "التنوير" و"تجديد الخطاب الإسلامي" أو "تحديث الخطاب" أو "مراجعة الخطاب"، والدافع من ورائها.. وغيرها من الموضوعات.


أصل اسم "عديرقاوي"

وأجاب ياسر العديرقاوي، الباحث السوداني في الدراسات الإسلامية والقرآنية، عن سؤال "لفت انتباهي (عديرقاوي)، ما أصل الاسم؟ هل هو اسم عائلي؟"، قائلاً: "نعم، عديرقاوي هو من الجد الثامن (عديرقي).. (عديرقي) الجد الثامن (ياسر محمد علي باب بكر الرضي حامد نصر عديرقي)، فالجد الثامن نحن عندنا في السودان هو بيكون من العائلة الكبيرة؛ عشان كده القرية بتاعتنا اسمها العدارقة، فيها أكثر من خمس وستين أسرةً ممتدةً، كلها بتنتهي عند الاسم (عديرقي)".


وأضاف ياسر العديرقاوي: "و(عديرقي) اسم شخص عادة امتدت منه العائلة الكبيرة، عائلة العدارقة، قرية العدارقة، فمجموعة العوائل الكبيرة هي اللي بتكون القبيلة، مثلاً أنا من قبيلة اسمها المناصير؛ فالمناصير هذه فيها يمكن آلاف العوائل، فكل عائلة كبيرة تنتهي إلى جد واحد، كل العوائل، كلها، في القبيلة تنتهي إلى منصور الذي هو جد القبيلة كلها.. ويوجد مناصير في الأردن؛ يعني المناصير أيضاً تابعون.. نعم الأصول بتاعتهم واحدة". 


وأجاب الباحث السوداني في الدراسات الإسلامية والقرآنية، عن سؤال "هل للـ(عدارقة) أو (عدرقي) معنى؟"، قائلاً: "وهل اسم الشخص يعني مثلاً الشخص؟!"، مضيفاً: "أنا أظن أنها صفة، وهي أنه كان يشتغل على صنع؛ نحن نسميها القفة، الأشياء التي تُصنع من سعف النخيل.. كانت صناعته اللي هو بيصنع الأشياء، كانت تحمل عليها الأرض، على الحمير والحاجات، الكلام ده طبعاً في عهد قديم؛ فهو كان حريفاً أو بيعمل حِرَفياً في تصنيع هذه الأشياء من سعف النخيل؛ لأن النخيل طبعاً عندنا في شمال السودان كتير متوفر، فبيقولوا إنه (عديرقي) أو الصفة دي جاءت من هنا؛ لكن اسمه الحقيقي ربما طغت الصفة الحِرفية عليه".


التنوير وتجديد وتحديث الخطاب الإسلامي.. الأسباب والدوافع

وقال ياسر العديرقاوي، رداً على سؤال "بصفتك مختصاً في الدراسات الإسلامية وبالذات القرآنية، أنا بِدِّي أسأل سؤالاً يعني يتكرر كثيراً حالياً، أو بدأ يبرز حالياً كثيراً؛ اللي هو له علاقة ظهور مصطلحات مثل التنوير وتجديد الخطاب الإسلامي أو تحديث الخطاب أو مراجعة الخطاب، يعنى من فترة من كذا سنة بدأت على شاكلة دعوات؛ لكن أخذت أشكال حركات وأشكال مراكز دراسات وأبحاث.. كلها تتوجه إلى هذا الكلام.. ما الدافع لبروز مثل هذه الدعوات أو المؤسسات التي تدعو إلى التنوير أو تجديد الخطاب الديني أو تحديث الخطاب؟": "أنا بافتكر في القضية دي، وبالمناسبة سؤال مهم جداً؛ المجتمع العربي والإسلامي، مجتمع الدول العربية لا يحسن أنه يتعامل معك أو يتحاور معك إلا لينمطك، والحاجة دي بتحصل كتير، روح ناقش أي حد يقول لك أنت شنو؟ أنت سُني؟ أنت شيعي؟ أنت سلفي؟ لا بد أن ينمطك، يحطك في قالب، على أساس أنه يناقشك أو يناظرك بناء على الخلفية دي، اللي هو فكرة الطائفة، فكرة، ودي بالمناسبة من الموائد، أنا أراها الموائد الشيطانية؛ يعني حتى القرآن في توجيهه (وَلَا تَكُونُواْ مِنَ ٱلمُشرِكِينَ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُم وَكَانُواْ شِيَعًا كُلُّ حِزبِ بِمَا لَدَيهِم فَرِحُونَ)؛ فالتنويريون يفتكرون أنه فكرتهم تكون في الأساس على نبذ الطوائف، يعني اللي هو الحنفية، الحنيفية، ما هي طائفة أنت مش تدخل في الطائفة دي، عندها مثلاً منظر واحد وشيخ واحد، لأ؛ تجد نفسك واحداً منها.. عندما تنبذ كل الطوائف تكون أنت حنيفاً مسلماً؛ هذا الاسم ..".


الحنيفية والحنيفيون

وأجاب الباحث السوداني في الدراسات الإسلامية والقرآنية عن سؤال "ما المقصود بـ(الحنيفية)؟ وهل الحنيفيون هم أتباع أبي حنيفة؟"، قائلاً: "لا؛ الحنيفية ملة.. ملة أبينا إبراهيم، ملة إبراهيم هي قائمة على سمات؛ ما هو أصلاً أي شخص يدخل في التديُّن، أنت متدين لله وَفق شريعة ومنهاج لا يمكن أن تخرج من ثلاثة أصلاً، يعني ما عندك خيار؛ إما تكون يهودياً وإما نصرانياً وإما حنيفياً، مفيش خيار ثالث؛ يعني كل البشر الذين يقولون (لا إله إلا الله محمد رسول الله)، أنت عندك خانة من الثلاث هذه، ما فيه حل غيرها".


ملل سلوكية منهجية

وأضاف ياسر العديرقاوي: "ملل سلوكية لا علاقة لها بعرق شعوبي، ولا بأصناف بشر؛ هذه ملل سلوكية منهجية، هي منهجيات يتم التعامل بها مع الدين؛ يعني أنت تتعامل مع الدين بطريقة يهودية، أو بطريقة نصرانية، أو بطريقة حنيفية".


مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا.. صفة يهودي منهجية سلوكية

وأجاب الباحث السوداني في الدراسات الإسلامية والقرآنية، عن سؤال "يعني هذا الفهم، يعني اعتبار اليهود كعرق أو كمكون جيني مختلف أو خاص، خاطئاً؟"، قائلاً: "أرفض هذا الكلام جملةً وتفصيلاً، وبدليل الله، سبحانه وتعالى، يقول لإبراهيم (مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا)، ونحن نعرف، وما أزيلت التوراة إلا من بعده، فكيف ربنا ينفي عنه أنه كان يهودياً ونصرانياً، وأصلاً التوراة ما أنزلت؟ إذن صفة يهودي هي تتحدث عن منهجية وسلوكية، أنت تتعامل بها مع الدين، زيادة على ذلك الآية التي تقول (وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَىٰ عَلَىٰ شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَىٰ لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ)، في نهاية الآية دي خطيرة جداً، قال (كَذَٰلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ)؛ يعني أنا دائماً أكرر العبارة بقولهم لو اقتضت إرادة ربنا أنه يبعث نبياً في هذا الزمن، لوجدنا بين رسالته قال أهل السُّنة ليس الشيعة على شيء، وقال أهل الشيعة ليس السُّنة على شيء وهم يتلون الكتاب.. نفس الموضوع لا بد أنه مشروع إبليس، يقوم على أنه لا بد أنه يبعدك من الجوهر، عشان أنت تتعصب للفكرة دي أو للطائفة دي، عشان التنويريين، فكرة قرآني أصبحت متهمة، يعني مثلاً أنت إذا واحد مثلاً قال لي أنا داير أعرفك في الشريط مناقشة مع القرآني.. القرآني دي عاملة زي ما يقولون هيتصد عند المشاهد أول ما تقول له أنت قرآني، بيقفز على ذهنه فكرة محاربة السُّنة ومحاربة شخص النبي؛ عشان كده هم دائماً بيحبوها، فبيقول تنويري حنيف مسلم؛ لكن القاسم المشترك بين التنويريين والحنفاء وأصحاب الأفكار والمفكرين في هذا الزمن، مطروحون في الساحة، القاسم المشترك أنهم يؤمنون بالقرآن الكريم؛ هو المنصة الأولى والرئيسية والوحيدة للتأسيس عليها، وده الإسلام طبعاً بالمنهجية الحنيفية أصلاً؛ منهجية الحنيفية، أنت لا تدخل أو لا تجد نفسك واحداً فيها إلا عندما تنبذ الطوائف".

 

تجديد الخطاب الديني.. ومشكلة تهدد أصحاب المؤسسات الدينية

وقال ياسر العديرقاوي رداً على "الآن يعني هذه الدعوات إذن لماذا تظهر؟ لماذا تظهر وتختفي وتظهر وتختفي؟ يعني مسألة تجديد الخطاب الديني أو تحديثه هي في فترات متباعدة من التاريخ تظهر وتختفي، ما الأسباب؟ هل هناك أسباب سياسية؟ هل هناك أسباب مجتمعية؟ أم أن هناك العقل العربي الجمعي يصل إلى مرحلة أنه ما عاد يتحمل الموجود مثلاً، يعني، أو يحتاج إلى طريقة للتجديد؟": "في السياق التاريخي أو هذه الفكرة تخبو وتظهر، وأحياناً تقوى وأحياناً تضمحل وأحياناً صوتها يختفي.. كل ذلك نتيجة الضغط السياسي، أنا متأكد من هذه تماماً؛ لأنه الآليات أن الفكرة تكون تتوسع صعبة، لكن أنا باقول لك العالم من 2000 وجاي موضوع تاني، لن تخبو بعد اليوم، ومستحيل تقدر تسيطر عليها تاني؛ لذلك تجد فيه تزايد يعنى لحد ما قبل 2000؛ أنت بتكون الشخص الشاطر، يكون عارف له مفكر ولا مفكرين.. بس أنا من زمان ما كنت باعرف غير فرج فودة ونصر حامد أبو زيد، ما كنت باتابع حد، ولي ناس تقتني الكتاب في المكتب عشان أنت تعرف فيه مفكر فكر بطريقة مختلفة؛ لكن بالنسبة إلى العوام لا بيهتم بالكتاب ولا بيمشي مع الكتب عشان يقتني كتاباً ويشوف مثلاً هذا المفكر فكّر كيف، هذا خالف الإجماع؛ لكن الآن فيه عالم الوسائط، رسالة من تلات دقايق على التيك توك؛ ممكن تحصل لها خمسمئة ألف مشاهدة خلال ربع ساعة، هو مفيش حد يقدر يسيطر على الفكرة الآن، وهذه هي المشكلة اللي بتهدد أصحاب المؤسسات الدينية.. الناس اللي قاعدين في قصورهم العاجية دي الآن عندهم حلان؛ إما ينزلوا الميدان مع هؤلاء الشباب، وإما يقعدوا في قصورهم العاجية، وبييجي الطوفان يغرقهم من تحت، هيجدوا أنفسهم لأنه أصبحت عقول الشباب الآن في حاجة إلى شخص يخاطبك خطاباً منطقياً، خطاباً منهجياً، خطاباً عقلانياً.. حكاية أنك تخوف، وإنه قال الله، وقال الرسول حتتحاسب وحتخش جهنم.. وكده الكلام ده ما عاد يعني إنك تقنعه".


حصر "المتدين" و"العالم" و"العارف" في شخصية "الشيخ"

وأجاب الباحث السوداني في الدراسات الإسلامية والقرآنية، عن سؤال "هل في اعتقادك أنه ما كان يتم، أنه لم يعد أن العقل الجمعي يخليه يقول الشاب لم يعد يعني يطيق هذا النهج في التفكير؛ خصوصاً في التعامل مع النص القرآني مثلاً؟"، قائلاً: "طبعاً أكيد؛ لأن شخصية المتدين والعالم والعارف كانت محصورة في شخصية الشيخ؛ والشيخ عندنا هو الشخص اللي درس في كليات الدراسات الإسلامية وأصول الدين والشريعة، بيتخرج في جامعة أم درمان الإسلامية أو جامعة الملك فهد أو الأزهر الشريف.. هؤلاء هم رجال الدين، وبالتالي المعرفة الدينية لا توجد إلا عنده هو، وهو محتكر المعرفة، وهو قائم على أصول؛ الأصول الفقهية اللي هو تلقنها ودرسها وحفظها وحاز بناء عليها شهادات عليا وماجستير ودكتوراه وأستاذية.. وكذا، فدي الشخصية المنمطة، فأنت لو عايز تستفسر عن الدين أو تجد معلومةً عن الدين تمشي هنا، وبالتالي ده بيسوقك زي ما هو عايز، يعني بناء على المؤسسية بتاعته. الآن لأ، الآن 90% من المفكرين المطروحين المهتمين بالنص اللي قدموا قراءات جريئة وجديدة وعقلانية ومنطقية؛ إما مهندسون في الغالب الآن وإما أطباء نفسيون، ليه؟ لأن هذا مقتضى التخصص بتاعه، يفرض عليهم التعامل بدقة.. ما هو أنت مهندس هتتعامل مع الأرقام؛ فالدقة اللي بيتعامل بها في عمله وفي تخصصه اللي درسه، فجِه يمارسها في النص القرآني، هنا النص القرآني سيمده بالكثير المثير، فبيجد نفسه أمام نتائج مذهلة ونتائج كبيرة، فبيقوم يحكيها للناس، عملية إيصال الفكرة للناس عبر وسائط التواصل الاجتماعي أصبحت متاحة".


قراءة مغايرة للنص القرآني

وأضاف ياسر العديرقاوي، رداً على "كيف تمكَّن البعضُ، اللي بتتحدث عنهم، أن يقدم قراءة مغايرة للنص القرآني، للناس، تغاير القراءة، خلينا نسميها التراثية والقراءة أو الرسمية أو السائدة؟ كيف تمكن هذا أن يقدم شيئاً مختلفاً عما هو موجود؟ هل الموجود خاطئ؟ هل الموجود غير متطور؟ هل الموجود جامد؟ هل الموجود فاعل ونشط والآخرون يحاولون أن يتدخلوا بما ليس لهم أو بما ليس من شأنهم كما يُقال، كما قيل للبعض مثلاً؟": "يمكن يكون الأسباب الثلاثة الأولى هي الرئيسية، ودعني أقول لك أمراً ما؛ هنالك قاعدة تقول، أظنها منسوبة لأينشتاين، قال (من الغباء أو من الحماقة أن تكرر نفس المقدمات وتريد الحصول على نتائج مختلفة)، إذن بتتبع نفس مقدمات معينة، من المستحيل أنك تصل إلى نتيجة مختلفة.. لأ وكل التراث الإسلامي؛ بما في ذلك الجامعات الإسلامية، هي تقوم على نفس المناهج والمقدمات، علوم القرآن اللي عند الجرجاني واللي عند السيوطي اللي هو علم القرآن اللي عند الزرقاني والجرجاني.. كلها علوم القرآن، الناس يقولون منسوخاً، المكي والمدني، الحاجات المعروفة دي؛ لأنه ما فيه مقدمات عشان تديك نتائج جديدة، وكذلك أصول الفقه من الصلاة؛ الشافعي تاني ما فيه حد يعني أضاف عليها كأصول؛ وبالتالي يقومون بعملية غسل وكيّ ومن ثم اللبس، إلباسها ثوباً قشيباً ما فيه حاجة جديدة، لحد ما ظهرت فكرة اللي هو الإعلام، الوسائط، وظهور تحديداً، دعني أقول لك، على الأقل على المستوى الشخصي، ظهور الراحل الدكتور محمد شحرور، هذا الرجل يعتبر في الفكر أنا أتعامل معه كظاهرة، مش كشخص، ظاهرة فكرية محترمة، هو تقريباً مفكر العصر الهرم الراحل الدكتور محمد شحرور.. محمد شحرور لمّا أصدر كتابه المعروف (الكتاب والقرآن)، وظهوره على حلقات مصورة، اللي هو برنامج التفكير والتغيير مع نهاد تقريباً، أستاذ نهاد فهي، أنا باشوف بناء على انفتاح الوسائط أثر بصورة مباشرة، الدكتور شحرور ملك المشاهد، أدوات اللي هي مقدمات جديدة، يعني مضامين ومفاهيم جديدة يتم التعامل بها أو النظر من خلالها للنص، وبالتالي مباشرةً النتائج هتختلف، الريزلت هناك هتديك نتائج مختلفة، ظهور النتائج المختلفة، وهي أكثر عقلانية ومنهجية وتلبي تطلعات الشباب، جعلت الناس خلاص تدخل إلى هذه الطريقة وإلى هذه المنهجية زرافات ووحدانا، معظم المطروحين الآن هم عيال أو أبناء شحرور، دكتور شحرور".


الخطاب الديني فقير جداً خصوصاً على منابر الجمعة

وأجاب ياسر العديرقاوي، عن سؤال "ما الداعي لوجود تحديث الخطاب؟ ماذا يعني؟ ما هو موجود في الواقع حتى يدعوا أن نقول بِدنا نحدث الخطاب الديني أو نجدده أو نقدم شيئاً مختلفاً عن الموروث؟ يعني شو الموجود في مجتمعاتنا؟ هل المجتمعات فعلاً مرتاحة للقديم؟ هل هي مثلاً بحاجة إلى تجديد في الرؤى مثلاً؟ ما المقدمات أو الواقعية التي قادت أو دفعت؟، قائلاً: "أو أدت إلى هذه الظاهرة.. أولاً الخطاب الديني، معظم الخطاب الديني اللي بيُطرح للأمة والناس؛ خصوصاً على منابر الجمعة، خطاب فقير جداً، وفقير جداً بصفتي إمام جامع، أنا طبعاً عملت إمام جامع سنين.. كنت إمامَ جامع وسلفياً على الطريقة الصوفية، فحتى أذكر والكلام ده طبعاً فيه حاجات كثيرة، الخطاب اللي بيُطرح الآن خطاب ركيك وخطاب فقير وخطاب وعظي ومشاعري، بيعمل كشحنة شيرز، يعني أنت بتدخل في الجمعة بتسمع كلام مشاعري، وقصصاً وعظية.. واللحظة اللي أنت طلعت من المسجد وارتديت الشوز بتاعك، وأنت طالع خلاص تنسى كل شيء.. كله، لحد ماشي للطريقة أصلاً اللي يمارس فيها، والخطاب الوعظي بيديك شحنة في اللحظة بس، لكن مستحيل يغير في القناعة.. (يعني لا يزودك بأدوات للتغيير مثلاً)؛ القناعة، لا يتغير سلوك الإنسان إلا إذا تغيرت قناعته.. تغيير السلوك، وده ممكن يبحثه علماء النفس، تغيير السلوك يحتم تغيير قناعتك، أنت لو مقتنع بحاجة، اقتنعت بحاجة كنت تمارسها اقتنعت بضدها مستحيل تقدر تعملها تاني، مستحيل، إذا قناعتك تغيرت صعبة بتكون ثقيلة على النفس إطلاقاً، ثقيلة على النفس، يعني أنا الآن أمشي، أدخل لمسجد، أنا عارف أن المسجد سلفي، متأكد منه، أمشي أدخل الجمعة، وعشان أقعد نصف الساعة وييجي يهريني بكلامه ده، عن زكاة الفطر اللي قبل رمضان، وأنا عارف الخطبة أصلاً، معروفة في رمضان، الخطب معروفة، فتح مكة، زكاة الفطر، في أيام الحج أن الله يباهي ملائكته بالحجاج.. خطب محفوظة، فقط ما بين العيدَين بتشتغل على مكارم الأخلاق والتزكية. الخطب دي أنا حافظها، مكررة هي أصلاً، ومستحيل يقدر يتحملها أحد دلوقت، أنا متأكد ما حيضيف لها حاجة، ده إذا كان خطيباً بارعاً، خليك من الخطباء بتوعنا الأحياء العاديين، هذه واحدة. ده الخطاب الديني اللي بيطرح..".


انفصال بين السلوك والأخلاق وصورة التديُّن

وأضاف الباحث السوداني في الدراسات الإسلامية والقرآنية: "المسألة الثانية، بدت صورة القداسة للدين في ذهن الشاب.. الشاب هو متدين أو مسلم زي ما بيقولوا بالفطرة، يعنى من أبوَين مؤمنَين ومجتمع مؤمن، وفيه آخرة، وفيه الله، وفيه قرآن نزل من الله، وفيه حساب، موجودة الثوابت دي في ذهنه؛ لكن إطلاقاً ما مسَّ هذا الشيء في قلبه، هو بيتعامل معها كمقدسات، يخاف منها؛ لكن فعل في حياته، ما عنده علاقة، ما عنده أية فاعلية في حياته، هو بيشوف الحرامي حرامي، واللي بيغش، وبيشوف مثلاً الشخص أو يرى شخصاً عنده مثلاً متجر بتاع هاتف، هو ما بيقدر يشتري إلا بمعاونة شخص عنده خبرة.. الآن نادر جداً أنت تمشي لمتجر بتاع هاتف من غير أي شخص معاك، وأنت ما عندك خبرة، تخاف جداً أنك تشتري؛ لأنك متوقع 90% أنه ممكن يغشك.. بتتعامل مع التاجر بمبدأ أنه مدان حتى تثبت براءته؛ لذلك اللي تجيبها معرفة، والله أنا جيالك من طرف فلان، من صاحبك فلان، عليك الله هات لي تليفون يكون على ضمانتك، وما عارف الرسالة الأولى والحاجات اللي زي دي، في حين أنه الشخص اللي تلقاه في الصف الأول من الصلاة في المسجد؛ انعكاس الصلاة على سلوكه وين، وبيصوم رمضان، ولو شافك أنت فاطر ممكن يكفّرك ويشوفك أنت إنسان ما عندك دين؛ يعني هو بيصوم، ممكن يصوم الإثنين والخميس والأيام الستة من شوال، والصلاة، وصلاة الصبح؛ لكن إذا وجد فرصةً أنه ممكن يخضع ويغشك في هاتف ولا يبالي، إذن فيه إشكالية، فيه انفصال ما بين السلوك وما بين الأخلاق وما بين صورة التدين عندنا؛ فالفكرة الجديدة هي توائم بين الطرفَين، أول حاجة تضع مسألة الشعائر هذه في مكانها، عبارة عن وسائل تؤدي إلى الأخلاق؛ فالدين القيم.. الذي يحدد قيمتك في المجتمع، ويحدد قيمتك حتى في ميزان الآخرة، هو الأخلاق أو القيم الإنسانية؛ عشان نكون دقيقين فطرة الله التي فطر عليها، ذلك الدين القيم، عشان كده قال (أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)، فانتهاء الآية بالتقرير الخبري الإلهي (ولكن أكثر الناس لا يعلمون) ستظل إلى قيام الساعة، أنه أكثر الناس لا يعلمون أن الدين اللي بيقيمك هنا وبيقيمك هناك قائم على ميزان الفطرة، وهو القيم الأخلاقية والإنسانية؛ يعني ما عندك أخلاق ما عندك دين...".


إشكالية أركان الدين.. أكبر انقلاب مفاهيمي

وقال ياسر العديرقاوي، رداً على "يعني مقولة محمد شحرور إن مَن وضع الحديث اللي هو أعمدة الإسلام الخمسة أو أركان الإسلام الخمسة هو أضر في الإسلام وأضر في المجتمعات، وجعل المجتمعات أكثر تديناً بس؛ لكنها ليست أكثر أخلاقية": "بالضبط كده هذا أكبر تزوير حصل وأكبر كارثة حصلت وأكبر انقلاب مفاهيمي، أنه نحن جعلنا أركان الدين هي مسألة الشعائر الخمس: صلاة، زكاة صيام، حج.. اللي هو بالمفهوم الحالي، يعني بالمفهوم الحالي أركان ذاتية، في حين أنها كلها هي عبارة عن وسائل.. سبحان الله، المصحف فصل، القرآن فصل بين العبادات؛ الصلاة ليست من العبادات، (إياك نعبد وإياك نستعين)، تم الفصل بتكرار الفعل إياك، ولما أجد الصلاة (فاستعينوا بالصبر والصلاة)، وحتى الصبر ذاته مقدم عليها. وبالمناسبة فـ(إياك نعبد) موضوع، و(إياك نستعين) موضوع، من وسائل الاستعانة؛ هي الصلاة والصبر، فتبدو هي أصلاً ما من العبادات".


فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي

وتابع الباحث السوداني في الدراسات الإسلامية والقرآنية، رداً على "حتى فيه عند موسى في آية (فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي)": "نعم (فاعبدني وأقم الصلاة لذكري)، فهذه الشعائر اللي هو الخمس نحن افتكرناها أن الإنسان عندما يمارس هذه الخمس هو قفل زي ما يقولون نتيجة التدين، يعني خلاص أخذ 90%، بقدر صلاتك وهيئتك ومحافظتك عليها وصيامك رمضان، وإذا وجدت فلوس تذهب إلى الحج، أنت قفلت درجات عليا في التدين، ما فيه سبيل إلا الله سبحانه وتعالى يدخلك الجنة، زي ما بيقولوا بالموسيقى طوالي مباشرةً؛ لكن أخلاقك لأ، يعني تجد أخلاقه في المجتمع، وفي متجره، وفي شغله، ومع زوجته، ومع أقرانه".


الالتزام بالشعيرة وسلوك الفرد

وقال ياسر العديرقاوي، رداً على "يعني الالتزام بالطقس والالتزام بـ(الشعيرة)، أنا أسميها شعيرة، الالتزام بالشعيرة بشكل عام كما هو متعارف عليه؛ أنه لا يترك أثراً في سلوك الفرد في المجتمع؟": "ما عنده علاقة، ولو ما ترك أثراً، إذن فيه مشكلة، ما هي مقدمة ونتيجة، إذا كانت فيه وسيلة استعانة مفترض تؤدي إلى نتيجة، أن تدخلك مباشرةً إلى الأخلاق، وحتى فيه روايات واردة في هذا، يعني فيه شخص ما من صلاته إلا الهيئة بس، بيستفيد سويدي وعضلات".


أسباب المناداة بتجديد الخطاب الديني

وأجاب الباحث السوداني في الدراسات الإسلامية والقرآنية، عن سؤال "هل تعتقد أن المجتمعات بشكل عام العربية أو الإسلامية، مش بالعموم يعني، بدأت تدرك أن ممارسة الطقوس أو الالتزام بالشعائر لم يؤدِّ إلى تحسين أخلاقيات الناس في علاقتهم مع بعض مثلاً، وبالتالي بدأت تنادي بتجديد الخطاب الديني أو تحديثه مثلاً؟"، قائلاً: "طبعاً أكيد، وهذه هي المسألة بالضبط، حتى هنالك مثلاً (أقربكم مني منزلة يوم القيامة أحسنكم أخلاقاً، الموطؤون أكنافاً الذين يألفون ويؤلفون)، ليه مثل هذه الروايات لا تقال على المنابر إلا نادراً؟ أنت ليه بتقول لنا نحافظ على الصلاة، وبعدها الشفع والوتر، وكتبت له من صلَّى أو صام كده بني له قصر، ولا تقول لي أقربكم مني منزلةً أحسنكم أخلاقاً؟ مَن ذهب في حاجة أخيه المسلم كمن اعتكف في مسجدي هذا شهراً؟ أنا باعتباري وبناءً على خلفيتي السلفية، الروايات دي كلها حافظها، كنا بنقولها للناس على المنابر، ليه أنا ما بقول مَن ذهب في حاجة أخيه المسلم يعني شخص مثلاً فات معاك الجوازات عشان يعينك في استخراج حاجة، وبييجي الشباك معاك، أعانك في الموضوع ده، كمَن اعتكف، قال صلَّى في مسجدي شهراً كاملاً؟.. نحن ما بتجيك الروايات دي، بتجيك الروايات اللي بترسخ لفكرة اللي هو زي ما قُلت هذه الطقوس دي، ليش هو السبب جاي من وين أصلاً بعد انتهاء الخلفاء، ودخلت الأمة الإسلامية والعربية في فترة الحكم الملكي، العضوض، اللي هو الدولة الأموية والدولة العباسية، فكان كل محاور الدين إذا تكلم فيها الفقيه أو الواعظ ممكن تدخله في كلاش مع الأمير، يعنى لو تكلمت عن الشورى السياسية، تكلمت عن محاربة الظلم، تكلمت عن حياد قيمة العدل، هتتصادم مع الملك، مع الأمير؛ يعني مع السلطان، سواء أكان يزيد أم غيره، ممكن يقطع رأسك، فما فيه محور يجعلك في منأى عن الاحتكاك مع السلطة، إلا الدائرة الضيقة، تتكلم في الصلاة والزكاة والصيام والحج، الأمير مابينشغل بيك؛ لأنك ما هتهابه". 


الدين الحقيقي

وأضاف ياسر العديرقاوي: "بالعكس؛ يشجعك على القيام بها.. يشجعك على القيام، وبالتالي هم طبعاً كفقهاء ووعاظ لا بد أن يشتغلوا، ما ممكن يكونون عاطلين يعني، فبييجوا يشتغلون في المحور ده، عندما يأتي تلاميذهم من بعدهم عاوزين يضعون بصمتهم أو يضيفون ما عندهم يعني، فيروحوا يتوسعوا في الهوامش، في الهوامش؛ سجود السهو، مبطلات الصوم، والآراك دخان المعارف الطحان، دخان القدر مبطل الصوم، وكيفية سواك النبي، كان يقول (أُع أُع)، فيه روايات موجودة عاوز يتوسع، بييجوا التلاميذ اللي بعديهم عاوزين يحطوا بصمتهم، بيمشوا على الهوامش، لحد ما وصلوا إلى مراحل في الفقه على أنهم يفترضون أشياء لا يمكن حدوثها، إذا كانت هنالك جماعة في بحر وأصابهم صايب فقدوا ملابسهم إلا واحد، واحد بس اللي معاه ملابس، وأدركتهم الصلاة، كيف يصلون؟ هل الملابس يلبسها الإمام عشان يتقدم، والباقون أكيد طبعاً عرايا؟ أم يبدلون الملابس على كل واحد يصلي منفرداً؟ دخلوا في التفاصيل ليه؟ لأن التفاصيل التانية من القيم والأخلاق والشورى السياسية والحاكمية ممنوعة، هناك الأمير بيقتلك؛ فبيشتغلوا.. هنا فجاءنا هذا الأمر مضخم بصورة خرافية، سجود السهو، أحكام الطهارة، مجلد؛ ممكن يكون فيه خمسة وعشرون مؤلفاً.. سجود السهو، (الرد الصاعق على مجيزي الأكل بالملاعق)، كتاب موجود الآن في المكتبات، (الرد الصاعق على مجيزي الأكل بالملاعق)، يعني تخيل إنساناً، مَن وصل مثلاً إلى مسألة التأليف هذه صعبة، أنا بابقى محتار، يعني شخص قعد عشان يؤلف كتاباً على أنه يرد على الشخص اللي بيقول الأكل بالملعقة حلال! كلام غريب.. تضخمت هذه الأشياء عندما وردت إلينا، اعتقدنا أنه التضخيم، ده لأهميتها وموقعها الصحيح في الدين، طالما الناس اهتموا بها، الفقهاء، ألفوا فيها، معناها.. هي هي جوهر الدين، وهي المهم، وافتكرناها هي أعمدة الدين، أما الحاجة اللي ما ألفوا فيها وما تكلموا عنها دي حاجة ثانوية.. الله، سبحانه وتعالى، لا يريدها، فافتكرنا على أنه أو صبغ في عقلياتنا، في العقل الجمعي المسلم، أن هذا هو جوهر الدين، في حين أن الدكتور عدنان إبراهيم يقول الآيات التي وردت في الطقوس أو الشعائر كلها؛ من صلاة وزكاة وصيام وحج وفقه وبيوع وربا وطلاق، وكلها لا تتجاوز مئتي آية، والقرآن فيه 6236 آية؛ يعني واحد على ثلاثين، هو بيسميه الاختزال، والاختزال المثلث كمان، فهل جوهر الدين في المئتي آية أم أن جوهر الدين هو الآيات، خط سير التاريخ البشري، الفلك، هو الغوص في بنية الوجود؛ لتكوين نظرة فلسفية عملاقة؟.. هكذا يعبر، هذا هو الدين الحقيقي؛ لكن الآية مغلوبة طبعاً".


لماذا لم تنجح دعوات التجديد سابقاً؟

وأجاب الباحث السوداني في الدراسات الإسلامية والقرآنية، عن سؤال "لماذا لم تنجح دعوات التجديد في السابق؟ وهل مؤمل في الدعوات الحالية القائمة أن تؤتي أكلها مثلاً؟ ومتى وكيف ولماذا في السابق ما تَمِّش، ما حدش نشر هذه الدعوات؟"، قائلاً: "في السابق ما نجح حد؛ لأنه صبغة الشخص النائب عن الله سبحانه وتعالى، يتكلم في الدين، هو الراضي عنه السلطان، وهو مخصصه السلطان للجمهور، وبالتالي أي دعوات بتعتبر تمرداً على المؤسسة الدينية، ويُقمع؛ يعني أنا أديك رواية بيقول لك صبيغ، صبيغ، قصة صبيغ؛ أنا كثير جداً تُقال لي على الصفحات، كل ما ينشر واحد، والله أنت بس صبيغ رحم الله عمر بن الخطاب عندما أدَّبَ الصبيغ الذي تحدث في متشعب القرآن، فجلده بعراجين النخل، حتى أدمي رأسه، فقال دعني يا أمير المؤمنين، والله ذهب ما كان برأسي، أنه فيه شخص اسمه صبيغ قالوا كان يتحدث، وطبعاً ما بيقول لك التفاصيل، كان يتحدث في متشابه القرآن، فأخذ عمر بن الخطاب سبيطاً من النخل وضربه على رأسه حتى أدمي، فقال صبيغ لقد ذهب ما كان برأسي، يعني بفضل ضرب عمر؛ ولكن داير عمر بن الخطاب بس يدقك بعراجين النخل لما الأفكار اللي في راسك دي تطير، فنحن صبيغ ما عارفين أنه كان قال شنو، ما فيه زول قال لنا صبيغ، أنا في فهمي كان مفكراً كبيراً أُقمع من عمر بن الخطاب، بغض النظر كانت القصة صحيحة أم خطأ.. المعتزلة، نحن المعتزلة دي ما سمعنا حاجة وصلت لنا، غير أنه الاشتباك في مسألة خلق القرآن؛ لكن منين أفكار المعتزلة الثانية؟ ممكن يكونوا مفكرين جهابذة؛ لكن يقمعون بنفس الطريقة، هذه الأفكار في الفترة السابقة كلما ظهرت تقمع، إما بالسلطة السياسية وإما بسلطة القبيلة؛ لأنه احتكار الفهم الديني مسبوق في ناس بعينهم محددين، ولا بد أنه يرضى عنهم السلطان، الآن مع انفتاح الإنترنت، لأ، مع انفتاح الإنترنت لأ".


اختلاف في وسائل التوصيل

وأضاف ياسر العديرقاوي: "يعني كان فيه اختلاف في وسائل التوصيل.. نعم؛ فمن هنا أنا أرى أنه لا يمكن أن يسيطروا عليها، أنا مطمئن بالمناسبة، مطمئن جداً على أنه في السنين القادمة التفكير بهذا الصوت أو التفكير خارج الصندوق وبهذا الصوت العالي، سيصل إلى منصات كبيرة، وحيكون فيه ازدياد مطرد في صورة خرافية".


الحركة التنويرية.. كلٌّ يغني على ليلاه

وقال الباحث السوداني في الدراسات الإسلامية والقرآنية، رداً على "ألا ترى أنه يجب أنه تتوافر هناك آلية خاصة محددة مستمدة من النص نفسه، وتعتمد على لسان النص نفسه؛ لتقدم للناس، حتى يستطيع الناس، كل حسب مستواه، استخدام هذه الآلية لفهم النص أو ممكن قد تكون أداة النجاح لهذه المطالبات لتجديد الخطاب الديني أو تحديثه مثلاً أو تنوير الناس، إنه تكون مثمرة؟": "هنا طبعاً مربط الفرس؛ لأنه حاجة محزنة أنه الآن معظم المطروحين، الباحثين والمفكرين، كل شخص على قناته وكل شخص بتليفونه، وكله زي ما بيقولوا يغني على ليلاه، حتى إنه ظهرت داخل هذه الحركة التنويرية.. ده انبثقت منها حركات تنويرية تانية، منهم الباطنية والرمزية، كلها تولدت، وما فيه قاسم مشترك يجمع هذا الشتات، ولو حتى على سبيل المنهجية، كما ذكرت، ما أصلاً توحد النتيجة، مفيش مشكلة إذا كانت هذه النتائج تفضي إلى الإثراء والتنوع، هذا مقصود إلهي، (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة)؛ لكن على الأقل في الآليات اللي بيتم التعامل بها مع النص، مفترض تكون آليات مستقاة من داخل منظومة النص نفسه، يتوحد عليها الناس، كتير من الناس حاولوا الفكرة دي أو على الأقل تأسيس مثلاً مؤسسة أكاديمية؛ مثلاً جامعة، كلية، بتاعة الجامعة تكون مسجلة في إحدى الدول بناء على (سيستم) التعليم العالي في الدولة المعينة؛ سواء كان مثلاً في تونس أو كذا أو كذا، فيه جماعة وناس كانوا ميسوري الحال، فكروا في الحاجة دي، وقالوا يا جماعة نحن هنفتح كلية، وبيكون المحاضرون فيها من نفس حركة التنوير، ويفرغون ويؤمن لهم معاش، الحد الأدنى من المعاش، وتفتح هذه الكلية القبول لها عبر الآلية المعروفة في التعليم العالي؛ سواء أكان بالانتساب أم بالقبول العادي، وتخرج ناس بشهادات بكالوريوس في علوم القرآن والدراسات الاجتماعية؛ لكن هذه الفكرة بدري عليها، لسه ما لقت قبولاً؛ لأنه أنت براك عارف معظم الدول العربية من تقبل كلية تسستم داخل منهجية بهذه الطريقة، طيب الآلية اللي هتجمع الناس دي شنو الآن؟ صدقني أنا لا أعرف لها مقترحاً، كيف نجمع الناس على آلية اللسان العربي، وبتكون مناهج وقواعد محددة؟ بعد نقاش مستفيض يعني لا بأس يستفيضون في نقاش هذه القواعد.. يا جماعة نحن نعتمد آلية اللسان العربي، طالما النص جاء صريحاً بهذا الأمر".


قرآن عربي بلسانه

وأضاف ياسر العديرقاوي: "إنا أنزلناه بلسان عربي مبين.. قرآن عربي بلسانه؛ لتنذر، (نَزَلَ بِهِ ٱلرُّوحُ ٱلأَمِينُ عَلَىٰ قَلبِكَ لِتَكُونَ مِنَ ٱلمُنذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيّ مُّبِين)، فالمفترض آلية اللسان العربي بعد أن تخضع لنقاش مستفيض، يتم استخراج قواعد ومناهج من داخل الآلية نفسها، متكأة على منظومة النص نفسه، تكون على الأقل هي القاسم المشترك، عشان ما فيه واحد قبليه آليات تانية، أنت براك تعرف طيب طريقة جمع الشتات والشعث ده، يعني يستفيضون في هذا الأمر وينظمونه.. طريقة تجميعهم، كيف الأمر سهل، خصوصاً مع هذه الظروف الضاغطة، يعنى تجد مثلاً ليلة واحد في العراق، واحد في تونس، واحد في السودان.. الاتنين في مصر واحد، في لندن واحد، في السويد ..".


صورة التواصل ممكنة.. ولكن إشكالية تلقي الفكرة

وتابع الباحث السوداني في الدراسات الإسلامية والقرآنية: "صورة التواصل ممكنة؛ لكن كمان فيه مسألة نسأل الله أنه يعافي منها الجميع، هي مرض الحظ النفسي، يعني فيه ناس ما كل شخص بيقدر يتواضع على أنه يقبل آليات إذا كانت مخالفة عما يتصوره هو، والحاجة دي يعني الشيطان ما بيسكت، حتى لو أنت مفكر وحنيفي ومهتم بالقرآن، لا بد أنه يلاقي مدخلاً يلازمك به، ففي كتير من الناس قد تلقاهم الواحد ما عنده استعداد أن يقبل مثلاً.. ممكن يكون الآلية اللي شغال بها فيها خطأ أو فيها استدراك، ممكن يأتي من طرف تاني.. لأ، ما أنا جربت هذه الحاجة كتير، يعني في الفترة اللي فاتت كان عندنا نحن في رمضان اللي فات تقريباً كتوقيت بس، يعني كان مقترح إنه برنامج صالون حواري يلتقي فيه مجموعة من الناس، ستة، على مدار ساعتين كل يوم، يطرحون موضوعاً رئيسياً بتتم مناقشته من البقية، مثلاً ياسر العديرقاوي عايز يطرح مثلاً موضوع قانون الأحوال الشخصية، الطلاق والميراث وكذا، يناقش مع بقية الباحثين، عايز يطرح مثلاً التقويم، يناقش هكذا، فلما قدمت الدعوات كتير جداً من الناس فيه واحد تلقاه يرفض الفكرة، لمجرد أنه فلان قاعد، دي مسألة".


الجذر القرآني وإشكالية وضع آلية لقراءة النص

واستطرد ياسر العديرقاوي: "حتى الآلية نفسها تحتاج بالمناسبة إلى نقاش، وزي ما ذكرت لو ما توطدت الأشياء دي، المناهج دي، القواعد المستقاة من آلية اللسان العربي، الناس ما هتقدر تتوحد عليها؛ فلا بد أن يكون فيه بناء.. والبناء يقوم أساساً من فك الألفاظ القرآنية التي جاءت دعوة للآخر، لينظر إلى النص، يعني إيش مفهوم التدبر؟ كيف أتدبر؟ مش كيف.. ما آلية التدبر؟ ما معنى أنا أتدبر؟ يعني شنو الشخص يتدبر؟ هل هو الذي يطيل النظر في الآيات ويتأمل؟ هل التدبر هو التأمل؟ ما التفكير؟ شنو يعني تفكير؟ عملية فك متكررة أو رفع مستويات عملية، الفك، والفك تعنى فك الأجزاء، ما معنى عملية العقد؟ يعني أنا كتير جداً لما أناقش شنو يعني العقد؟ شنو يعني تعقلون؟ الفرق ما بين تتفكرون وتعقلون وتفقهون، والترتيل، عملية التقليم اللي بعديها تيجي.. هل هي عملية الفقه وعملية الاستنباط؟ ومخصوصة بمين المصطلحات دي؟ المفترض تعرف كمفاهيم ما شرط كمعانٍ كمفاهيم تحوي آراء الناس المهتمين بالفكرة ".


آلية اللسان العربي المبين وإشكالية توضيح المفاهيم

وقال ياسر العديرقاوي بشأن "آلية اللسان العربي المبين أعتقد أنها كفيلة بتوضيح هذه المفاهيم ووضعها ضمن سلم خاص للبحث في النص القرآني، وإلا سنظل في نفس الدائرة المغلقة قال فلان وقال علان..": "أصدق قال فلان وقال علان، أنا أعتقد أنه لن تقوم لها قائمة بعد اليوم؛ لكن طريقة آلية اللسان لو ما وضعت اللبنات عن هذه المصطلحات اللي بيدعيها المفكرون الآن، يقول لك مثلاً حرية التفكير، حرية العقل، حرية.. فالمشاهد هو لا يعرف الفرق بين كيف يفهم؟ وكيف يفقه؟ وكيف يتعقل؟ وكيف يتدبر؟ وكيف يستنبط؟ والموضوع الآن مثلاً يقول لك يا أخي الموضوع مش على كيفك ولا الاجتهاد مفتوح لعلمه الذين يستنبطونه.. طيب مَن هم المخول لهم بالاستنباط؟ والراسخون في العلم يقولون آمنا به، ما الإطار المفاهيمي لتحديد الراسخين في العلم؟ هل بيتحدث الناس اللي عندهم دكتوراه مثلاً في علوم الشريعة أو أصول الدين؟ أكيد لأ، علاقة إنما يخشى الله من عباده العلماء جاءت في سياق يتحدث عنه.. ومن الجبال جدد بيض، وغرابيب سود، ومن الناس الدواب؛ يعني كل هذه المفاهيم تفترض تغير، توضع عليها، بعد ذلك آلية اللسان العربي، الحاجة التانية ما زال؛ عشان أنا أكون أمين معك لم يفك الاشتباك بصورة مقنعة، غير قابلة للشك عند المشاهد، شنو الفرق ما بين اللسان العربي واللغة؟".


هل من فروق بين اللغة واللسان؟

وأضاف الباحث السوداني في الدراسات الإسلامية والقرآنية، رداً على "ما هو أكيد ما زال فيه لبس، ما الهدف من طرح الآلية؟ هو التوضيح أن هناك فروقاً ما بين اللغة واللسان، بالتأكيد واللغة..": "أيوة، لا بد يتم شنو، يعني لغة عربية أو لغة الناس، اللغة العربية، ولغة القوم، وهل اللسان نزل باللسان العربي وما نزل باللغة العربية؟ طيب إيه الفرق؟ وإيه معنى اللسان؟ وإيه اللغة؟ هل المادة الخام ما بين آلية اللغة وآلية اللسان مشتركة؟ يعني اللغة العربية واللسان يشتركان في المادة الخام، في المادة الخام، (ألف، لام، ميم) هذه المادة الخام بيشتغل عليها في اللغة العادية، ونزل بها القرآن، طيب الفرق شنو في المادة الخام دي؟ القرآن عمل للمادة الخام؟ تعاون معها بأية طريقة؟ والناس في خطابهم وفي مصطلحاتهم بيتعاملوا مع المادة الخام هذه بأي طريقة؟".


واضربوهن.. إشكالية الشايع وما اصطلح عليه الناس

وأضاف ياسر العديرقاوي، رداً على "التفريق سهل فيها القرآن، تعامل مع هذه المادة الخام باعتبارها لفظاً مفهومياً دون معنى مجرد يأخذ معناه في سياق اللغة": "يأخذ معناه"، معقباً على "في سياق اللغة استخدمت هذا المعنى اللفظي في مصداق واحد؛ لأنه أنا باستخدم اللفظ بس فقط لأودي رسالة غير معني بالتماثلات الأخرى أو الترادفات الأخرى": "طيب، الاتفاق، طيب ما شاع عند الناس واتفقوا على هذا المصطلح.. (بهذا صار اصطلاحاً) هل يكون ملزماً مثلاً للنص؟ بالتأكيد لا، ما زال الناس ما قادرين ينفكون من الحاجة دي، يعني أنا أذكر على سبيل المثال أمس كنت في نقاش مع واحد أزهري في مفهوم الضرب في القرآن، وضرب (واضربوهن) اللي هو آية النشوز، قال لي هذا ما يفهم على الشيوع.. قلت له شيوع مين؟ قال لي الشايع بين الناس إنه الضرب بمعنى الركل أو الهيت يعني، فقلت له هل الشيوع ما شاع الحاجة اللي شاعت عند الناس أو اتفقوا عليها واصطلحوا عليها، هي ملزمة لقاعدة اللسان العربي في النص، بتجد أنه فيه مفارقة".


وتحدَّثَ ياسر العديرقاوي بشأن "التفريق ما بين لغة القرآن ولسان القرآن واللغات المحكية، هذا تفريق واقعي"، قائلاً: "هذا هيقودنا إلى مسألة مهمة؛ آلية الوحي نفسها، مثلاً أنا بافتكر آلية الوحي التي تم بها نزول النص على النبي، عليه الصلاة والسلام، هل كانت هي آلية اللسان العربي كمنطوق وملفوظ نزل على قلب النبي؟".


السابقون واستخدام آلية اللسان

وأجاب الباحث السوداني في الدراسات الإسلامية والقرآنية، عن سؤال "آلية اللسان.. مَن سبقنا أو دعاة التغيير الدائم أو دعاة تحديث الخطاب سبقونا ولم ينجحوا، قدموا كتباً، قدموا آراء؛ ولكن هل استخدموا الآلية الحقيقية؟ على هذا الأساس نحن نريد أن نستخدم الآن، تمكنّا من أن نضع يدنا على النقطة الأساسية التي يجب الانطلاق منها؛ وهي آلية اللسان العربي المبين، التي لم تستخدم في السابق؟"، قائلاً: "نعم، والقائمة على قواعد متينة ارتقت لمستوى أكبر من أنها مجرد نظرية.. (وطالما توضحت لنا، إذن أصبح في الإمكان التعاون معها؟)، نعم".


المحكم والمتشابه

وأضاف ياسر العديرقاوي، رداً على "فالهدف منها إنه توزيع هذه الآلية، تعميم هذه الآلية على الناس؛ لكي يستطيعوا أن يفهوا النص أو يقرؤوا النص، وإلا سنظل تحت طائلة الفقه التراثي، حاملينه على أكتافنا، يحكم علينا مَن مات قبل ألف عام ويُدير شؤوننا ما بعد ألف عام": "أنا أتفق معك جملةً وتفصيلاً، على أن عملية التقعيد والتي ذكرتها في كلامك؛ خصوصاً من القواعد الأساسية، من قواعد اللسان الأساسية اللي هو قاعدة اختلاف المبنى واختلاف المعنى، وهو ما يسمونه بالترادف، وهو الذي يجب أن ينفي عن القرآن، هو التماثل اللي هو الاتفاق في المعنى ما بين لفظَين مختلفَين اتفاقاً تاماً، وقع الحافر عن الحافر، اللي هو ما يُسمي بالترادف، وهو الذي يجب أن يُسمى بالتماثل، هذا الذي يجب أن ينفي على أساس أن الترادف كتباين بين معانٍ؛ تباين جزئي أو كلي ما بين معنيَين، فالقرآن موجود، القرآن موجود.. هذه هي القاعدة الأساسية.. وهو الذي يُسمى بالتشابه، أظنه، لا المتشابه، فالمتشابه ما بين المحكم المتشابه.. )يعني له علاقة باللفظ كمان).. إذن أيضاً هذه القضية طُرحت فيها آراء متعددة؛  ما هو وكيف المحكم والمتشابه؟ خصوصاً أنه أنا في رأيي جاء وصف على لسان القرآن على أنه محكم كله، (كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ)، وجاء في نص آخر (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا) متشابه كله، وهنا النص عمل تواؤم بين المحكم والمتشابه؛ لذلك أنا أرى أن التشابه والإحكام يكون في نفس الآية، نفسها، يعني الظاهر هو المحكم، والمتشابه هو العمق الذي تحتوي عليه؛ لكي يتحول إلى محكم مع اختلاف الواقع".


لماذا تحولت فجأةً من سلفي إلى مطالب بتجديد الخطاب؟

وأجاب ياسر العديرقاوي عن سؤال "أنت كنت سلفياً، فجأة تحولت إلى مطالب بتجديد الخطاب، لماذا؟ ما الذي دعاك؟ ولهذا أنا أطالب أن تكون آلية إذا أنت لم تتسلح بهذه الآلية كيف ستبرر انتقالك من سلفيتك إلى تنويرتك؟"، قائلاً: "أكيد لأ، ولا هتقدر تبررها أكيد، لأ.. يعني أنا أذكر لك مثالاً، أول لحظة أنا قررت فيها يعني حاجة هبشتني داخلياً على أنه (استوب)، فالشخص بيقول لي آدم ما خُلق من طين بشكل تمثالي، في شخص طلع كتاب بهذه الطريقة، يا رجل أنت مجنون، القرآن كله قال آدم خلق من طين، قال له وين هذا في الكتاب؟ وريني آية خلقنا الإنسان من طين؟ قال لك ليس قال لك آدم، طب يا أخي (إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن طِينٍ)، ليس قال لك آدم، هنا قال لك إنسان وبشر، فالفرق شنو ما بين البشر والإنسان؟ قلت له ما هو قال لي لأ ما فيه كلام زي ده، الرجل ده بيقول ما فيه كلمة بتؤدي نفس معنى الكلمة الثانية، وقع الحافر على الحافر، ده التنبيه الأول، لما أنت تتعمق تجد أن هذه القاعدة هي أصلاً منطقية، إنه يجب أن يتم التعامل بها مع النص؛ لأنه أنا عندي حتى في الكون، بالمناسبة ما فيه تماثل في الكون، ما فيه تماثل، الكون نفسه بنيته نفسها، القوانين والموجودات المترتبة عليها، ما فيه تماثل يا أخي، عائلة القردة، القردة فيه كم عائلة، يا أخي فيه شمبانزي وفيه غوريلا وفيه ما عارف.. فيه عشرون ألف نوع من القرود، ده في عائلة القردة، بس.. فمن المستحيل الكون فيه تباين، فيه تنوع؛ لكن ما فيه تماثل، يعني إحنا بنيجي نزرع الجريب فروت والليمون، بيشربوا من مية واحدة، وبينموا في مزرعة واحدة، كل واحد طعمه مختلف، فهذه يعني قاعدة منطقية عقلية وجودية من باب أولى المفترض يتم بها التعاون مع النص، من هنا كانت نقطة الانطلاقة، أنه القرآن يا جماعة، نحن ليه كل الكون ما فيه تماثل، ونحن بنقرأ القرآن بالتماثل، بنفتكر أنه مثلاً 12 لفظاً بيحمل نفس المعنى.. الطائفة والفئة والجماعة والسيارة والحزب والفوج.. كلها عندنا حاجة واحدة ومجموعة، قطعة من الناس ذكرت ثمانية مترادفات، لا بد أن يكون فيه فرق ما بين الطائفة والحزب والفوج.. كل واحد له معنى براها هذه القاعدة، عندما جاء أسس لها الراحل شحرور، وتناول بعمق وبكثرة.. هي اللي أدَّت إلى أنه تصبح عملية التفكير في القرآن الكريم بشكل مختلف، عملية انشطارية".


كيف يكون العقل سلفياً؟

وأضاف الباحث السوداني في الدراسات الإسلامية والقرآنية، رداً على "أنت عشت الآن وتنقلت بين مرحلتَين أو عقليتَين؛ العقلية السلفية والعقلية التنويرية، ما مميزات العقل السلفي؟ يعني كيف يكون العقل سلفياً؟": "العقل السلفي مسألة الإحساس بالتميز عن الآخرين، على أنك قريب من الله سبحانه وتعالى، وأنت الوحيد اللي بتعرف الدين، وبتظهر ذلك في السلوك الخارجي؛ عبر إطلاق اللحية وطريقة الكلام بطريقة معينة، وارتداء الجلاليب القصيرة، حتى في طريقة الوضوء أمام الناس تحاول تشعر الآخرين على أنك الوحيد اللي بتحسن الوضوء، يعنى دي واحدة.. الحاجة التانية تمسك بمبدأ في الحاجة دي، تلقاهم متمسكين بها جداً يعني.. يعني تمسك بإتقان الطقس؛ لكن على المستوى الفكري هم منغلقون جداً، وتتمثل فيهم سمات الملة اليهودية بحذافيرها".


هل يمكن إطلاق لفظ أو وصف "يهودي" على السلفي؟

وأجاب ياسر العديرقاوي عن سؤال "يعني أنت نطقت بالكلمات، هل يمكن إطلاق لفظ أو وصف يهودي على السلفي مثلاً؟"، قائلاً: "بدون شك"، معقباً رداً على "اعتماداً على الفهم القرآني للفظ؟": "طبعاً، أنا أديك الحاجة دي، عندي فيها تفاصيل، يعني عندي فيها أنا أقول لك عندما جئت أبحث، عندما يعبر القرآن (طبع الله على قلوبهم)، أليس كذلك؟ و(ختم الله على قلوبهم)، الثنائيتان ديل، يهود نصارى طبع الله على قلوبهم، ختم الله على قلوبهم، شنو يعني إيش يعني ختم الله على قلب هذا، وطبع الله على قلب هذا؟ مسكت مفهوم الختم، ومنه مفهوم الختم، المدير عندما يأتي بمستند وبيختم على المستند؛ معناها عطاه حيثية أنه يمر؛ لكن الختم في حد ذاته هو عبارة عن قفل في محتوى المستند، الختم اللي عند المدير لمّا المدير يختم، هل معناها الموضوع ده يمر أم أنه المحمول، المحتوى المحمول في هذا المستند قفل؛ عشان كده إذا قدرت تغيره بيقول لك مش هاختمه.. هنا تاني ومنها خاتم النبيين، إذا قدرت أغير في المحتوى مثلاً، في خطاب، شطبت حاجة وغيرتها بالقلم، إلا لتختم على الحتة اللي تغيرت دي.. إذن مفهوم الختم يعني قفل المحتوى من غير أية إضافة خارجية، ده مفهوم الختم، فتعالَ قِس هذا المفهوم، فالمختوم على قلبه هو الذي يؤمن بما يعتقد، وقافل على ذلك، وليس لديه استعداد إطلاقاً تقبُّل إضافة خارجية، هذا هو الشخص المختوم على قلبه، بتلقاه نازل على الجماعة كما هي، ما بيحاول بيفهم.. محمد بن عبد الوهاب، والله قال الشيخ فلان عنده المنهج السلفي، هذا فقط، وممكن تلقى الاختلاف بينه وبين طائفة سلفية أخرى، يكون الاختلاف فقط في التصور عن (الرحمن على العرش استوى) الآية دي داخل السلفية أنشأت مجموعة من الطوائف، وممكن ييجي يقول لك رأيك شنو في (الرحمن على العرش استوى).. تثبت الكيف، ما تثبت بس الآية دي..".


قضية "أين الله؟"

وقال ياسر العديرقاوي، رداً على "ويتخذ موقفاً تجاه الآخر بناء على فهمه": "بناء على هذه الآية، الآية دي، وأين الله؟ بس القضيتَين دول، أين الله؟ رد على حديث الجارية أن الله في السماء، أنت خلاص تمام، أنت معهم، وأنت قُلت الله في أي مكان، الله لا يحده زمان، طوالي أنت أشعري، ما تريده ملكته.. بس حديث الجارية (أَمْ أَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ)، قال له فين؟ قال لك الله، قال له السجن، قال لك الله، قال له (أَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ)، أنت عارفه منو لأ، إلا تقول الله في السماء، والنبي سأل الجارية أين الله؟ أشارت بإصبعها، هي بكماء، فقالت..".


تقديس أعمى للشيوخ والمنظرين

وأضاف الباحث السوداني في الدراسات الإسلامية والقرآنية، رداً على "يعني المقصود بالسماء هون عملية تجسيد لله؟": "هذه أنا باقول لك قضية أين الله؟ و(الرحمن على العرش استوى)، بناء عليها تنقسم الطوائف وتتعصب على فكرتها فهو لم يغلق على المفهوم اللي عنده، ما بيتقبل أية إضافة خارجية، هذا الشخص ختم على قلبه، المطبوع على قلبه من فكرة الطابعة، وما معنى طبع وأطبع لي الورقة؟ دي عملية الطبع، هي تحويل الحبر على الورقة، وبالتالي هذا الحبر يصبح جزءاً من الورقة، ما فيه بروز ولا حاجة، جزء من الورقة نفسها.. كده بنقول انطبع الورقة، انطبعت عندما يتحول الحبر إلى جزء من نفس الورقة، إذن المطبوع على قلبه يتحول سلوكه، ونمط التدين اللي عنده جزء من طبعه، وهذا أخطر من الختم على القلب اللي هو شنو عملية التقديس الأعمى للشيوخ والمنظرين، تجدها في الشيخ، وأئمة أهل البيت معصومون، الإمام مين؟ الإمام أصبح جزءاً من طبعه، نفس طبعه في النوم والأكل والشرب، عنده إحساس لو فارق الإمام مثلاً بإمام، المحصول أنه ممكن ينهار وحياته تروح في ستين ألف داهية، فأصبح هذا الموضوع جزءاً من طبعه، تجده عند كثير من الدراوشة الصوفية، هذا مختوم على قلبه، وهذا مطبوع على قلبه. والحنيفية بين ذلك؛ الحنيفي لأ، لا يحول التقديس عشان يتحول إلى طبع ولا يغلق فكره على أساس أنه ما يتقبل فكرة إضافية، أنا ممكن أجد فكرة".


المسيحيون والنصارى

وتابع ياسر العديرقاوي رداً على "وبالتالي يتوقف أن يكون انعزالياً أو معزولاً": "الله يفتح عليك؛ هذا هو الحنيف، يميل مباشرةً في كل تحركاته وسلوكه، هو يميل إلى الحق أو إلى الحقيقة متى ما توافر البرهان؛ لذلك ربنا عندما وصف أهل الملة اليهودية وصفهم بادعاء الخيرية، ادعاء الصلاح ورفض الآخر طبعاً.. نحن أحباء الله، قتل الآخر، تجريمه، الإقصاء، تجد هذه السمات بصورة عامة متمثلة في أهل السُّنة، الفرقة الناجية، الطائفة المنصورة، لا أريد كده.. في المقابل سمات الطائفة النصرانية؛ تعطيل العقل والتقديس الأعمى للنماذج، تجدها في الشيعة الأئمة، الموضوع انتهى وبيعطل عقله خالص، حجة في الكاظمية ما عارف تساوي ألف حجة في مكة، إيش هذا؟ نفس الفكرة، فده بيقدس وبيعطل عقله، وده اللي هو فكرة النصرة الأوفر، ماهيك فكرة النصارى، جت منين؟ الناس بتتلخبط ما بين المسيحيين والنصارى.. المسيحيون يا جماعة هم المؤمنون بعيسى، متبعون عيسى، أنا مسيحي الآن؛ لكن مستحيل أكون نصرانياً.. قال مَن أنصار الله؟ عشان كده كلمة المسيحيين في النص ما جاءت، القرآن ما عنده، ما المسيحيون مسلمون". 


أنا محمدي مسيحي إبراهيمي موسوي

واستكمل ياسر العديرقاوي رداً على "أنا أؤمن بعيسى المسيح كنبي": "أنا محمدي مسيحي إبراهيمي موسوي؛ فكلمة مسيحي ما عندها علاقة، يا جماعة بيقول لك ديال المسيحيين، المسيحيين حتى في النص ما ذكرت الإشكالية في النصارى لو ما تفك المصطلح ده، قال العامية ما بيتكلمش عن المسيحيين، أنا باقول لهم يا جماعة والله أنا معكم مسيحي؛ تؤمنون بعيسى، والله أؤمن بعيسى مسيحي، بعداك الاختلافية في طريقة الإمام، ده موضوع تاني. أما النصارى فهم الذين حاولوا أن ينصروا عيسى بأوفر بأكتر من اللازم، حيث رفعوه إلى مرتبة الإله أو مَن اعتقد فيه ما الابن بالولادة البيولوجية اللي هو الابن المنجب، بس هذه الإشكالية يعني حتى ابن الله أنا ما عندي معه مشكلة، ولا القرآن رفض أن عيسى ابن الله، ولا من هنا أي حد يسمع.. أنا مؤمن بأن عيسى ابن الله؛ لكن بس ما ولا ضل أن دعوا للرحمن ولداً، تخر الجبال، هذه المشكلة، المشكلة في أنك تدعو لله ولداً بيولوجياً؛ لكن الابن جاي من البناء، من البنوة، أنك تبني حاجة، فإذن فكرة النصارى عندما غالوا في عيسى ورفعوه إلى هذه المرتبة، يعني نصروه بالزور، فأخذوا اسم النصارى اللي هو التقديس الأعمى وتعطيل العقل.. بتجد السمات دي متمثلة، هذا مختوم على قلبه، وهذا مطبوع على قلبه..".


نحن ندعو على أنفسنا في الجوامع ولا ندري

واستطرد العديرقاوي: "طيب، أنا أديك مثلاً وأختم به الجزئية دي؛ الأمة العربية والإسلامية اللي بتدعو على اليهود والنصاري، لا يكاد خطيب مسجد وإلا ينهي الخطبة بالإصبع، وطبعاً أنت عارف (اللهم دمرهم أبداً وشتتهم أبداً ومزقهم ولا تبقي أحداً).. في سؤال هؤلاء الملايين اللي بيدعوا على اليهود والنصارى، معقول الله، سبحانه وتعالى، لم يجد فيهم أحداً شوية كده قلبه صافي يستجيب له، حاجة غريبة، أين الاستجابات؟ أصله مفيش حد كده ابن حلال ربنا يستجيب له ويفكنا من إسرائيل دي مثلاً، مفيش، ليه المشكلة؟ شنو يعني؟ تخيل بناء عندما فككت هذه القضية أنا وصلت لقناعة، كل هذه الدعوات مستجابة، كل دعاء أطلقناه على اليهود والنصارى هو تمت استجابته في الحال؛ ولكنه رجع إلى ماذا؟ إلى صاحبه، إلى مَن هو متمثل في الملة اليهودية والنصرانية، وبالتالي كل دعواتنا راجعة إلى نحورنا، فنحن ندعو على أنفسنا في الجوامع ولا ندري، فربنا ينتقم من اليهود، ينتقم من اليهود، القانون العادي، اليهود منو المنطبقة فيهم السمات، فعادي ممكن تكون أنت في المسجد الحرام وفي الصف الأمامي ويهودي".


الطائفية بداية الدم

وأجاب الباحث السوداني في الدراسات الإسلامية والقرآنية، عن سؤال "هل تعتبر أن الطائفية بداية للدم؟، قائلاً: "نعم الطائفية بداية الدم.. طبعاً بداية كل وهي من موائد الشيطان، أنا ذكرته في بداية اللقاء أصلاً بعد موت النبي، عليه الصلاة والسلام، الشيطان اشتغل على هذه المسألة، عبر آليات المجتمع طبعاً، وعبر آليات النفاق اللي هي تعتبر البذور الأولى. ما هي القضية ديال دايماً، أنا برضه باحاول، باضغط عليها إذا أنت قرأت مثلاً في كتاب (الرحيق المختوم) للمباركفوري، أنا باقول لهم المباركفوري؛ لأنه أكثر كتاب في السيرة النبوية مصحح من علماء السلفية وعلماء الموروث، بيعتقدوا هو منقح، يعني اسمه (الرحيق المختوم) للمباركفوري، أكثر كتاب في السيرة النبوية منقح.. أنا ما قُلت لك ابن الأثير ولا سير أعلام النبلاء دون نهاية، هذيك فيها مصايب أصلاً؛ لكن (الرحيق المختوم) ده ذكر أنه في غزوة من الغزوات، بدر تقريباً، ولا غزوة أُحد، خرج النبي بألف من المقاتلين، فرجع عبد الله بن أبي بن سلول، بـ300، صحيح ولَّا لأ، من المنافقين، رجع وبقى 700، دارت بهم المعركة، 300 دول ديال المنافقين، ولما رجعوا فيه 600 قاعدين بيعايروا فلان وفلان، دول رجعوا مع ابن سلول، فإن الناس دول منافقين وخالفوا أمر النبي، مش المفترض على الأقل نكون عارفين، رجعوا مع ابن سلول، فلان وفلان وفلان، دي 300، إذا جيت إلى النص القرآني بتجد 13 آية في سورة البقرة، وسورة (المنافقون) كلها وتلتين سورة التوبة، يمكن 15 آية ولا أكثر من سورة النور، وحتى في سورة المدثر، والمزمل المكية فيها إشارة إلى الذين في قلوبهم مرض..".


المشكلة قديمة من الصدر الأول

واختتم ياسر العديرقاوي: "كل هذا الكم من النصوص في كتاب الله التي تتحدث عن النفاق، نحن لا ندري عن المنافقين إلا عبد الله بن أبي بن سلول، المكتبة الإسلامية ما وثقت للشخص أنه منافق إلا عبد الله بن أبي بن سلول، وبس، وفيه رواية ضعيفة؛ واحد كده مسمينه الجلاس، وتاني واحد اسمه المنافق، الناس دول راحوا وين؟ أين ذابوا؟ إذا كان 300 رجعوا يوم أُحد في حين أن مكتبتنا وثقت للصحابة بالآلاف، (أُسد الغابة) لابن عبد البر، (الإصابة في تمييز الصحابة) لابن حجر العسقلاني، بالآلاف، الصحابي مرته متزوجة منه، وأولاده عاشوا وين؟ ومن قبيلة وين؟ وكان بيشتغل وين؟ لكن ولا عندنا كتاب، لو خشيت محرك (جوجل) وقُلت اديني عشرة أسماء منافقين، هيفشل (جوجل)، ما هيجاوبك.. أين إذن كان هؤلاء؟ الكم الهائل اللي وصفهم ربنا في سورة التوبة؟ وممن حولكم من الأعراب المنافقين ومن أهل المدينة مردوا على النفاق، لا تعلمهم، نحن نعلمهم. النبي، عليه الصلاة والسلام، لم يكن مقنعاً لهم بأن يصدقوا في الإسلام؛ وهو النبي بشحمه ولحمه وشخصه، ترى ماذا فعلوا بعد موته؟ بذروا بذور ما يحدث الآن من التشظي والطائفية والتعصُّب لها؛ عشان كده المشكلة عندي قديمة ما حديثة، من الصدر الأول".