تحدَّثَ الدكتور محمد عناد سليمان، الباحث والكاتب السوري، المختص في اللغة العربية والحاصل على درجة الدكتوراه في اللغة العربية والنحو والصرف العربي، خلال لقائه د.باسم الجمل، عبر برنامج "مجتمع"، عن تجاربه الكثيرة مع الصوفية وفي المساجد وفي كتابة المقالات، ولماذا اختار دراسة اللغة العربية، وآلية اللسان العربي المبين، وأسباب دراسته "الصرف" تحديداً، وقضية التطور الدلالي للفظة في القرآن الكريم.. وغيرها من الموضوعات.
لماذا اخترت دراسة اللغة العربية؟
قال الدكتور محمد عناد سليمان، الباحث والكاتب السوري، المختص في اللغة العربية، متحدثًا عن أسباب دراسته اللغة العربية: "بدايةً؛ أشكركم على إتاحة الفرصة لسماع الرأي الآخر، الذي في مرحلة ما كان مندثراً أو لا يُسمح له بالظهور، فهذه يعني فضيلة لكم في هذا المجتمع.. اللغة العربية كانت هاجساً منذ دخولي الجامعة، ففي السنة الأولى أحببت اللغة العربية، ارتباطنا بالمجتمعات الريفية، بالمساجد، لأنها تقريباً المدرسة الوحيدة في الأرياف، وهي مرتبطة بالقرآن الكريم، فأحببت أن أدخل اللغة العربية، وفعلاً في السنة الأولى يعني كان همي الوحيد أن أنتهي من الإجازة الجامعية بأقل تقدير ممكن، حتى ننتهي من الجامعة؛ لكن في السنة الثانية وبعد التعمق في اللغة العربية، وأنا اسمح لي أستخدم اللغة العربية بمدلولها المتعارف عليه بين الناس، صار عندي هاجس إني أصل للدكتوراه بأي ثمن كان، على الرغم من الحياة وضنك العيش؛ لأنه في الأول والأخير نحن من النازحين، إذا كنت تعلم 67، والذين هُجروا إلى دمشق، ولا توجد يعني إمكانية الدخول للجامعة؛ فدخول الجامعة لمثل هذا الابن النازح أو الذي يعيش في الريف، شبه مستحيل، فكان تحدياً أن أصل، لله الحمد، لما تخرجت حتى في الجامعة، ربما كثير ما يعرف هذه المعلومة، أنني تخرجت الثاني على الدفعة، من الخمسة الأوائل، وعندي شهادة من جامعة دمشق أن ترتيبي الثاني، فكان إنجازاً عظيماً أن أصل إلى هذه المرحلة، فشغفي باللغة العربية واتصاله بالقرآن الكريم أولاً وآخراً، أولاً وآخراً؛ لأنه أنا بالنهاية ابن المسجد، قبل أن أكون ابن المجتمع الآخر، فمعظم أوقاتنا في المساجد نسمع الأحاديث ونسمع القرآن الكريم، فنحتاج إلى فهم القرآن الكريم أو على الأقل التباهي بالتحدث باللغة العربية في ذلك الوقت، فكان يعني خياري للغة العربية من هذا الباب".
أسباب دراسة "الصرف" تحديداً
وأجاب الدكتور محمد عناد سليمان عن سؤال "هل هناك زوايا محددة مثلاً، تعرف أن اللغة فيه حقل واسع للغة؟"، قائلاً: "نعم؛ دراستي كانت مختصة في النحو والصرف أو الدراسات اللغوية في قسم اللغة العربية في دمشق؛ لأنه ينقسم إلى قسمَين دراسات أدبية ودراسات لغوية، لماذا الدراسات اللغوية؟ لأنني كنت أراها رياضيات، اللغة، أنك تستطيع أن تدخل عقلك فيها، بخلاف الدراسات الأدبية اللي فقط عبارة عن قصائد وشرحها.. أما هنا فتستطيع أن تبدع، أن تدخل لذلك في الدكتوراه، أنا اخترت تحديداً مجال الصرف الذي يعزف عنه الكثير من الطلاب؛ لأنه جاف، ليس فقط رياضيات اللغة، وإنما هو جاف لا يمكن الدخول به بسهولة، وعلى العكس من ذلك أنا أخذت أيضاً في الصرف مادة يعني أكثر ندرة حقيقة، لذلك لما كان البحث نادراً في الصرف، وهو ما لم يطرد في بنية الكلمة العربية، كانت لجنة المناقشة من جميع الجامعات السورية؛ من حلب ومن حمص ومن دمشق ومن درعا ومن السويداء؛ لأن البحث نادر ووصلت فيه إلى نتائج مهمة، ربما أخذنا المصطلحات التي وصفها النحويون والصرفيون بالشاذ، القليل الضعيف المطرد، خارج عن المطرد؛ أي خارج عن القاعدة العربية، ووصلت إلى نتائج إلى أن غير المطرد قد يفوق المطرد في كثرته في كلام العرب، يفوق المطرد في كثرته في كلام العرب؛ على سبيل المثال عندك الجموع، جموع التكسير..".
إشكالية اعتماد النحويين القرآنَ كأساس في بناء القاعدة النحوية
وأضاف الباحث والكاتب السوري، المختص في اللغة العربية: "ونأخذ أمثلة من القرآن الكريم؛ حتى لا نبتعد كثيراً، لأنه الأصل في دراساتنا اللغوية أو دراساتنا اللسانية في الجامعة.. الله، عز وجل، على سبيل المثال في القرآن الكريم لم يجمع (العين) الباصرة إلا على (أعين)، ولم يجمع عين الماء إلا على عيون كثرة أو قلة، هذا موجود؛ لكنني أجد النحويين مثلاً يقولون جمع (عين) على (أعين)، هو شاذ. طيب كيف يكون شاذاً وهو في القرآن الكريم لم يرد إلا بهذا الجمع؟ وما زال الآن مليار مسلم يعني يقرؤون القرآن الكريم ويقولون (العين) جمعها (أعين) فالشاذ إذن لم يعن، القرآن الكريم لم يلتزم بالقاعدة النحوية التي وضعت في ما بعد، وهنا إشكالية أن النحويين لم يعتمدوا القرآن الكريم كأساس، في بناء القاعدة النحوية، كأساس".
اللسان العربي المبين.. الأساس
وتابع د.محمد عناد سليمان، رداً على "ما الأساس اللي موجود في القرآن؟": "الأساس الموجود في القرآن الكريم هو لسان العرب، اللسان العربي المبين المستعمل في ذلك الوقت، القاعدة هي مرحلة لاحقة؛ لكن المشكلة في القاعدة أنها لم تعتمد على القرآن الكريم في بنائها، واعتمدوا على كلام العرب. طيب كلام العرب؛ هل يمكن أن أقول إن جمع (العين) على (أعين)؟ هم قالوا ذلك، طيب لماذا وهو في القرآن الكريم؟ هذه إشكالية واضحة".
الخروج على القاعدة المطردة
وأجاب الباحث والكاتب السوري، المختص في اللغة العربية، عن سؤال "لماذا قالوا شاذاً؟"، قائلاً: "قالوا شاذاً لأنه خرج على القاعدة المطردة؛ على أن (العين) إذا كان حلقي الحرف، حلقي العين أو لا يجمع على أعين، لماذا؟ ثم جمع القلة له أوزان، وضع النحويون أوزاناً لجمع القلة؛ من بينها مثلاً أفعل، وجمع الكثرة وضعوا له ثمانية وعشرين وزناً؛ لكن نجد القرآن الكريم استعمل وزناً؛ القليل في الكثير والكثير في القليل، ماذا نفعل؟ على سبيل المثال (يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ)؛ فعول جمع كثرة، طيب الثلاثة القلة، ماذا نفعل؟ ثم في موضع آخر عندما قال (فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً)، (أضعاف) جمع قلة؛ لكن في موضع الكثرة ماذا نفعل؟ إذن لا بد أن نجد حلاً؛ إما أن نقول إن هذا مخالف للقاعدة، وإن القاعدة لم تبن، أو ثمة استقراء آخر لكلام العرب، يجب أن نقف عليه مرة ثانية، من هنا أنا انطلقت في دراسة ما لم يطرد من كلام العرب، واعتمدت في ترجيح القول على ثلاثة أشياء: أولاً إن كان قراءة قرآنية فيعتد بها بأنها المرحلة الأساسية من مراحل تقعيد اللغة، والثاني أن يكون لغة للغات العرب أو ما يسمونه لهجة من لهجات العرب؛ لأن العرب تحدثت بكلامها على سجيتها، والثالث إن وجدت مذهباً وإن كان منبوذاً أو متروكاً أو عزيزاً لأحد نحوياً أو صرفياً، قال به فيرجع عندي إقامة قاعدة جديدة، وهذا طبعاً يعني يحتاج إلى أكثر من جهد، ليس فقط جهدي الخاص في هذا البحث أو في هذه الرسالة".
"أعين" و"عيون".. هل المقصود العين البشرية؟
وأضاف د.محمد عناد سليمان، رداً على "في رأيك؛ نرجع إلى مثل (أعين) و(عيون)، هل تعتقد أن اللغويين لم يفهموا مقصد استخدام اللفظ في سياقه مثلاً؛ حتى حكموا أن (أعين) تقصد العين البشرية؟": "العين الباصرة"، معلقاً على "و(عيون) أو هي العيون، عيون الماء، نحن هنا شايفين أن اللفظَين استخدما بمعنيَين مختلفَين في سياقَين مختلفَين"، قائلاً: "صحيح؛ والأصل واحد في الاشتقاق مثلاً".
لم يصل إلينا من كلام العرب إلا أقله
وتابع الباحث والكاتب السوري، المختص في اللغة العربية، رداً على "اشتقاق واحد؛ لكن الاستخدام أخذ معنيَين مختلفَين، هل جهل اللغويين لأصل الاشتقاق أو لأصل استخدام السياق، المعنى في سياق قادهم إلى الحكم على أنه بالشاذ على بعض؟: "اسمح لي أن أقول إن أي لغوي أو نحوي أو صرفي عندما يتحدث، فهو يتحدث عن رأيه، ولا يمكن عقلاً أن نقول إن هذا الصرفي أو النحوي استطاع أن يلم بكلام العرب، هذا قولاً واحداً، فالمشكلة عندما نجعل كلامه على أنه الحقيقة المطلقة أو الكلام المقدس الذي لا يجب أن يرد، فهذا كلام اللغويين نعم، وأنا أستطيع أن أقولها بصراحة، اللغويون والمفسرون حاولوا إقحام أقوالهم وجعلها حاكمة على القرآن الكريم، وجعلها حاكمة على قواعد العرب، باختصار لم تبن على استقرار كامل لكلام العرب، لذلك أحد النحويين يقول لم يصل إلينا من كلام العرب إلا أقله، فإذن كيف نستطيع أن نحكم على، ونبني قاعدة على هذا القليل؟ لا بد أن نبنيه على الكثير، وهل هذا الكثير بمستوى من المستويات يجعل لنا أن نقيم قاعدة؟ لذلك قُلت في بداية كلامي إنني وجدت غير المطرد أكثر من المطرد في بابه، ولو أردنا أن نعدد الشواهد لوصلنا إلى شواهد كثيرة جداً، فكيف بُنيت القاعدة على هذا القليل؟ إذن لا بد من إعادة النظر مرة ثانية، لكن المانع من إعادة النظر هو الذهنية العربية أنها استقرت على هذا الأمر واعتبرته الحقيقة المطلقة، وما يأتي بخلافه فهو الخطأ، والإنسان كما يقولون هو عدو ما يجهل، فإن سمع معلومة جديدة يقول لك لأ هي غير صحيحة، لماذا؟ لأن الصحيح كذا يعني، وأذكر مثالاً بسيطاً يعني لو استقرت فقط قليلاً لبيان المثال، فلو أوقفنا تقريباً المسلمين الآن على صعيد واحد وقُلنا لهم ما الحالات التي يجوز للصائم أن يفطر فيها؟ يقول لك السفر والمرض.. هكذا، طيب أين الحالة الثالثة الموجودة بنص صريح، لماذا أغفلت؟ لأن الذهنية العربية المسلمة تواطأت على هذا المعنى، الآية القرآنية (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ)؛ هذه الفدية على المطيق، إذن هناك حالة ثالثة، لماذا لا تظهر؟ لماذا لا يتم العمل بها؟ قلت يعني لماذا أنا قُلت مسلمين؟ بشكل عام الذهنية الجمعية للعقل العربي لا يريد أن يظهرها، طب لماذا يجب أن نظهرها؟ العقل التراثي بالضبط، فتواطؤوا على هذا المعنى، ثم يأتي بخلافه، هو حكماً خطأ، قد يكون هو الصواب، هذه الإشكالية التي يعني تمنعنا من إعادة النظر".
اللسان العربي هو الذي يحكم علينا.. "غرق" مثالاً
وقال د.محمد عناد سليمان، رداً على "وهناك مَن يعتب على نفع الطاقة يطيق، الأصل من الفعل الرباعي (أطاق) مش من الفعل الثلاثي": "لأ، هي ليست الإشكالية الآن"، مجيباً عن سؤال "هل هذا صحيح مثلاً؛ لأنه هناك مَن يتبنى هذا الرأي؟": "ليس تبنياً، بل اللسان العربي هو الذي يحكم علينا، يعني عندما قال ابن جني على سبيل المثال أتى بمثال (غرق)، قال لك لماذا استعملت العرب هذا الفعل للدلالة على هذا الحدث؟ قال لأن (الغين) تدل على الامتلاء، و(الراء) تدل على التكرار، و(القاف) تدل على الاختناق، وهذه الحالات الثلاث تعرض لمن يسقط في الماء، فهذا كلام لطيف جميل لم يتنبه إليه كثير من الناس، كانت لديهم إشارات عندما تحدَّث عن تآلف الحروف وتثاقب المعاني، عندما يأتي الحرف مع الحرف الآن، يطيقونه".
وَعَلَى الَّذِينَ "يُطِيقُونَهُ"
وأضاف د.محمد عناد سليمان، رداً على "نعم، الآن هذا يدخل في صلب آلية اللسان العربي": "آلية اللسان العربي، فأنا أريد (يطيق) (طاق) (يطيق) و(أطاق)، (يطيق) هذا معروف في لسان العرب، نقول (ضرب) (يَضرب) بفتح الياء بالمضارع، و(أضرب) (يُضرب) بضم الياء في المضارع، فالله عز وجل عندما قال (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ)، إذن حكماً هو من (أطاق) تمام، ما معنى (أطاق) الآن؟ وأنا جيت بمثال مقارن له لنوضح للقارئ الفرق بين المعنيَين، عندنا في القرآن الكريم (طاع) وعندنا (أطاع)، الله عز وجل لما خاطب الشمس (ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ)، لماذا لم يقل (آتينا مطيعين)؟ لأنه لو آتينا مطيعين لكان لهما الخيار، لأنه من أطاع، لكن ليس لديهم الخيار، من طاع، أطاق ويطيق طاق، في الأصل هو مأخوذ من الطوق، طاق، (طوق) أصل الألف واو، (أطاق) هذه الهمزة عند النحويين تُسمى همزة السلب والإزالة؛ لكن من حيث المعنى أزلت ماذا وسلبت ماذا؟ أزالت الطوق الذي عليك وأصبح لك الخيار فيها، الهمزة همزة السلب والإزالة، أزالت الطوق، وتركت لك الخيار؛ لذلك في نهاية الآية قال لك (وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ)، وأنا كتبت مقالاً أذكر عام 2015 في ذلك، ورد عليَّ أحد الأساتذة في مكان مرموق ما، لن يعني أتحفظ على الأسماء؛ لأنني أريد الفكرة ولا أريد الأشخاص، فقال لي هذه الآية منسوخة، وأنا طبعاً لا أعترف بالنسخ، الناسخ والمنسوخ قولاً واحداً؛ لأن مَن يجب أن ينسخ لو كان موجوداً هو النبي، صلى الله عليه وسلم، من نزل عليه الإثبات، وهو القرآن الكريم، وما عندنا حديث ولو مرفوع إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، في قضية النسخ، قُلت له ما دليلك على النسخ، قال حديث البخاري، سالم بن يربوع، أنها منسوخة، قُلت له لك ذلك. إذن اتفقت على أن هذا المصدر وهذا القول هو دليلك وحجتك؟ قال نعم، قلت له ودليلي وحجتي ما في البخاري عن ابن عباس ليست منسوخة، حكمان متعارضان في مصدر واحد، أيهما الصواب؟ يجب أن نجيب، فبدل أن يجيب تهرب الرجل، وأتفاجأ بعد ثلاثة أيام، أربعة أيام، صدرت فتوى من المجلس الإسلامي السوري في تركيا، بتبني هذه الحالة؛ لكنهم ذهبوا فيها مذهب ابن عباس.. ابن عباس قال هي الشيخ الهرِم والمرأة الحامل أو المرضع؛ لكن ما تنبهوا على أن ابن عباس أراد هذا المعنى؛ لكنه كان يقرأ (على الذين يطوقونه) فهذا المعنى ليطوقونه وليس ليطيقونه، فهم خلطوا القول بالقراءة، وهذا أمر خطر".
"وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ" مثالاً.. قضية التطور الدلالي للفظة في القرآن الكريم
وأجاب الباحث والكاتب السوري، المختص في اللغة العربية، عن سؤال "هل يعني أن اللغة العربية المحكية أو اللهجات التي يتعامل بها الناس في حياتهم اليومية أو اللغة التي تم تقعيدها في بداية عصر التدوين أو في العهد العباسي، غير قادرة أو عاجزة عن قراءة وأن تكون وسيلة لقراءة النص القرآني وفهم مقاصده؟"، قائلاً: "جداً؛ لأن مدلول اللفظ هو مر عبر التاريخ بتطوره، فمن الصعب أن تعطي اللفظ دلالة متطورة ربما لا يتحمله في زمانها، يجب أن نتنبه على قضية التطور الدلالي للفظة في القرآن الكريم، وهنا أذكر مثالاً، قضية، (وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ)، هل يأتي أحد ويقول (سيارة) يذهب بذهنه إلى هذه الوسيلة التي تستعمل الآن للتنقل؟ وبما أنني أشير إلى السيارة، أيضاً السيارة في هذا السياق لا تعني بحال من الأحوال القافلة التي أيضاً ثبت عند المفسرين هي لا تعني القافلة التي جاءت وتأخذهم من بئر.. الله عز وجل في سورة يوسف، وطبعاً في سورة يوسف أنا وقفت فيها على مئتَي سؤال، لم أجد لها جواباً، فضلاً أن أجد أحد المفسرين قد سأل السؤال أصلاً في بداية السورة.. الله عز وجل عندما يقول (إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰ أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ... ٱقتُلُواْ يوسفَ)، طيب الاثنان اشتركا في علة المحبة، فلماذا استثنى الثاني من العقاب؟ ما عندنا جواب، علة المحبة واحدة، فلماذا اقتلوا يوسف واتركوا الآخر؟ بالسياق الدلالي من أول السورة إلى آخرها كان من ذوي الاحتياجات الخاصة، لذلك استُثني من القتل، وهذا البطل الذي سميته البطل الثانوي لم يظهر إلا في آخر السورة، (قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ.. اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا)، اطرحوه أرضاً؛ أي اجعلوه مقعداً، ليس يطرحونه أرضاً أنه ألقوه على الأرض، أي قوموا له بإعاقة تمنعه من التحرك، فلا يلتفت إليه".
إشكالية "المتعارف عليه" ودلالة اللفظ في سياقه وزمانه
وأجاب د.محمد عناد سليمان، عن سؤال "أنا يعني أتفق معك، ولكن كيف يعني، ما الدلائل واللفظ المباشر الذي قاد لهيك دلالة؟"، قائلاً: "نعم؛ لا يوجد عندي لفظ، عندي سياق..."، معقباً رداً على "يعني أقول اطرح فلاناً أرضاً، يعني المتعارف عليه ارمه أرضاً": "إذن عُدنا إلى قضية المتعارف عليه؛ نحن لا نريد المتعارف عليه الآن، نريد دلالة اللفظ في سياقه وفي زمانه؛ ليس في زماننا الآن (فاطرحوه أرضاً)، وأنا أريد فقط أن أشير إلى قضية السيارة، (اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ).. (وَأَجْمَعُوا أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ)، النص القرآني يقول (غَيَابَتِ الْجُبِّ)؛ لكن المعنى التفسيري يقول البئر، طيب ما علاقتنا نحن؟ ما ذنب النص القرآني؟ إذن قُلنا البئر. طيب (البئر) في دلالته وفي موضعه وفي سياقه، ذُكر في مواضع أخرى، فلو أراد هذا المعنى في هذا المفهوم لاستخدمه في هذا الموضع، قال (في غَيَابَتِ الْجُبِّ)، فمشكلتي أنا عندما أقول جعله في البئر، والمفسرون كلهم يقولون جعله في البئر، تأتي قافلة تأخذه، والبئر ليست فيها ماء، بدأ التمحل للخروج من هذا المأزق، أن البئر ليست فيها ماء، لأنه لو كانت فيها ماء، لا نحتاج إلى ذلك.. الله، عز وجل، قال (غَيَابَتِ الْجُبِّ) يلتقطه بعض السيارة، هم يعلمون أن هناك من سيأتي إلى (غَيَابَتِ الْجُبِّ) ويأخذ هذا الطفل، حكماً، ثم بعد ذلك قالوا (فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَىٰ دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَىٰ)، لماذا سبب الفرح أن تجد طفلاً ملقى على قارعة الطريق، يجب أن تحزن لا أن تستبشر، ثم قال (وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً)؛ لماذا البضاعة؟ (وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ) و(شروه) أي باعوه بثمن بخس.. (السيارة) هم عبارة عن الصيادين الذين كانوا يلقون شباكهم في مواضع الظل عندما تأتي الدواب في حر الهاجرة تستظل في هذا المكان، فيصيدونها في آخر النهار، فلما وجدوه طفلاً (قَالَ يَا بُشْرَىٰ هَٰذَا غُلَامٌ)؛ يعني اليوم صيدنا لم يكن كصيد الحيوانات، اليوم وجدنا طفلاً.. يجب أن يُفهم هذا السياق بهذا المعنى، لنخرج يعني من حالات فهم، الصراحة سقيم؛ هناك فهم سقيم لا يمكن أن يقبله النص القرآني".
أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ
وأضاف د.محمد عناد سليمان: "وأستطرد أيضاً بمثال الفهم السقيم في سورة.. الله، عز وجل، يعني يقول (أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ)، يعني معظم المفسرين؛ بل جل المفسرين يقولون هو المقصود الناقة اللي هي هذا الحيوان، لماذا يتعللون ويقولون لك لأنها كبيرة، طيب ما الفيل أكبر! ومع ذلك وردت في سورة الفيل يقولون إنه يعني حتى نأتي من النص القرآني، لأنهم يقولون الفيل، طيب عندي سورة الفيل وذكر بنصها، إذن كان لدى هذا العقل في ذلك الزمان الفيل في ذهنيته هو يعرف أنه أعظم، وعندنا أصحاب الفيل.. وإلى ما هنالك، فلماذا الناقة؟ قل لهم بالمختصر وبسهولة جداً، نحن لو أردنا أن نرسم صورة بيانية على الجدار، أن نرسم جبلاً، جبلاً وأرضاً.. أفلا ينظرون إلى الجبال، الإبل، كيف خلقت؟ الجبال والسماء والأرض، سماء، جبال وأرض، ما علاقة الناقة؟ هذا الحيوان في هذه الصورة حكماً ستكون الصورة مخرومة، لا يقبلها العقل؛ لكن لو ذهبنا إلى معنى الإبل، السحاب، فوضعت سحاباً وجبالاً وأرضاً، اكتملت الصورة، التضاريس، التضاريس رصها في أبهى صورة.. هل هذا المعنى يقول به محمد عناد من تلقاء نفسه، من عندياتي؟ أبداً، قاله أبو عمرو الشيباني، وأبو عمرو الشيباني توفي سنة 206 للهجرة، يعني هذا المعنى لم آتِ به من كيسي، فلماذا تجعلون هذا المعنى مبتدعاً؟ لأنكم لم تقرؤوا هذه المعاني الآن في لسان العرب، في كلام العرب الإبل تصنَّف على أنها من الجموع التي لا مفرد لها من لفظها، المفروض أنا أسأل لماذا استعملت العرب في لسانها جموعاً لا مفرد لها من لفظها؛ كالنساء والإبل والقوم والرهط والنفر وعشرات....؟ يجب أن نسأل، لماذا أنا قُمت بدراسة شبه استقرائية، وبدأت أن أستقرأت جميع ما قالته العرب في لسانها، وجدت أن العرب تستعمل الجموع التي لا مفرد لها من لفظها، إذا أرادت أن تستعملها للمذكر والمؤنث معاً؛ إلى أن وجدت قرينة تدل، تعين المذكر من المؤنث؛ كقوله تعالى (لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ...)، فعرف القوم بأنهم ذكور من النساء وعرف النساء بأنهن إناث من القوم، جاءت القرينة، فإن لم تكن قرينة فاللفظ يحتمل ذلك الآن".
المقصود بـ"نساء" دون الدلالة الأنثوية
وأجاب الباحث والكاتب السوري، المختص في اللغة العربية، عن سؤال "يعني إذا جاءت لفظة نساء في آية من الآيات دون أن تكون مقرونةً بالدلالة الأنثوية؛ ماذا يقصد بها؟"، قائلاً: "قصد بها الذكور، ما عندنا مانع والمعنى يتحمل ذلك.. في آية أخرى قال (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ).. الآية المعروفة، ثم قال ولا نسائهن؛ أي ما تأخر من ذلك من الذكور، لتأتي الآية وتقول هو قال أبناء بعولتهن بدلاً أن يقول لك أبناء أبناء بعولتهن، أبناء أبناء بعولتهن، وهذا واقع؛ يعني عندنا الآن نحن في الأرياف كان يا جدي كلم جدك، يعني الذكور متوارثين بوجود الجد الأول أو الثاني، فالآية تقول لنا أبناء أبناء، قال ما تأخر من الذكور من جميع ما تقدم؛ فاختصرت هذه الكلمة كل ما تأخر من الذكور من المذكورين في الآية؛ فهذا طبيعي، أصل اللسان أصلاً أن (النساء) من (نسأ)؛ لكن في الذهنية العربية إذا قُلت النساء الآن لا يتبادر إلى ذهنك إلا الأنثى، لكن يجب أن أسأل لماذا أطلقت هذه الصفة على المرأة؟ اختلفوا في قوله إنه يتأخر حيضها من النسيء، ثم في القرآن الكريم في سورة التوبة (إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ)؛ التأخير جاء على أصله، ففي سياقه؛ ولو قُلنا لهم ما جمع فعيل (نسيء) سيرد عليك، أي نحن، يقول لك فيه نساء، انتهت القصة، فلماذا تعيبون هذا المعنى وهو موجود وذكره الزبيدي في (تاج العروس)؟ هو مذكور؛ لكن قُلنا القرآن الكريم في مرحلة ما لما ذهب به مذهباً معيناً في التفسير، أصبح هذا المذهب هو الثابت، وما يخالف هذا المذهب هو مردود متروك، وهو غير صحيح".
وأضاف د.محمد عناد سليمان رداً على "يعني قراءة العرب معجمياً للنص القرآني قادتهم إلى خلق فهم؟": "خلق فهم جديد".
آلية اللسان العربي وقراءة النص القرآني
وأجاب د.محمد عناد سليمان، عن سؤال "نحن نتحدث عن آلية أخرى جديدة اسمها آلية اللسان العربي؛ لتقديمها للقارئ أو لمن يريد أن يقرأ القرآن بهذه الآلية، الآن لو أردنا أن نضع قواعد وشكلاً ما لهذا اللسان، في رأيك ما القواعد اللي يجب أن تتوفر حتى تصبح هذه الآلية في متناول الجميع وسلسة ومفهومة في كيفية استخدامها لقراءة النص القرآني؟"، قائلاً: "من وجهة نظري؛ أولاً لا بد من معرفة دلالة الحرف على المعنى في نفسه.. مترابطة؛ قبل دلالة الحرف على المعنى في نفسه، فلو جئت بحرف الراء، على ماذا يدل في نفسه؟ وهذا مذهب عزيز من مذاهب اللسان العربي، فإذا تآلف الحرف مع غيره، على ماذا يدل؟ فإن تآلف مع الثالث وانتهت اللفظة على ماذا يدل؟ لذلك الثعالبي في )فقه اللغة( أشار إلى شيء من هذا؛ هو أشار، ألمح يعني، على سبيل المثال يقول لك كل ما انتهى بحرف الحاء يدل على شيء من الانشراح والاتساع والسرور (فرح، شرح، مرح)؛ كل هذه تدل على هذا.. إذن هو أشار، فنحن نريد فعلاً دراسة دلالة الحرف في نفسه على المعنى، وأيضاً أشار إليه ابن جني في (الخصائص) عندما تحدث عن تآلف الحروف، قال لك (قط) القاف والطاء، فإذا أضيفت الطاء الثانية، فإذا كرر الحرف يعني على سبيل المثال (فتح) (ف، ت، ح)، عندما يقول (فتح) عند النحويين الصيغة (فعل)، لكن هذه الصيغة، التاء الثانية، ماذا أفادت وأضافت إلى هذا المعنى؟ قال لك أضافت لك المبالغة والتكثير، إذن المبالغة والتكثير هذه الزيادة حرف، دلَّت على إضافة هذا المعنى الجديد في نفسه، فأنا أريد، إذن أرى أن نقوم بدلالة الحرف على نفسه، دلالته مع تآلفه مع غيره، ثم بعد ذلك دلالة اللفظ بكامله على المدلول. اضرب مثالاً على ذلك أيضاً من النص القرآني، هذه الرجل، هذا العضو في جسم الإنسان، ورد بألفاظ ثلاثة في القرآن الكريم، (رجل، ساق، قدم)، طيب هل القرآن الكريم في هذا اللفظ يريد هذه الألفاظ الثلاثة؟ قطعا لأ؛ لاختلاف دلالة كل لفظ، لاختلاف الحرف أصلاً (السين والواو والقاف) ذات الأصل، الألف (ساق) (يسوق) تختلف عن (رجل) (الراء والجيم واللام)، فكيف أجعلها بمعنى واحد؟ يستحيل، فلو أردنا أن ندرس سياقات القرآن الكريم، وجد أن الـ(رجل) هذه أطلق عليها العضو؛ لذلك نستطيع أن نقول للمرأة (رجلة) بناء على هذا العضو، تستخدمه (رجلة)، لذلك قال فرجالنا رجال، ماذا يعني أصحاب الأرجل، ثم في موضع آخر...".
رجولة الرأي.. إشكالية الفهم الصحيح
وأجاب الباحث والكاتب السوري، المختص في اللغة العربية، عن سؤال "هل المقصود هنا بـ(رجال) يعني الذين يمشون مثلاً؟"، قائلاً: "الآن ماشيين لو أردنا"، معقباً على "ولَّا الذين يبذلون الجهد بشكل عام؛ يعني مش بالضرورة المرأة تبذل جهداً والرجل يبذل جهداً؛ هنا لا تعني ذكوراً وإناثاً، لا تعني الذكر": "ذكوراً وإناثاً قولاً واحداً؛ لذلك قُلت لك أطلقنا على هذا العضو الـ(رجل)، لذلك عندنا حديث، يرده كثير للأسف من علماء هذا العصر، أن السيدة عائشة كانت توصف بأنها رجولة الرأي، يقول لك كيف تصفها بهذا الوصف بأنها متشابهة بالرجال؟ يا أخي رجولة الرأي، وهذا طبيعي، أليست عندها أرجل لتوصف بمثل هذا الوصف؟ ثم عندي القدم في القرآن الكريم، لا يمكن أن أطلق القدم على القدم إلا إذا كنت واقفاً عليها؛ لذلك في القرآن الكريم فما قال ثبت أقدامنا لأنك استخدمتها للوقوف، ما قال ثبت أرجلنا؛ لأنه لا يمكن أن يخاطبك بعضو موجود عندك أصلاً، أما الساق إذا تحركت بها ومشيت، لذلك الأسواق سميت أسواقاً؛ لأن الناس يمشون فيها، وهذا يقودنا إلى معنى هذا، يقودنا إلى فهم صحيح إلى (والتفت الساق بالساق)، وذهب المفسرون فيها مذاهب شتى، ومنها بعيد كل البعد عن أصلاً يعني قبول العقل (التفت الساق بالساق) أن يلف قدمه على الأخرى، وبعضهم قال عن الكفن، لأ، ومنهم مَن حملها على قول الله، عز وجل.. يا أخي بالمعنى البسيط (والتفت الساق بالساق) أي اختلطت الطرق بعضها ببعض، والدليل على ذلك الآية التي بعدها قال (إلى ربك يومئذ المساق)، بيَّن لك أن هذا الطريق يصل إلى الله عز وجل. هذه القضية، فلماذا نأتي بكل هذه التمحلات؟ إذن هذا العضو ورد في ثلاثة مواضيع في القرآن الكريم، وكل موضع يراد منه دلالة معينة. طيب هذه الدلالة ما الذي أفاد ذلك؟ أفادها دلالة الحرف في تآلفه مع غيره، لا يمكن؛ لذلك أنا أقول لا بد أن ندرس الحرف، دلالته مع نفسه، ثم في تآلفه مع غيره، ثم بعد ذلك في دلالته على المدلول، وهل أصاب في دلالته على المدلول أو لأ، ونحن طبعاً عندما نتحدث بالاصطلاح، اصطلاح في القديم يختلف عن الاصطلاح الحديث، فالاصطلاح القديم هو التواطؤ، مجموعة من البشر أو على معنى الآن موافقة اعتباطية أو تعسفية للدال على المدلول، هل أصاب في دلالته على المدلول أم لم يصب؟ هل نستطيع أن نصل إلى المرحلة الفكرية من هذا الدرس القرآني للقرآن الكريم؟ وعندي أيضاً بما أننا نتحدث عن الدرس القرآني، يعني أنا أتمنى في يوم من الأيام أن أرى الدراسة الموضوعية للقرآن الكريم، أقصد القراءة الموضوعية للقرآن الكريم أن تكون هناك لجان مختصة، ماذا أقصد باللجان المختصة لدراسة القرآن الكريم؟ عندنا آيات نحن في القرآن الكريم متعلقة بالفلك صحيح، هل يعقل أن آتي بمتخرج، سامحني عذراً، من الأزهر أو من كلية الشريعة في أي كليات في الدول العربية، ليدرس هذه الآيات؟ يستحيل، يجب أن آتي بعالم فلك متخصص في علوم الفلك؛ من أجل أن يدرس هذه الآيات، ثم عندي لجنة علمية للمناخ، لجنة علمية للتضاريس، لجنة علمية لنخرج بدراسة حقيقية للقرآن الكريم..".
إِنَّ "عِدَّةَ" الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا.. الدورة الفلكية
وأضاف د.محمد عناد سليمان: "في ما سبق كان يكفي أن تكون فيه زاوية من زوايا الكتاتيب أو شيخ من الشيوخ أو من سلالة الشيوخ، لتتحدث في كتاب الله عز وجل، تفهم في كل شيء. وأنا سأضرب مثالاً على ذلك، وله أيضاً موضوع مستقل، الله عز وجل يقول (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ)، أين الاثنى عشرية في الدورة الفلكية، إذا كان القمر من منزلة الهلال إلى منزلة الهلال يحتاج إلى ثلاثين يوماً، على المجاز هو أقل 29 و17، تمام، والشمس في دورتها الفلكية من نقطة الصفر إلى نقطة الصفر تحتاج إلى 356 يوماً فاصلة اثنين، أربعة، اثنين، أين الاثنى عشرية في هذا الموضوع؟ طيب ما دلالة هذه الآية؟ عليه يجب أن نفهم، لذلك لم يقل الله عز وجل إن عدد الشهور، قال (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا) إذاً فلكياً بدأت الشمس بحركتها الفلكية والقمر بحركته الفلكية، يلتقيان في الحركة الفلكية بالشمس 12 مرة في نفس النقطة؛ لذلك أحد العلماء قال هو ميزان الاعتدال أن يلتقيا في 12 مرة، لذلك أنت في الدورة الشمسية الواحدة ترى الهلال 12 مرة، وتراه بدراً 12 مرة، وتراه محاقاً 12 مرة لا 13 مرة فلكياً من يفهم في هذه الآيات".
وأجاب الباحث والكاتب السوري، المختص في اللغة العربية، عن سؤال "هل هذا المقصود بـ(عدة) هي هذا المفهوم؟"، قائلاً: "نعم؛ لذلك قال (عدة) ما قال (عدد)، العدة تختلف عن العدد حكماً".
مفهوم الـ"عدة" يحتاج إلى عالم فلك
وتابع سليمان رداً على "هل العدة تفهم أنه يتم إعداد اتساق القمر مع الشمس مثلاً؟": "لأنه المسألة فلكياً؛ لا بد أنه المسألة فلكية، هل وأنا هنا ما أريده، هل يكتفي بعالم تفسير متخرج من مكان ما ليفهم فيها أم نحتاج إلى علم فلك؟ نحتاج إلى عالم فلك حتى يقول لنا ما الدلالة في هذا الموضع، وعندما قال (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِّتَبْتَغُوا فَضْلًا مِّن رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ)؛ إذن آية فلكية، أنا أحتاج إلى عالم فلكي يقول لي ما عدد السنين والحساب؟ وما علاقة الليل والنهار؟ وما علاقة الشمس والقمر بالفلك؟ لذلك، وهنا أيضاً إشكالية أخرى، بما أننا نتحدث أيضاً عن اللغة العربية واللسان العربي، المشكلة في كلية الشريعة، وأنت ربما أيضاً تعلم هذا الموضوع يدخل في الجامعة في كلية الشريعة، الطالب في السنة الأولى يتخرج في السنة الرابعة في الشريعة، وله الحق في أن يقول في القرآن الكريم ما يشاء، مع أنه لم يدرس في كلية الشريعة أربع سنوات اللغة العربية إلا شرح ابن عقيل (أوضح المسالك) في جزء أو في جزأين، طيب كيف تستطيع أن تفهم كلام الله، عز وجل، الذي جاء بلسان عربي مبين، دون أن تفهم اللسان نفسه؟!".
أنزلناه بلسان عربي.. أنزلناه حكماً عربياً مبيناً
واستكمل د.محمد عناد سليمان: "فهذه إشكالية؛ لكن بسبب الذهنية العربية أن المتخرج في الشريعة، له الحق أن يقول ما يشاء، وأن يصدق في ما يقول، وأنت صاحب التخصص لا يمكن أن تصدق في ما تقول؛ لذلك الكلمة لا تكون مقبولة منك، وإن كان الصواب معك فقط؛ فهذا هو دلالتها اللفظية، وهذا دلالتها اللسانية في سياقها الصحيح، فلماذا ذهبنا مذاهب أخرى لا علاقة لنا بها..؟!".
الشهر الزمني هو اتفاق بشري لا علم فلكي
وأجاب الباحث والكاتب السوري، المختص في اللغة العربية، عن سؤال "عند ربطها مثلاً (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ)؛ هل هنا يعني مَن شهد منكم الشهر، يشهد معناه، الزمن كشهر، إذا اعتبرنا الشهر كزمن، لا يشهد يعني لا يرى، إذا اعتبرناه شاهداً؟"، قائلاً: "الظهور لأ، هو حكماً ظهور لا يمكن لشهر زمني؛ لأن الشهر الزمني هو اتفاق بشري وليس علماً فلكياً، ماذا أقصد بذلك؟ نحن الآن الأسبوع سبعة أيام، هل هو فلكي أم اتفاق بشري؟ يعني لو قلنا نحن الأسبوع قرر العالم الآن والناس أن يجعلوه خمسة عشر يوماً، مَن يمنعهم من ذلك؟ لا أحد، هو اتفاق بشري؛ لذلك عند أهل مصر قديماً كانت السنة باعتبار فلكية 360 يوماً، كانوا يجعلونها 20 شهراً؛ كل شهر 18 يوماً، فلو أردنا الآن أن نجعل الأسبوع عشرة أيام والشهر ثلاثة أسابيع، هل غيرنا في الفلك شيئاً؟ لأ، إذن هو اتفاق بشري.. وهنا تكمن المشكلة؛ إذن الفلك شيء واتفاقنا على تقسيم الشهور زمنياً شيء آخر لا علاقة له بالدلالة الفلكية، فهنا الشهر والظهور وليس الزمن؛ لأنه لو أراد الزمن لما وجدنا أحداً يتفق عليه، تجد عشرين، تجده ثلاثين، حتى نحن في التاريخ الميلادي أو الشهور الميلادية أغسطس... لأ، وعندنا كارثة سنتحدث عنها في ما بعد إن سمح لنا الوقت للخوض في هذا الموضوع تحديداً لجريجوري، التقويم الجريجوري، الآن أغسطس ملك جاء وقارن وقال لا أريد أن أكون مثل الملك السابق، ليش ثلاثين خليه واحد وثلاثين؟ هو اتفاق بشري، فلو جعلنا الشهر ستين يوماً برضه اتفاق بشري، هذا الاتفاق المشكلة إذا اقتربنا منه يقولون لك أنت تريد أن تغير الدين، طيب ما علاقة الدين في الموضوع؟! المساس بهذا الموضوع وبالتقويم الجريجوري، أنت تعلم لماذا صار التقويم الجريجوري، وسأدخل أيضاً بمصطلح التقويم والتأخير الذي نحن نعيش في طامة كبرى فيه، أصلاً الجريجوري جاء أحد العلماء إلى السلطان القيصر، إمبراطور في ذاك الوقت، قال له علماء الفلك قبلي كانوا مخطئين في بعض الثواني في الدورة الفلكية للشمس، سابقاً كان 365 فاصلة ثلاثة، ستة، ثلاثة، وأنا كتبت في هذا تقريباً أربعة مقالات، يعني بحثت فيها متعمقاً، البحث فيها كان منشأ قرآنياً بالأصل، لأنه عندي آيات فلكية ما وجدت المفسرين قد فهموها على وجهها الصحيح.
الله، عز وجل، لما يقول (والقمر قدرناه منازل)، المنازل، منازل القمر الفلكية، ثمانية وعشرون منزلاً مقسمةً على 14 برجاً في الشمس، يجب أن نقف عليها فلكياً وإلا كان الكلام منازل. ما معنى منازل؟ ما علاقتنا بها؟ هل يفهم فيها المفسر الذي لم يدرس علم الفلك لتعلم عدة السنين والحساب، أكيد لأ الآن، فجاء هذا العالم الفلكي قال لهم نعم، قال كيف؟ قال السنة أو الدورة الفلكية للشمس هي عبارة عن 365 يوماً فاصلة اتنين، أربعة، اتنين، ما هو متعارف عليه حالياً. طبعاً الإمبراطور كان حكيماً، ما قال جئت بما يخالف الماهوت كما يفعل للأسف الشديد بعض علمائنا من القتل المعنوي للباحث أو المبدع أو المفكر، أصاب أم أخطأ؛ يعني هذه ليست إشكالية، لأن أي استبداد فكري يؤدي إلى عدم الإبداع، فقال اجمعوا لجنة من علماء الفلك لنرى هذا الكلام إن كان صحيحاً أم غير صحيح، فوجدوه صحيحاً، قال إذن من تاريخنا حتى هذا اليوم كم الفترة الزمنية، قال نحن متأخرون، تقريباً خمسة عشر يوماً، ماذا فعل الحاكم الإمبراطور؟ أبداً نام الناس واحد أكتوبر وفي اليوم الثاني كان 15 أكتوبر، هذه الأمة التي تخاف على وقتها، هذا الذي حدث، اليوم واحد أكتوبر وفي اليوم الثاني أعلن اليوم 15 أكتوبر، عوضوا ما فاتهم من الثواني لمئات من السنين، فنحن نحتاج إلى مثل هذا، نحتاج إلى جرأة في مثل هذا؛ لأنه في العلم لا يمكن أن تجامل أحداً؛ خصوصاً إذا كان، وللأسف أقولها وبكل صراحة، العرب المسلمون في زماننا هذا ليس عندهم تقويم، نحن عندنا تأريخ؛ لكن هم خلطوا، أخذوا لفظة من هذا ولفظة من هذا وركبوا مصطلح لا علاقة له أصلاً بالتقويم، نحن تأريخ هجري، ما عندنا تقويم هجري؛ لأن التقويم في دلالته اللسانية ما هو تصحيح اعوجاج ما في أصله اللغوي، في أصله اللساني، وأنا قلت اللغة أستخدمها على ما تعارف عليه الناس؛ ولكن في الأصل أن أقول لساناً في أصلها اللساني تعني تقويم اعوجاج، فهل يمكن أن يرشدنا علماؤنا المختصون شريعةً وفلكياً ما التقويم أو العملية التقويمية الحاصلة؟ وما الاعوجاج الذي نقوم بتقويمه في تاريخنا الهجري؟ هل ينطبق هذا على التقويم الميلادي؟ لماذا لا نقول تقويماً شمسياً، نقول تقويماً ميلادياً؟ أقول يجوز أن نطلق عليه أنه وإن أخذوا ميلاد السيد المسيح، أخذوا التقويم الشمسي وتاريخ ميلاد السيد المسيح، فجمعوا وقالوا تقويم ميلادي هو صحيح؛ لأنهم حافظوا على العملية التقويمية، وهي زيادة يوم كل أربع سنوات في السنة الكبيسة، هذا موجود؛ لأنه اتنين، أربعة، اتنين، في حركة الشمس كل ثلاث سنوات تؤدي إلى يوم ربع، ربع إلى يوم، فنحن نزيد يوماً، طيب السؤال مطروح في حال لم نزد هذا اليوم، ماذا يحدث؟ وعندما نزيده ماذا يحدث؟ يحدث أنه كل مئة وعشرين عاماً لو لم نزده لجاء أيلول مكان شباط وشباط جاء في مكان أيلول".
التقويم الهجري والتاريخ الهجري
وأجاب د.محمد عناد سليمان، عن سؤال "كيف يمكن أن يأتي رمضان مثلاً أو يأتي أي شهر مرة في الصيف ومرة في الشتاء، ومرة في الخريف ومرة في الربيع.. إلى آخره؟ وإنه ميلاد الرسوم مرة يكون هنا هو موجود في ربيع ثانٍ ومرة كيف يأتي في الشتاء وهو موجود في الربيع مثلاً؟ كيف يأتي ربيع أول في الشتاء وهو الربيع الأول هو الربيع يعني؟ لماذا الإصرار على العقل العربي الرسمي أن يبقى على هذا، ما يُسمى الذي تجاوز ما يُسمى تقويماً أو التأريخ حقيقة قائماً؟"، قائلاً: "طيب سأستطرد فيه لترى حجم الكارثة التي نعيشها بسبب ذلك؛ لكن أرجع السبب الذي تفضلت أو السؤال الذي سألته إلى أمرَين من وجهة نظري، الأول هو توافق الناس على مفهوم ما والخروج عنه ليس بالسهولة، وما يأتي مخالفاً لهذا المفهوم هو الخطأ، هذا تعارف عليه الناس، الأمر الثاني هو إعطاء التاريخ الهجري صفة القداسة؛ أي أصبح مقدساً، منزلاً منزلة النص المقدس، لا يمكن أن تغيره، فإذا أردت أن تقول نريد أن نغير في التاريخ مباشرةً، يأتي الرد، هل تريد أن تغير سنة النبي، صلى الله عليه وسلم، متجاهلين أن من وضع التاريخ هو عمر بن الخطاب أصلاً، ليست له علاقة، ولا أبو بكر الصديق، من قِبل عمر، ومن بعد النبي صلى الله عليه وسلم، رضي الله عنهم جميعاً.. الآن السؤال المطروح، وهذا حق لنا، ما هو التقويم الفلكي الذي كان يعتمده أبو بكر وعمر والنبي صلى الله عليه وسلم، قبل ذلك؟ نريد إجابات، ما عندنا إجابات، ثم لو عدت إلى صحيح البخاري، ماذا يقول لك؟ باب بداية التأريخ ما قال لك التقويم، ويقول لك الحادثة التي وردت هي لماذا أنشئ هذا التاريخ؟ أن الصحابة جاؤوا إلى رئيس الدولة في ذلك الوقت، وهو عمر بن الخطاب، يتحدث به على أنه رئيس دولة وليس مشرعاً، قالوا يأتينا الكتاب من الروم والفرس مؤرخاً ولا تاريخ عندنا، فلماذا نرد، إن عندنا مسألة تقنية مؤسساتية، كيف يمكن أن نقوم بحلها؟ فاجتمعوا، أهل المشورة، قالوا نؤرخ بميلاد النبي، صلى الله عليه وسلم، ونؤرخ بوفاة النبي، فاتفقوا.. لذلك أقول لو اتفق العرب في أيامنا هذه أن يؤرخوا بوحدتهم لجاز لهم ذلك، ولم يخالفوا شرعاً ولا مقدساً، ولنبدأ بتاريخ جديد.. ما المانع إذن؟ هو اتفاق برئيس الدولة بذاك الوقت ورأى ذلك؛ لكن أن نجعله مقدساً إلى قيام الساعة، وفيه ما فيه من كوارث، وأنا أقصد بماذا ما فيه من كوارث التأريخ، صحيح الغرب كان يؤرخ ببناء مدينة روما بعد سبعمئة أو ثمانمئة سنة ميلادية، أرخوا بوفاة السيد المسيح، إذن هو اتفاق؛ لكن فلكياً لم يلغوا زيادة اليوم كل أربع سنوات، صحيح، نحن الآن ما الكارثة؟ نحن في التقويم الهجري يجب أن يكون تقويماً قمرياً، وهذا شأننا عند العرب، لك فلكياً أن تقوم بالشمس وأن تأخذ تقويمك من القمر، لك ذلك، وإن كان ما عاش الناس كما تفضلت على الليل والنهار، أي على التقويم الشمسي، حكماً ما عاش الناس، وهذا يعطينا أيضاً في القرآن الكريم عدة المرأة مثلاً ثلاثة أشهر شمسية ولّا قمرية؟ لا يمكن أن تكون قمرية؛ لأنك ترى القمر في وضح النهار في بعض الأيام، فكيف يكون بداية يوم جديد بالنسبة إلى المرأة؟! أيضاً لا بد أن يكون شمسياً بتعاقب الليل والنهار.. الله، عز وجل، وأنا أذكر هذا المثال حرم صيد البر في الأشهر الحرم، بغض النظر ما قاله العلماء في الحج، لأ؛ لماذا في أوقات معلومة حرم؟ لأنه موعد تكاثر الحيوانات، تمام.. فلو اتفقنا الآن نحن زمنياً على أن يكون الأشهر الحرم شهر واحد، لاثنين، ثلاثة، أربعة، زمنياً اتفقنا؛ فأنا قمت بتحريم صيدها في هذه الأشهر الأربعة. تمام؛ بما أنني أعتمد التقويم القمري الذي يختصر أو يختزل كل عام عشرة أيام وكسور. تمام؛ بعد سنوات معدودة بالنسبة لي زمنياً ستكون الأشهر الحرم خمسة وستة وسبعة وثمانية، صحيح؛ فأنا سأحرم صيد الحيوانات أو البر في خمسة وستة وسبعة وثمانية صحيح، وأحل صيدها في واحد واثنين وثلاثة وأربعة؛ ولكن حقيقة هل الحيوانات تختزل موعد تكاثرها عشرة أيام كل عام؟ غير صحيح، فأنا قتلتها في موسم تكاثرها، لذلك كثر التصحر في البلاد العربية واندثرت الحيوانات البرية تاريخياً مع طول الفترة الزمنية، الإنسان يذهب إلى الحج يعني يذهب معه عدة الصيد.. في موضع آخر".
القرآن الكريم يفسر بعضه بعضاً
وأضاف سليمان: "لذلك القرآن الكريم يفسر بعضه بعضاً، الله عز وجل في سورة (الفتح) التي نقرأها من أولها إلى آخرها (الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين)، ما يوم الدين؟ لو عدت إلى كتب التفسير تجد عشرات الأقوال، طيب الله عز وجل قال في آية أخرى، في موضع آخر، قال (ثُمَّ مَا أَدرَىٰكَ مَا يَومُ ٱلدِّينِ يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِّنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِّلَّهِ)؛ هو فسَّر وانتهى، القضية لا نحتاج إليها... طب هو فسَّره، إذن لذلك ابن كثير أشار، قال أعلى درجات التفسير أن يفسر القرآن بالقرآن، فلماذا لم تلجؤوا إلى ذلك بمَن هم أعلي درجات التفسير، لماذا لا يفسر؟ لأنه تفسر النص من داخله، فنحن الآن في هذه الإشكالية.. الله عز وجل يفسر القرآن بالقرآن، لما قال منها إن عدة الشهور ثم في الآية اللي بعدها قال منها أربعة حرم، يعنى تحدث عن أشهر حرم، لا يتحدث عن الإحرام، فلفظ حرم صيد البر وأنتم حرم؛ أي في الأشهر الحرم".
إشكالية الشهر النسيء مثالاً
وتابع د.محمد عناد سليمان رداً على "نحن اتفقنا أن الآية الشهور مقصود فيها الإعلانات": "الإعلانات أو الظهور؛ وهي متتالية وليس الثلاثة متتالية وواحد فرده، كما قال الإعلانات هي بما أنه يعتمدون على القمر في معرفة التقويم أو في معرفة الفلك أو في معرفة الحساب، يجب أن يعتمدوا على الشهور، أي ظهور الهلال، لا بد، قُلنا مَن يعتمد على الشمس في حسابه الفلكي يزيد يوماً، ومَن يعتمد في حسابه على القمر يجب أن يزيد شهراً كل ثلاث سنوات، هل نستطيع أن نتخذ قراراً جريئاً ونقوم بعملية حسابية كما قام الجريجوري وأضاف أربعة عشر يوماً في ليلة واحدة، وأن نضيف ما فاتنا باتخاذ قرار جريء بلجنة مختصة فلكية، مختصة، وليس من المفسرين. هذه إشكالية، طيب لماذا نزيد شهراً كل ثلاث سنوات؟ لماذا؟ ما قُلنا يختزل كل سنة عشرة أيام، عشرة أيام في السنة الثالثة، أصبح ثلاثين يوماً، بما أننا نعتمد على القمر الذي دورته الفلكية ثلاثون يوماً، يجب أن نضيف شهراً كل ثلاث سنوات، هل هذا الكلام كلامي؟ هل هذا الكلام أنا منفرد به؟ كم عدد سكان الصين حالياً في عصرنا هذا؟ ما يفوق عدد المسلمين بقليل، ومع ذلك بما أنهم يعتمدون على القمر يزيدون شهراً كل ثلاث سنوات. إذن لسنا بدعةً من هذه الأمور، وهو موجود في عصرنا الحالي، فلماذا؟ لأنهم اعتمدوا على القمر، فيجب على مَن يعتمد على القمر أن يزيد هذا الشهر الذي سُمي اعتباطاً في ما بعد الشهر النسيء، وخلطوا الآية بهذا الشهر، فظنوا أن نسيء زيادة في الكفر، هو الشهر المقوم، فخلطوا بين التقويم وبين الشهر النسيء، وهذا موضوع كبير جداً..".
إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ
واستكمل الباحث والكاتب السوري، المختص في اللغة العربية: "على سبيل المثال؛ رمضان الذي أصبح متنقلاً من مكان إلى مكان، والصحيح أن يكون في وقت معلوم في مكان أو في فترة زمنية محددة لا يتنقل على بقية السنة، وهذا الكلام لن يقبله أحد، علماً بأنه عندنا إشارات ودلالات على أن النبي، صلى الله عليه وسلم، صام في وقت محدد معلوم، ولم يصم على مدار السنة، ثم نسأل السؤال التالي: إن كان الدليل على إلغاء الشهر المقوم، أنا أسميه قول الله، عز وجل، (إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ)، متي نزلت هذه الآية حسب ما قاله أصحاب أسباب النزول في السنة العاشرة من الهجرة أو التاسعة من الهجرة، طيب وأسباب النزول، وما قاله العلماء متى فرض الصيام؟ كما يقولون فرض في السنة الثانية من الهجرة، فأنا أسأل السؤال التالي: كيف صام رسول الله لنرى سنة النبي صلي الله عليه وسلم في الصيام، هل كان يصوم على الشهر المقوم بإضافته أم لا؟ أسئلة يجب أن نجيب عنها صراحةً.. (نحاول نقدم آلية للناس، من أراد أن يفهم النص القرآني يعني بمستواه المعرفي باستخدام هذه الآلية إنه يعني يتمكن)؛ تفسير الموضوع بلجانه المختصة.. تفسير الموضوع دون العودة إلى قال الشيخ الفلاني والشيخ الفلاني.. أبداً".
نحن بحاجة إلى دراسة اللفظ
وقال د.محمد عناد سليمان: "الحروف، دلالة الحرف في المعنى، في نفسه على المعنى حكماً؛ لأن للحرف دلالةً على المعنى بنفسه، فإذا جعلته في مكان آخر مع حرف آخر، سيدل على هذا المعنى، لا يمكن أن تجعل نزل بمعنى سقط، لا يمكن وإن كان في الذهنية من ارتفاع إلى أدنى من علو إلى أسفل؛ لكن لا يمكن لأن السين تدل على معنى في نفسها لا يدل عليه النون في المعنى الذي يدل عليه في نفسه؛ لذلك نحن بحاجة إلى دراسة اللفظ، هل هناك دراسات حقيقية لاستقراء كلام العرب ودراسة اللفظ في مواضع كثيرة وتآلفه مع غيره؟ وماذا أدى في المعنى؟ لا توجد عندنا دراسات حقيقية، لا توجد محاولات بحثية، أنا أقول دراسات".
الترتيل في القرآن هو التتابع لا تحسين الصوت
وأضاف الباحث والكاتب السوري، المختص في اللغة العربية: "لفظ الترتيل وهو من المعاني التي تفهم خطأ أيضاً في مفهومنا الذهني الجمعي، الآن الترتيل هو تحسين الصوت في القرآن الكريم، وهو غير صحيح، الترتيل هو التتابع؛ أي لا بد لدراسة القرآن الكريم أن نجمع أيضاً الموضوع الواحد والمواضع، لتصل إلى الصورة.. على سبيل المثال، قصة موسى تجدها في سورة البقرة، تجدها في سورة الأنبياء، كيف أفهمها في موضع واحد؟ القرآن الكريم لم يسلط الضوء كاملاً في موضع، يجب علينا أن نأخذ المواضع كلها التي وردت فيها هذه القصة؛ لنصل إلى صورة متكاملة وفهم مقبول صحيح إلى هذه القصة. إذن؛ لا بد من التفسير، إضافة للموضوع التفسير، الآيات ذات الموضوع الواحد في مكانها الصحيح، وكذلك الآن خذ على سبيل المثال الله، عز وجل، في سورة الإخلاص، وأنا حدث معي أيضاً موقف في هذا (قل هو الله أحد) ما معنى أحد؟ رد مباشرة، يأتي الرد واحد: الله أحد؛ يعني واحد، يعني هل يجوز لي أن أقول قل هو الله أحد علماً، في اللغة الهمزة تبدل من الواو كإشاح ووشاح في لسان العرب، تُبدل؛ لكن الهمزة في دلالتها تعطي معنى آخر غير دلالة الواو في آية أخرى، (إنما إلهكم إله واحد) هل يجوز لي أن أقول إنما إلهكم إله أحد؟ لا يجوز، لماذا؟ قال لأن أحد أي كل بلا تركيب وواحد بلا ثان، الله، انظر (الحاء والدال) موجودان في كلا اللفظَين؛ لكن ماذا دلت الواو وماذا دلت الهمزة؟ لأنه (أحد) كل بلا تركيب، لأنه لو كان مركباً لكان مجزءاً، والمجزأ يحتاج كل جزء إلى جزئه، وهذه لا يستحق أن تكون صفة في الإله لعجزه، بينما واحد؛ أي لا ثان له، انظر، حرف واحد دل على معنى مغاير، هل نستطيع أن ندرس القرآن الكريم بهذا المستوى؟ أنا أسميه مستوًى صرفياً لدلالة اللفظ في نفسه، أنا أتمنى ذلك، وأنا ضمن جهدي المتواضع أقوم بأبحاث كما تفضلتم لي دراسات بحثية وليست دراسات يقوم عليها اتخاذ قرارات واتخاذ مفاهيم وتصحيح مفاهيم أصلاً هي كانت موجودة في السابق، يعني أنا أتمنى ذلك".
العقل الرسمي العربي والكسل عن قراءة ما هو ظاهر في النص
وأجاب د.محمد عناد سليمان عن سؤال "لماذا هذا الكسل عند العقل الرسمي العربي؛ خصوصاً العقل المتدين أو العقل المؤسساتي أو أسميه الدين المدرسي أو التدين المدرسي، حقيقة لماذا هذا الكسل عن قراءة ما هو ظاهر في النص والإصرار على استخدام نفس الثقافة الآبائية أو الرأي الآبائي القديم يعني؟!"، قائلاً: "والله أنا أرى أن هذا الأمر يرجع إلى أسباب؛ منها ركون العقل العربي إلى السهولة واستلام ما هو جاهز والابتعاد عن التفصيل والبحث، لأن البحث سيؤدي بك إلى التهلكة في ظل الاستبداد الفكري والاستبداد الديني والاستبداد السياسي. المجتمعات العربية حقيقة يعني، يجب ألا نجامل، هي تعيش هذه الحالات الثلاث من الاستبداد، وعلى سبيل المثال أنا الآن الدكتور باسم مشكوراً يتحدث معي، لكن الدكتور باسم يتحدث كفكر؛ هذا الفكر، مَن الذي أسهم في تكوين هذا الفكر؟ أنا من وجهة نظري أرى أن مَن أسهم في تكوين فكر أي إنسان، معايير ثلاثة؛ المعيار الأول: المعيار الاجتماعي المتمثل في العادات والتقاليد، والمعيار الثاني: معيار الدين المتمثل في الحلال والحرام، والمعيار الثالث: المعيار السياسي المتمثل في المسموح والممنوع، فإذا أردنا أن نغير العقل العربي يجب أن نقوم بتهيئة المعايير الثلاثة القائمة على قبول الآخر والاستنباط والابتعاد عن الفكر الجاهز المعتمد الذي يمنعك من التفكير، وهذا يحتاج إلى أجيال؛ هل لدينا القدرة فعلاً على تكوين هذه المعايير الثلاثة لإنشاء العقل الإنساني الجديد، العقل العربي الجديد؟ العقل العربي حتى هذه اللحظة لا يستطيع قبول الآخر على علاته؛ إما أن توافق أو تكون خارجاً، أو كما قال بعضهم العقل العربي ما زال حتى هذه اللحظة نتيجة هذه الاستبدادات الثلاثة، إن جاز لي التعبير، وهو صحيح، الاستبدادات الثلاثة، لا يستطيع إلا أن يسأل عن المسموح والممنوع، عن المحلل والمحرم، المقبول والمرفوض؛ لكن لا يستطيع أن يسأل عن الحق والباطل، لا يستطيع أن يسأل، هو بعيد كل البعد عن الحق والباطل؛ لذلك وصلت المجتمعات العربية إلى هذه الحالة من المأساة في الحياة اليومية، هي مجتمعات متهالكة حكماً، مجتمعات متهالكة ومصيرها الزوال، إن بقيت على هذه الآليات مصيرها الهلاك، وأضرب لك مثالاً أذكره في أكثر من موقف في سورة الكهف التي يقرؤها الناس في كل جمعة، قال الله، عز وجل، على لسان الرجل (وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَٰذِهِ أَبَدًا)، رد عليه المحاور قال (أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا)، (لَّٰكِنَّا هُوَ ٱللَّهُ رَبِّي) في آخر الآية، وأنا أختصر الآيات لحتى أصل إلى المراد، ليس لأني لا أحفظ القرآن، أحفظ القرآن الكريم منذ خمس وعشرين عاماً ولله الحمد، لكنه الله ربي ولا أشرك بربي أحداً، أنا أسأل نفسي: ما الكلام أو القول الذي قاله المحاور ليرد عليه بالكفر والشرك في السياق نفسه؟ هذا ما تجد المفسرين سألوه، هذا السؤال ولا تجدهم أجابوا عنه أصلاً؛ لأنهم لم يسألوه، (قال ما أظن أن تبيدَ هذه أبداً) قال (أكفرت)، ثم بين له ليدلل لنا على أن الثبات من صفة الخالق، والتغيير... الثبات من صفة الخالق، والتغيير من صفة المخلوق؛ فمن شارك الخالق في الثبات فقد ابتدع الشرك؛ لذلك قال له (أكفرت بالذي..) أي كذبت، وفي القرآن الكريم (كفر) لم ترد إلا بمعناها اللساني، ليس بمعناها الاصطلاحي؛ أنه خروج من الملة، لذلك دخلنا في مفاهيم أخرى ما أنزل الله بها من سلطان. إذن (أكفرت بالذي خلقك)، ثم بيَّن له أطوار التغيير، أنك أنت في نفسك متغير، فكيف تدعي الثبات، من ثم سواك رجلاً، وفي الآخر قال لكنه هو الله ربي ولا أشرك، لا أدعي الثبات ولا أدعي لنفسي صفة هي من صفات الخالق؛ فالمجتمعات التي تدعي الثبات شاركت الخالق في صفة من صفاته، وذهبت بأرجلها إلى الهلاك؛ لذلك نحن يجب أن نقوم بمراجعة علمية حقيقية لهذا الموضوع، ونتخذ قرارات جريئة بهذا الموضوع؛ إن أردنا الاستمرار والإسهام في الحضارة اللسانية".
نموذج رائع علمي في المحاججة بين إبراهيم ومحاوره
وأضاف الباحث والكاتب السوري، المختص في اللغة العربية، رداً على "المشكلة أن الآيات التي تمنع الإيمان بالآبائية واضحة وضوح النص القرآني، لكن في نفس الوقت تجد أن المؤسسات الدينية الرسمية القائمة في المجتمعات العربية والإسلامية ما زالت تدعو إلى تثبيت ما ورثته من الآخرين، وتحميله على ظهورنا إلى السنين القادمة، أن هذا هو الفهم الصحيح للنصوص أو النص الديني": "من وجهة نظري، هذه المؤسسات التراثية القائمة لتقوم بهذا الأمر من أجل أن تثبت سطوتها على المجتمع، أن تتدخل في حياتك اليومية، في كل جزء من حياتك باسم الدين، هذا أمر. الأمر الثاني، وهو الأهم، لعجزها عن تقديم البديل؛ لأنها بالأصل هي أصلاً أخذت العلم المتوارث، هي لم تأخذ العلم عن بحث؛ يعني خُذ على سبيل المثال من قضية البحث أو المحاججة، يعني أحياناً يقول لك أنت كيف تقدم أو تحاجج في القرآن الكريم؟ أعطانا نموذجاً رائعاً علمياً في المحاججة بين إبراهيم ومحاوره بغض النظر على اسمه النمرود أو النمروط، وبين إبرهيم ورب العالمين؛ (إذ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ)، كيف قال الرواد؟ جاء برجل أنت مُت، سيدنا إبراهيم عليه السلام، هل طعن في القائل؟ لم يطعن في القائل، وإنما لجأ إلى حجة أخرى، (قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ)؛ فلما عجز المحاور عن تفنيد الحجة لجأ إلى التشخيص، وهو النيل من القائل؛ لكن هذا أدخل الشك في قلب أبينا إبراهيم، وكثير من الناس يقولون لك أدخل الشك يعني شك في إيمانه، أبداً شك في قوة حجته، أريد التثبت من أن حجتي قوية، (قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَىٰ وَلَٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي)؛ لأنه استطاع المحاور أن يفند حجتي، فكيف أنا أستطيع أن أقوي حجتي، فأرشده الخالق، عز وجل، (قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ)؛ أي ليعلمه أن الإحياء والإماتة هذه هي التكوين من عدم وليس كما فعل هذا النمرود، فحجتك كانت قوية..".
جميع الرسائل السماوية جاءت خادمةً للإنسان
وتابع سليمان: "وعلى سبيل المثال من غرائب التفسير أن بعض المفسرين قال قلبي، هو صديق إبراهيم اسمه قلبي، غرائب التفسير وعجائب التأويل التي ذكرها الكرماني في تفسيره، وبما أنني أتحدث عن القلب أيضاً في القرآن الكريم من أوله إلى آخره، لم يرد القلب مراداً بهذه المضغة أبداً، لم يرد، وإنما وردت هي المرحلة الثانية من مراحل التفكير الإنساني تفئيد الفكرة ثم تقليبها ثم عقلها أي تنفيذها، هذه هي المراحل الثلاث من مراحل التفكير الإنساني، فنحن لماذا نذهب ونبتعد كثيراً. إذن هذه المؤسسات هي عجزت حقيقةً عن تقديم البديل؛ لأنهم لم يكونوا أهلاً لذلك، وما علموا أن القرآن الكريم جاء فيه موضوعات مختلفة، موضوعات كونية لا تقتصر على العلم الشرعي فقط، لا يمكن أن تقتصر على العلم الشرعي كما تحدثنا قبل قليل، عندنا آيات كونية، آيات مناخية، آيات للتضاريس، آيات للزراعة، آيات.. آيات للاقتصاد، آيات للمال؛ لكن أنا أختصر المسألة في أمر حتى نعود إلى صوابنا ورشدنا في تحقيق الغاية الأسمى من الرسالة السماوية؛ سواء أكانت إسلامية أم غير إسلامية، جميع الرسائل السماوية جاءت لتكون خادمةً للإنسان والارتقاء به نحو الأفضل؛ لكن علماء الشريعة ورجال الدين والكهنة من مختلف مسمياته جعلوا الإنسان خادماً للرسالة، فضاعت الرسالة وضاع الإنسان، لذلك في القرآن الكريم جعل المحرم بنص صريح، حلالاً بنص صريح، ليحافظ على حياتك وليعلمك ثقافة الحياة في سبيل الله، فمن أين جاءت ثقافة الموت في سبيل الله الذي جعل المحرم بنص صريح، حلالاً بنص صريح؟!".
نقطة تحول في حياتي.. كنت صوفياً أكثر من 17 عاماً
وأجاب د.محمد عناد سليمان، عن سؤال "الآن أتحدث عن تجربتك الشخصية أنت؛ يعني في كيفية نشوئك أو وصولك إلى هذه الطريقة في التفكير؟ وما علاقة الصوفية أو التصوف بطريقة اندفاعك تجاه استخدام اللغة العربية أو اللسان العربي في قراءة النص؟ هل للصوفية دور في توجيهك إلى هذا المنحى أم أن الصوفية شكلت منطلقاً يعني متناقضاً؟"، قائلاً: "هو البداية يعني أقول كانت نقطة تحول في حياتي، وأنا كتبت في ذلك، وأُصر على أنها كانت نقطة التحول في حياتي، عبارة عن جملة بسيطة وردت في كتاب من كتب التفسير، نحن لما كنا في جامعة دمشق في مرحلة الماجستير يعني، أقر قسم اللغة العربية في دراسة الماجستير على أن تفسير البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي، المتوفى سنة 748 هجرية، ويبدو هذا التفسير، وهو يعني ربما التفسير الوحيد الذي جمع النحو، وهو كتاب أقرب إلى النحو منه إلى التفسير؛ ففي هذه الأثناء عام 2003 تحديداً، أنا كنت صوفياً، يعني أنا متصوف لمدة تزيد على سبعة عشر عاماً، وكتبت في ذلك في المقدمة، قُلت ولا تستغرب من ذلك، إذ إن الطفل الصغير أراد أن يتعلم كتاب الله وسُنة نبيه، فذهب إلى أقرب مسجد، ويكاد يكون المسجد الوحيد في الحي، فكل ما يقوله الشيخ صحيح، فلا تستغرب مني ذلك، وهذه طبيعة عند الناس جميعاً وفي مجتمعاتنا بشكل عام، فكنت متصوفاً لمدة تزيد على 17 عاماً، وبلغت حتى في التصوف مرحلة إجازة المريد على الطريقة النقشبندية، اللي هي موجودة أو المشهورة في مواضع الشيخ اللي كان ولي الطريقة في ذلك الوقت، الشيخ أحمد كفتار مفتي الجمهورية، وكنا في مجمع أبي النور، أنا أتحدث به عن الحكاية.. مجمع أبو النور في دمشق، فمجمع أبو النور في أسفل المسجد، المجمع هناك مقام الشيخ أمين الكردي الزملكاني، الذي هو من سلالة الطريقة النقشبندية، التي تنسب إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، والنبي منها بريء، فكان في كل جمعة ينزل إلى مقام هذا الولي أو هذا المقام ولا يعطي الدرس، حتى يستأذن من صاحب القبر، وهذه موجودة عند الصوفية بشكل عام، يعني هم يؤمنون بتأثير الأموات على الأحياء، وليس هذا يعني حكراً على الطريقة النقشبندية، تجده في الطرق الصوفية الأخرى، كالطريقة التيجانية والطريقة الكبراوية.. وإلى ما هنالك، فهذا موجود عندهم بعض القواعد الصوفية التي لا ينبغي الخروج عليها، ومن يخرج عليها فقد طرد من رحمة الله عز وجل؛ لأن القاعدة عندهم لا تعترض فتنطرد، هذه إشكالية، فكان يستأذن من صاحب القبر من أجل أن يعطي الدرس، فإن لم يأذن له ربما لا يعطي الدرس، هذه حقيقة؛ لكن أنا أريد الإشارة إلى تجربتي الشخصية.. هذا العقل الذي أمامك الآن ضمن تلك المنظومة الفكرية، كيف انقلب إلى هذه المنظومة الفكرية التي الآن تنقد كل ما تسمع، الله عز وجل يقول (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ)، شرط الاتباع بالمعرفة والعلم، فإن لم يكن عندك علم يجب ألا تتبع ولا تقفُ من القفا، ليس لا تقف بمعنى وقف، هي من قفو، ولا تقفُ، لا تتبع ما ليس لك به من علم (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا)، فأنا شيخي كان في كل درس يتحدث عن الشيخ محيي الدين بن عربي، محيي الدين بن عربي الذي له مقام في دمشق يعني وتكية معروفة، كان كل ما ذكر يقول قدس سره صاحب الطريقة الكبراوية شيخ محيي الدين بن عربي، صاحب الطريقة الكبراوية، يقول قدس سره، فأنا في مرحلة الماجستير وأنا أنسخ المخطوط، ورد معي قول لأبي حيان، وهو موجود في كتابه في التفسير. أبو حيان التوحيدي 400 هجرية، بينما أبو حيان 748 هجرية، فقال ويتحدث عن طائفة الحلول والاعتقاد، أن الله عز وجل يحل في جسم الإنسان، قال وقد صنف شيخنا قطب الدين القسطلاني كتاباً في هذه الطائفة، فذكر منهم ابن سبعين والحلاج ثم وصل إلى وصاحب الفصوص، نعوذ بالله منه، صاحب الفصوص، فصوص الحكم هو ابن عربي، وله كتاب آخر هو الفتوحات المكية، ولي قصة أيضاً معه، فأنا هنا توقفت كباحث كيف يقول شيخنا قدس سره، وكيف يقول هذا الكاتب الذي هو أقرب عهداً وزماناً، نعوذ بالله منه؛ فوالله أغلقت الماجستير ما يقرب من ستة أشهر، واعتكفت في مقام الشيخ محيي الدين ابن عربي في دمشق، قرأت كل ما كتب عن الشيخ محيي الدين بن عربي، فوصلت إلى نتيجة ما كنت أتوقع أن أصل إليها؛ أن الطريقة النقشبندية التي أنا عليها في أصل نشأتها هي كانت وسيلة استخباراتية وضعها خالد البغدادي، وكان ضابطاً في الدولة العثمانية أو التركية العثمانية أو التركية؛ من أجل أن يسيطروا على أكبر عدد من الناس، فسألته السؤال التالي: إذا كان هو مبتدعها، فكيف تنسب بهتاناً وظلماً وزوراً إلى النبي، صلى الله عليه وسلم؟ لأن الناس تستطيع أن تقودها من باب الدين لا تستطيع أن تقودها أو يعذر عليك قيادتها من باب آخر، فالدين هو أسهل الأبواب؛ لذلك تتقاسم السلطة في معظم الدول، تتقاسم السلطة مع رجال الدين؛ لأن كلمة رجل الدين مسموعة، ولا تناقش، لا تناقش؛ لذلك من باب آخر وهنا ربما أربط ربطاً إن شاء الله أن يكون محكماً، أنه في خطبة الجمعة مَن يقطع الخطيب النبي، صلى الله عليه وسلم، يقول كذا، فقد لغا؛ لا يجوز لك أن تقاطع الخطيب لتكون كلمته مسموعة ولا تناقش، هذه هي إشكالية حقيقية، فرجل الدين يسهل وبسرعة السيطرة على عقول الناس في المجتمعات، لذلك تقاسموا السلطة؛ فكانت هنا البداية، علمت أن هذه الطريقة، فتوقفت الصراحة عن ذلك؛ لكن ما كنت أعلم تبعاتها وأنها ستقودني إلى السجن".
الطرق الصوفية والسيطرة على المجتمع
وتابع سليمان رداً على سؤال "هل يمكن هنا بالكثير من الطرق الصوفية في المجتمعات العربية وحتى يعني خارج المجتمعات، بمعنى المجتمعات الإسلامية هناك، حتى التصوف اليهودي ولا التصوف المسيحي، الحركة الصوفية بشكل عام قديماً؛ لكن تغول بعض الحركات الصوفية في بعض المجتمعات العربية والمجتمعات الإسلامية واضح وجلي، وأن هناك رعاية خاصة من إدارات المجتمع؛ سواء سياسياً أو حتى مالياً لهذه الحركات، هل يمكن تعميم تجربة النقشبندية على أساس تكون أداة من أدوات السلطان في ضبط حركة المجتمعات، على مجمل الحركات الصوفية؟"، قائلاً: "أنا لا أقول يمكن تعميم اللي هي فعلاً حقيقة، جميع الطرق الصوفية هي أداة من أدوات السيطرة على المجتمع؛ توظفها الإدارة السياسية من أجل تحقيق هذه المصالح، هذا حكم".
العقلية العربية سهل السيطرة عليها من قِبل رجال الدين
وأجاب الباحث والكاتب السوري عن سؤال "كيف يتبدى دور الحركة الصوفية يعني في ضبط مثلاً حركات المجتمع، في ضبط نسق المجتمع ليكون متلائماً مع الفكرة العامة للسلطة أو للسلطان أو للنظام السياسي أو... لآخره؟"، قائلاً: "هناك قاعدة صوفية ليست عند الطريقة النقشبندية فقط؛ هي عند جميع الطرق الصوفية، وهي لا تعترض، فتنطرد، الاعتراض مرفوض، ومعنى لا تعترض فتنطرد؛ أي تنطرد من رحمة رب العالمين، لذلك أنا عندما كتبت يعني كتيباً بعنوان (الطريقة النقشبندية بين ماضيها وحاضرها)، بعدما وقفت عليه من إرهاصات وأفكار و... إلى ما هنالك، أرسلوا لي بعض المشايخ من دمشق، قالوا لي لا تعترض، قُلت لهم ليه؟ قالوا تنطرد من رحمة الله، قُلت إذا كانت رحمة الله عند الشيخ الفلاني فأنا لا أحتاجها ولا تدخل، بل على العكس هل تعلم أن من أركان الطريقة النقشبندية ما يُسمى بالواسطة، أي أنك لا تستطيع أن تصل إلى رب العالمين إلا بحضور شيخك واستحضار صورته في ذهنك، لأنه هو الباب الرئيسي لإيصالك إليه، وهذا في الطرق؛ لكن هل تستطيع أن تقول شرك؟ ما تستطيع في ذلك الوقت، لذلك العقل الآن ما يؤمن بالله إلا وأكثرهم مشركون، هذا هو الشرك الحقيقي، الشرك الحقيقي أن تكفر بقانون كوني أوجده الله عز وجل، لتصل إلى المصلحة العامة؛ لذلك لما نحن تركنا هذه القوانين الكونية ولم نستثمرها على وجهها الصحيح، وصل حال العرب إلى ما وصل إليه الآن على المستوى الاجتماعي، على المستوى الثقافي، المستوى الديني، وحتى المستوى السياسي، لا أستطيع أن أعيش مسالماً..
لذلك خذ على سبيل المثال، والآن سأجنح إلى شيء من الجانب السياسي، لكن له تأثيره الاجتماعي، في الحرب العالمية الثانية عام 1945 استطاعوا يعني قتلوا من بعضهم ما يقرب خمسين ستين مليوناً إلى ما هنالك، وحتى وصل الألمان إلى، إذا كنت تذكر، إلى مشارف باريس، فأعلن استسلامه شارل ديجول في ذلك، لألا تهزم باريس، فاعتبر خائناً في زمنه، ثم أصبح بطلاً قومياً؛ لأنه حافظ على الحياة، حافظ على حياة الناس، ولم تدمر باريس.. لكن السؤال المطروح: نحن الآن وصلنا تقريباً سبعين سنة بعد الحرب العالمية الثانية، السؤال الذي أطرحه دائماً على نفسي: ما العقل وما المعايير التي استطاعت أن تغير هذا العقل الذي قتل سبعين مليوناً أو خمسين مليوناً، إلى أن يصل، إلى مرحلة ألا يقسم بيتاً لأجل الحدود؟ وضع خطأ ألا يقسم بيتاً، ما هذا العقل؟ كيف استطاع أن يصل بعد خلال سبعين سنة أن يحترم الآخر ولا يستطيع أن يقسم بينهم من أجل حدود ووضعنا خطاً على الأرض اللي هو موجود بين فرنسا وهولندا أو بلجيكا وهولندا أو بلجيكا وفرنسا؟ عندنا شواهد حية وأكثر من ذلك فيه طريق بين فرنسا وألمانيا هو طريق زراعي مررت به، وإذ وجدت تلَّتَين مرتفعتَين فشاهدت قبوراً على اليمين وقبوراً على اليسار، فسألت أحد الرجال الكبار في السن، وأظنه ممن حضر الواقعة، فأظنه لطعنه في السن قُلت له ما القبور؟ قال على اليمين ضحايا الحرب العالمية الثانية الفرنسيين، وعلى اليسار ضحايا الحرب العالمية الثانية الألمان، وجاره فرنسي، فقلت كيف استطاع هذا العقل أن يعيش معه وهم يرون هذا؟ لو كان عقلاً ثأرياً أسميه، لا أقول عقلاً عربياً حتى لا نتجنى على الجميع، أنا متأكد كلما ذهب سيقتل، كلما عاد سيسفك دماً ليتذكر الماضي، لذلك نحن الآن ما زالت الدماء تسفك بسبب الحسن والحسين، ومن قتل إلى ما هنالك، فهذه العقلية العربية للأسف الشديد، هي عقلية جمعية يمكن السيطرة عليها، أريد بسهولة السيطرة عليها من قِبل رجال الدين".
الثقافة المتوارثة وكيفية تغييرها
واستكمل د.محمد عناد سليمان رداً على "عندما نقول العقل، ماذا نقصد؟ يعني ما المحددات التي تميز العقل العربي؟": "أنا أقصد الذهنية الجمعية المتوارثة، الذهنية الجمعية المتوارثة، هذا أقصده؛ يعني الثقافة المتوارثة، كيف نستطيع أن نغيرها؟ لا بد كما قُلنا من تغيير ودراسة وتكوين المعايير الثلاثة المسهمة في تكوين العقل الإنساني، ما لم نفعل ذلك، لن نصل إلى نتيجة، نعيد النظر إليها مرة ثانية، وهنا نذكر الإمام الشافعي، رحمه الله، عندما كان في العراق قال قولاً ذهب إلى مصر، قال قولاً جديداً، لذلك قال في القديم وقال في الجديد، لماذا؟ لأنه رأى مؤثرات جديدة أسهمت في تغيير فكره وعقله، فلماذا نحرج على الآخر أن يتغير؟ لذلك نحن ندعو الشباب العربي الآن إلى ألا يركن إلى ما ثبت في أذهانهم، كله يجب أن يكون موضع البحث والتمحيص؛ لذلك يقول أظن أبو حامد الغزالي، وليس المراد من الشك الرفض أو الاتهام؛ وإنما البحث والتمحيص، لأجل الوصول إلى الحقيقة.. نحن يجب أن نشك لنصل إلى الحقيقة، يجب أن نبحث من أجل الوصول إلى الحقيقة، هو أصلاً الفلسفة قائمة على الشك، وهو السؤال في القرآن الكريم في عشرات المواضع يلجأ إلى السؤال، لماذا؟ حتى أعطانا الحق في السؤال عن وجوده من عدمه، قال انظر هل أنا موجود أو غير موجود في أكثر من آية، فمن نحن لنحرج من السؤال في ما هو أدنى من ذلك، فنحن لا بد أن نخرج من هذه الثقافة المتوارثة والثقافة الاستبدادية الخضوعية بمؤثراتها الثلاثة؛ الدينية والاجتماعية والسياسية، حتى نصل إلى بر الأمان".
وأضاف الباحث والكاتب السوري المختص في اللغة العربية، رداً على "خلينا نتحدث، نحصر بالتراث الفقهي المتوارث، هو هذا الذي يعني نحن نلام بأن حملناه على أكتافنا هذا اليوم، أنا لا أتهم هذا الفقه التراثي أو هذا التراث الديني أو التراث، التدين العربي القديم بأنه كان خاطئاً، ربما كان ملائماً في فترة ما": "في زمنه، في زمنه".
الثبات من صفات الخالق والتغيير من صفة المخلوق
واختتم د.محمد عناد سليمان، رداً على "لماذا نحمله على أكتافنا حتى الآن؟ هل لأنه فيه عندنا عجز في فهم آلية النص القرآني مثلاً فاضطررنا أن نستخدم القديم في تفسير الحاضر أم أنه حباً فقط في الآبائية؟": "تحدثنا قبل قليل؛ هي قضية الآبائية، جميع الرسل في النص القرآني جاؤوا للابتعاد عما وجد الأبناء عليه آباءهم، ولا بد من أن يغيروه، ونحن قلنا قبل قليل الثبات من صفات الخالق والتغيير من صفة المخلوق، وأشرنا أيضاً وقلنا إنه لعجزهم عن ذلك وركن العقل العربي الثقافة العربية إلى الجاهز، يعنى هو يعتمد على وصول المعلومة بأسهل طريقة، وأسهل طريقة أن تركن إلى ما وصل إليه السابقون، علماً ونحن لا ننتقص من السابقين ضمن إطارها الزماني والمكاني، لذلك المعرفة يعني تتغير بتغيير أدواتها، هذا حكم، فما وصل إليهم في ذاك الوقت العلم، لكن المصيبة في أنني في هذا العصر تعيدني إلى ما قاله هؤلاء في ذلك العصر، هذه إشكالية حقيقية؛ ألا نستطيع أن نأتي بأقوال جديدة تناسب هذا العصر، ونقول قال فلان في هذا العصر، لماذا ترجعني أنا إلى قول فلان وفلان من الناس؟! ولا أريد أن أحدد يعني هم معلومون في الفقه، علماً بأن هؤلاء الفقهاء في زمانهم لم يجعلوا قولهم نصاً مقدساً".